أكد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء السعودي وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز أن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز عفا عن الممرضتين البريطانيتين ديبورا كيم باري 40 سنة، ولوسيل ماكلوشلان 32سنة، المتهمتين بقتل زميلتهما الاسترالية ايفون غيلفورد 56 سنة في مجمع الملك فهد الطبي العسكري في الظهران، والموقوفتين في سجن خاص بالنساء في الدمام منذ كانون الأول ديسمبر 1996. وتوقعت وزارة الخارجية البريطانية اطلاق ديبورا ولوسيل في وقت متقدم مساء امس. وأكد رئيس تحرير صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية بيرز مورغن ان الصحيفة ابرمت صفقة لنشر رواية لوسيل مقابل مبلغ يتجاوز مليون جنيه استرليني. واعتبر الأمير سلطان ان قضية الممرضتين "أعطيت أكبر من حجمها، فهي جريمة عادية، وصدر فيها حكم شرعي صحيح". وشدد على أن عفو الملك فهد عن الممرضتين "ليس إرضاء للصحافة الأجنبية أو مهابة منها، لكن للإسلام منناً على العباد، واستخدم ولي الأمر الملك فهد هذه المنّة الإسلامية". وبمقتضى الشريعة الإسلامية لولي الأمر إسقاط الحق العام او تخفيفه بعد تسوية الحق الخاص، وعادة يكون الحق العام في جرائم القتل السجن خمس سنوات كعقوبة تعزيرية يقررها ولي الأمر أو من ينيبه وله أن يعفو عنها أو عن بعضها. وقال مصدر قضائي سعودي ل "الحياة" إن 80 في المئة ممن يقضون أحكام الحق العام يخرجون قبل اكمال مدة العقوبة لحسن سلوكهم، أو بالعفو الملكي. وكان السفير السعودي في لندن الدكتور غازي القصيبي أعلن في وقت متقدم ليل الثلثاء ان الملك فهد "اصدر قراراً بخفض عقوبة الممرضتين الى المدة التي قضيتاها في السجن حتى الآن، واطلاق سراحهما"، مؤكداً ان ذلك "استجابة لطلب من أسرتي الممرضتين البريطانيتين". وتوقع أن تعودا إلى بريطانيا خلال يومين. وعبر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن شكره العميق للملك فهد "لقيامه بهذه الخطوة التي ننظر اليها على انها عمل انساني كريم"، فيما نوه وزير الخارجية البريطاني روبن كوك بپ"الخطوة النبيلة للملك فهد". ونقل محامي الممرضتين، السعودي صلاح الحجيلان عن موكلتيه وعائلتيهما "امتنانهم العميق لخادم الحرمين الشريفين للاستجابة الإنسانية لندائهم طلب العفو"، واعتبر ذلك "تطبيقاً مضيئاً للشرع الاسلامي الحنيف". وأكد الحجيلان أن الجميع "لمس تعامل السلطات الأمنية مع هذه القضية منذ بدايتها، إذ تم هذا التعامل وفق الموازين العادلة المتعارف عليها وطبقا لأحكام الشريعة الاسلامية السمحة". وزاد ان "دعوة محكمة الخبر ذوي المجني عليها إلى قبول مبدأ الصلح، كان له أثر فاعل في تهدئة النفوس". وشدد الحجيلان في تصريح إلى "الحياة" على أنه لن يدفع المبلغ الذي اتفق على تسليمه كدية إلى شقيق القتيلة فرانك غيلفورد، وقدره 2،1 مليون دولار "إلا بعد التشاور مع الممرضتين، وإذا قررتا دفعه كاملاً أو نصفه سأفعل، على رغم أنني أوصيهما بدفع نصف المبلغ فقط". واشترط المحامي لتسليم المبلغ إلى شقيق القتيلة اقرار الأخير بأن المبلغ دية وليس تعويضاً. وبرر الحجيلان ذلك بقوله: "الدية هي تسوية ودية ومصالحة بين الاطراف لتهدئة المشاعر ووضع حد للخصومة، وهي تدفع وفقاً للقواعد الشرعية الاسلامية". ورداً على سؤال ل "الحياة" عن مصير النصف الثاني من المبلغ في حال دفع النصف لوريث القتيلة، قال الحجيلان: "ربما يعاد للمتبرعين، على رغم أن ذلك صعب جداً، لأنهم المتبرعين حصلوا على إعفاء ضريبي ، وربما نستأذن منهم ليكون المبلغ للممرضتين كتعويض لهما عن فترة السجن" سنة وخمسة شهور". وتوجه القنصل البريطاني في السعودية سيمون لوفيت إلى الظهران لمتابعة إجراءات إطلاق الممرضتين. وقال فرانك غيلفورد أمس أن على الممرضتين ومحاميهما "الالتزام بتعهدهم"، في إشارة إلى دفع المبلغ المتفق عليه. وأكد مايكل أبوت محامي غيلفورد أنه "سيلجأ إلى القضاء إذا لزم الأمر"، في حال لم يدفع المبلغ.