عندما اجتماع الرئىس الايراني سيد محمد خاتمي مع نائب الرئيس العراق طه ياسين رمضان في طهران على هامش القمة الاسلامية الثامنة في كانون الأول ديسمبر الماضي، دعا الى "طي صفحة الماضي" والعمل "بجدية وحسن نية" لتطوير العلاقات بين البلدين. وتوقع مراقبون وديبلوماسيون آنذاك ان تشهد هذه العلاقات "حلحلة" من خلال خطوة "عملية" تساهم في إذابة الجليد وبدء مرحلة جديدة علماً ان السياسة الخارجية التي أعلنت حكومة خاتمي انتهاجها منذ تشكيلها العام الماضي، جعلت أولوياتها توثيق العلاقات مع الدول المجاورة خصوصاً الدول العربية. ويُعد ملف اسرى الحرب العراقية - الايرانية 1980 - 1988 القضية الأكثر حساسية التي لا تزال عالقة بين بغدادوطهران، وتثير اهتمام الرأي العام الايراني. ولم يخف المسؤولون في طهران ان استمرار هذه المشكلة من دون حل "يعطل اي مسار للتقارب والتعاون" وان تسويته تساهم في بدء حقبة جديدة بين "البلدين الكبيرين الجارين". وهذا ما أشار اليه وزير الخارجية الايراني الدكتور كمال خرازي بوضوح قبل يومين عندما أعلن ان طهرانوبغداد اتفقتا على معالجة قضية جميع الاسرى، مؤكداً انه بعد استكمال المرحلة الحالية وانتهاء عمليات تبادل الأسرى المسجلين بموجب اتفاق أبرم بين البلدين أخيراً، ستشكل لجنة مشتركة لدرس ملفات الأسرى غير المسجلين. وتواصلت أمس في نقطة خسروي - المنذرية على الحدود الايرانية - العراقية عمليات التبادل التي تشمل اطلاق 6 آلاف اسير عراقي و380 أسيراً ايرانياً. ووقع اتفاق بين الجانبين كثمرة لزيارة وزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف لطهران في كانون الثاني يناير الماضي، وزيارة مسؤولين ايرانيين معنيين بملف الأسرى والمفقودين لبغداد في شباط فبراير الماضي، اذ وضع خبراء من الجانبين اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وبثت وكالة الانباء الايرانية ان طهران اطلقت الاحد 500 أسير عراقي مقابل اطلاق 23 أسيراً ايرانياً. ومساء السبت اطلق 1500 أسير عراقي مقابل 89 أسيراً ايرانياً. ويرى ديبلوماسيون في طهران ان تسوية مشكلة الأسرى ستفتح باباً يؤدي الى تطبيع "جدي" للعلاقات العراقية - الايرانية. ويذكرّون بموقف "القيادة" الايرانية من الأزمة العراقية الأخيرة، الذي رفض توجيه ضربة عسكرية اميركية للعراق. ويعتبر هؤلاء ان ايران تدرك ان "أي تحول في العراق لمصلحة الخيار الاميركي يمكن ان يشكل عنصر قلق وازعاج للجمهورية الاسلامية". ويشدد المسؤولون في طهران على ان حل قضية الأسرى سيخفف أية معارضة في ايران للتطبيع مع العراق وإقامة علاقات "تعاون".