وصلت الممرضتان البريطانيتان ديبورا باري ولوسيل ماكلوخلان الى بريطانيا امس بعدما افرجت السلطات السعودية عنهما بموجب توجيهات اصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، بخفض عقوبتهما والاكتفاء بالمدة التي امضيتاها في السجن لقتلهما الممرضة الاسترالية ايفون غيلفورد. وترافق وصول ديبورا ولوسيل مع جدل في الصحافة البريطانية حول تعاقدهما مع صحيفتين محليتين لنشر قصتهما مقابل مبالغ مالية سخية، ما اعتبره مشرعون "مكافأة في غير محلها" من جانب الصحيفتين للممرضتين اللتين "ثبت ارتكابهما جريمة القتل". وكانت باري 39 عاماً وماكلوخلان 32 عاماً دينتا بقتل زميلتهما ايفون غيلفورد التي عثر على جثتها مصابة بطعنات سكين بعد خنقها في غرفتها في مجمع الملك فهد الطبي العسكري في الظهران في كانون الأول ديسمبر 1996. ووصلت الممرضتان الى مطار غاتويك جنوب شرقي لندن في الساعة السادسة الا ربعاً فجر امس على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية البريطانية، ورافقهما القنصل في السفارة البريطانية في الرياض سايمون لوفيث. وقال مسافرون كانوا في الطائرة للصحافيين ان الممرضتين كانتا في حال صحية جيدة وبدا عليهما الارتياح، ما يتناقض مع التصريحات التي ادلى بها محامياهما عن انهما "تعانيان ارهاقاً نفسياً وجسدياً". ونقلت شبكة "اي. تي. ان" التلفزيونية عن رجل الأعمال الايرلندي بات ديلون الذي كان على متن الطائرة ان الممرضتين كانتا في وضع "أفضل مما تظهران أمام كاميرات التلفزيون". وعقد محاميا الممرضتين مؤتمراً صحافياً في المطار وجها خلاله الشكر للملك فهد لقرار العفو عنهما، كما شكرا السفير السعودي في لندن الدكتور غازي القصيبي والخارجية البريطانية. وقال محامي باري ان موكلته "تكن كل تقدير للشعب السعودي وتحترم الشريعة الإسلامية"، مشيراً إلى أن "الإسلام أحد الأديان العظيمة". وغادرت باري مطار غاتويك في سيارة "رانج روفر" سوداء ترافقها شقيقتها وعدد من مندوبي صحيفة "اكسبرس" البريطانية التي تعاقدت معها لشراء قصتها مقابل 125 ألف جنيه استرليني. أما ماكلوخلان التي أبرمت صفقة مماثلة مع مجموعة "ميرور" التي تصدر صحيفتي "ذي تايمز" و"صن"، فتستعد لمحاكمة أخرى في اسكوتلندا الشهر المقبل بعد اتهامها بسرقة 1740 جنيهاً استرلينياً من مريض كان على فراش الموت. وتعود القضية إلى ما قبل سفر الممرضة الاسكوتلندية للعمل في السعودية. ولدى سماعه نبأ عودتها إلى بريطانيا، طلب مدير الرقابة المالية في مدينة داندي ان تمثل ماكلوخلان امام المحكمة في 18 الشهر المقبل، لمحاكمتها في هذه القضية. وأثارت الصفقتان مع الصحيفتين ردود فعل بلغت حد الاستهجان لدى صحف اخرى واوساط بعض اعضاء مجلس العموم وهيئة الرقابة على الصحافة. ونشرت صحيفة "ذي غارديان" ان الصحف الطامحة الى شراء قصة الممرضتين "سارعت الى فتح دفاتر شيكاتها وبدأت الارقام تتضاعف". واشارت الى ان هذه الصحف تعرضت للانتقاد لأنها تجاهلت القواعد التي "تحول دون السماح للمجرمين بالاستفادة من جرائمهم". وفتحت "هيئة الشكاوى في حق الصحافة" تحقيقاً في شأن دفع المبالغ الى الممرضتين بعد شكوى رسمية قدمها النائب العمالي جورج غالاواي الذي اكد ان "السباق" للتعاقد مع الممرضتين "يتناقض مع قواعد السلوك" الصحافية. وكان اللورد وايكهام رئيس الهيئة اضطر في السابق الى توجيه تحذير الى الصحف من التسابق على شراء قصتي مهربي مخدرات اطلقتهما تايلاند.