لم يكن نزار قباني بحاجة الى هذا الموت البشري. الى هذه الرحلة المرهقة من العذاب الجسدي التي عاناها أخيراً لكي يدخل التاريخ. انه صوت عصرنا الشرعي الراهن من دون جدال. صوت النضال والإبداع والجمال العاطفي ومحبة الانسانية جمعاء. انه شاعر المرحلة وان قامته لترتفع كثيراً عن قامات الكثيرين من مجايليه من الشعراء. لا أرثيه فمثل نزار قباني لا يرثى، لقد عرف وحده أن يجعل من اللحظة العاطفية نهراً متدفقاً من الإيقاعات والتصورات والاحساسات ومن الكلمة النثرية لبنة موسيقية أساسية تأخذ وضعها الحقيقي في بناء القصيدة الحديثة، وإليه وحده يعود الفضل في تعميم الاحساس بالشعر وبالقيم الفنية الجديدة. لسوف نفتقده كثيراً، يفتقده الواقع العربي في ضعفه وتساقطه وانهياره، ويفتقده الانسان العربي في حيرته واضطراب خطاه تجاه المستقبل. اما نحن اصدقاءه فإننا سوف لن نذرف عليه الدموع انما نضعه في عيوننا الى الأبد.