لاحظت دوائر استثمارية عربية ان المنطقة العربية استفادت بشكل مباشر على الصعيد الاستثماري من الأزمة المالية والاقتصادية التي اصابت دول جنوب شرقي آسيا، وحققت تدفقات رؤوس الأموال الخاصة الى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، التي تشمل الدول العربية، ارتفاعاً قياسياً العام الماضي بلغت نسبته 120 في المئة، مقارنة بحجم التدفقات المسجل في العام الأسبق. وقدرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار حجم التدفقات الاستثمارية الخاصة الى المنطقة العربية العام الماضي بنحو 14.1 بليون دولار، في مقابل 6.4 بليون دولار حجم التدفقات عام 1996، واعتبرت المؤسسة ان المنطقة العربية مرشحة لتشكل أحد البدائل المحتملة لاستقطاب الاستثمارات التي خرجت من الدول الآسيوية أو التي كان من المفترض أن تتوجه اليها تلك الاستثمارات. وأضافت: "كان واضحا ان هذه الاستثمارات ستستمر بالدوران بين الأسواق الناشئة سعياً وراء العائدات المرتفعة التي يمكن تحقيقها خصوصاً في أسواق الأسهم حيث تكون الأصول عموماً مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية ويكون اتجاه الأسعار تصاعدياً بمعدلات عالية وخلال فترة قصيرة نسبياً بعكس أسواق الأسهم في الدول الصناعية حيث تكون الأسعار مستقرة وتميل الى التذبذب بمعدلات بسطية". ورأت المؤسسة في تقريرها الشهري ان الفرصة مواتية للدول العربية للحصول على نصيب أكبر من التدفقات المالية الخاصة لا سيما إذا ما تم التركيز على تعميق عوامل القوة والتوازن في اقتصاداتها، بما يؤكد تمايزها عن الدول ذات الاقتصادات غير المتوازنة. وأشارت الى ضرورة التركيز على ترسيخ سياسات الاصلاح والتحرير الاقتصادي، وتفعيل دور القطاع الخاص. ولاحظت المؤسسة ان غالبية الدول العربية باتت تملك رصيداً جيداً في تطبيق الاصلاحات الاقتصادية، ما انعكس على اقتصاداتها التي حققت معدلات نمو مرتفعة تتجاوز أربعة في المئة، وانخفضت معدلات التضخم الى ما دون العشرة في المئة، وقل العجز في الموازنات العامة الى دون مستوى 1.5 في المئة من الناتج المحلي، على رغم تضافر عوامل سلبية عدة العام الماضي، حيث ترافق النجاح مع عمل دؤوب في مجال برامج التخصيص وفتح مجالات جديدة أمام القطاع الخاص لا سيما في قطاع البنية التحتية وانشاء وتطوير أسواق المال. واعتبر التقرير الاستثماري العربي أنه إذا كانت الآسيوية ستدفع بمزيد من استثمارات رؤوس الأموال الخاصة الى المنطقة العربية سيتعين على الدول العربية الاستمرار بالعمل على ترسيخ بناء اقتصادات متوازنة وعدم الاستكانة الى حالة الانتعاش، إذ أن التجربة الآسيوية أظهرت ان عوامل الضعف والاختلال تتجذر في فترات الانتعاش والازدهار حين تتراجع ضغوط الحاجة الى انتهاج السياسات الاقتصادية والمالية السليمة ويصيب الوهن آليات الاشراف والرقابة، كما أظهرت التجربة أهمية العمل على تجنب المخاطر المرافقة لتدفقات الاستثمار المحفظي. ورأت المؤسسة ان انجاز منطقة التجارة العربية الحرة يعتبر من العوامل المهمة في اجتذاب استثمارات الشركات الأجنبية الكبرى للدخول في مشاريع وشراكات مع رأس المال المحلي بعد أن بات النفاذ الى الأسواق أحد أهم العوامل الجاذبة لهذه الشركات في ظل الظروف الناجمة عن تحرير التجارة والتوجه نحو اقامة تكتلات تجارية اقليمية.