جاء في دراسة أعدتها وزارة التنمية الاقتصادية التونسية ان ثلث المنشآت التي خصصت حققت استثمارات بقيمة 100 مليون دينار نحو 90 مليون دولار. وأكدت الدراسة التي حصلت "الحياة" على نسخة منها، ان هذه المنشآت استطاعت تأمين 500 فرصة عمل جديدة وأن حجم معاملاتها زاد بنسبة 65 في المئة بعد انتقالها الى القطاع الخاص. وقال وزير التنمية الاقتصادية توفيق بكار هذا الاسبوع لأعضاء مجلس النواب التونسي ان سياسة التخصيص ستستمر حتى استكمال تنفيذ الخطة التي وضعت في الثمانينات، وتضمنت في مرحلة أولى تخصيص منشآت القطاع العام الخاسرة وفي المرحلة الثانية تخصيص المنشآت المتوازنة التي لا ترتدي طابعاً استراتيجياً. وسيعتمد التونسيون على تمويل وضعه الاتحاد الأوروبي في تصرفهم أخيراً لتنشيط عمليات التخصيص. وكان مجلس النواب التونسي وافق الأسبوع الماضي على اتفاق بين الحكومة التونسية و"المصرف الأوروبي للاستثمار" يقضي بفتح اعتماد قيمته نحو 20 مليون دولار لتنشيط عمليات التخصيص في تونس. وبموجب الاتفاق ستتمكن مؤسسات مالية من المساهمة في رأس مال المنشآت المرشحة للتخصيص إن مباشرة او باقتناء أسهم باسم "مصرف الاستثمار الأوروبي". وحدد الاتفاق سقف المساهمة الأوروبية في رأس مال المؤسسات المعروضة للتخصيص بپ34 في المئة، فيما حدد المصرف الأوروبي سقف المساعدة المخصصة لهكذا عمليات بپ5 ملايين وحدة نقدية أوروبية لكل عملية تخصيص. وباشرت تونس أخيراً تخصيص مصنع للاسمنت في مدينة النفيضة 100 كيلومتر جنوب العاصمة تونس وهو الأول من بين ثلاثة مصانع اسمنت معروضة للبيع. وكشفت مصادر مطلعة لپ"الحياة" ان الخطوة التالية بعد استكمال تخصيص مصنع النفيضة هي طرح عطاء دولي لتخصيص مصنعي الاسمنت في بنزرت 60 كيلومتراً شمال العاصمة تونس وجبل الوسط 30 كيلومتراً جنوبتونس. واختار التونسيون مصرف "روتشيلد" الفرنسي وسيطاً لمباشرة العملية التي تعتبر الخطوة الثانية على طريق تخصيص ستة مصانع للاسمنت تابعة للقطاع العام يقدر منتوجها السنوي بنحو 5 ملايين طن من الاسمنت. وينتج مصنع الاسمنت في بنزرت 958 ألف طن ويحقق ايرادات قدرت قيمتها بأكثر من 22 مليون دينار نحو 20 مليون دولار فيما ينتج مصنع جبل الوسط 941 ألف طن وقدرت ايراداته بنحو 31 مليون دينار 28 مليون دولار. وأفادت المصادر ان مجموعات صناعية أميركية وفرنسية في مقدمها مجموعة "لافارج" أبدت رغبتها بشراء المصنعين. واستكملت تونس تخصيص 100 مؤسسة تابعة للقطاع العام منذ انطلاق خطة التخصيص في أواخر الثمانينات. وقدرت ايرادات التخصيص بأكثر من 350 مليون دينار نحو 310 ملايين دولار. وفي مقدم القطاعات التي شملتها عمليات التخصيص بيع وحدات فندقية تابعة للقطاع العام الى مستثمرين من القطاع الخاص وكذلك تخصيص مصانع معلبات ومواد غذائية ومصانع لمواد الانشاءات، بالاضافة الى مؤسسات في قطاعي التجارة والخدمات والنقل. وتعتزم الحكومة المضي في تخصيص مؤسسات تعمل في مجالات تنافسية انطلاقاً من كون القطاع العام لا ينبغي ان يدخل في منافسة مع القطاع الخاص، الذي أصبح قادراً على تأمين حاجات البلد في قطاعات صناعية عادية كالألبسة والأحذية والمواد البلاستيكية. وجاء في دراسات عن انعكاسات التخصيص انها "حسنت اداء المؤسسات المعنية على صعيدي الاستثمار والانتاجية" ووضعت وزارة التنمية الاقتصادية خطة لاستكمال تنفيذ برنامج التخصيص في الفترة المقبلة، وفي مقدمها انهاء تخصيص منشآت تابعة للقطاع العام أهمها فندق "هيلتون" وسط العاصمة تونس ومصانع معلبات ومنتوجات غذائية ومؤسسات تجارية. كذلك تعتزم الحكومة اللجوء لاشراك القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع استراتيجية. وفي هذا السياق تم أخيراً التوقيع على اتفاق بين المجموعة الأميركية "كومينتي الترنتيفز اينرجي" والشركة التونسية للكهرباء والغاز لانشاء محطة جديدة لتوليد الكهرباء في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، ويشكل هذا الاتفاق الخطوة الأولى في اعتماد هذا الأسلوب والذي سيشمل مشاريع لمد طرق سريعة اوتوسترادات تربط تونس بالجزائر شمالاً وبليبيا جنوباً، بالاضافة الى طرق سريعة بين العاصمة ومدينة بنزرت شمال يقدر طولها بپ60 كيلومتراً. وتدرس الوزارة كذلك عرض مشاريع أخرى على القطاع الخاص تتعلق بتطهير المياه المستعملة ومعالجة الفضلات المنزلية.