قال رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي إن بلاده لن تقيم علاقات جيدة مع السودان ما لم تسلم الخرطوم المتهمين الثلاثة بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا في 1995. وأضاف زيناوي في حديث مع "الحياة" في أديس أبابا: "ان النظام السوداني يعرف أنه ليست هناك عمليات عبر الحدود" بين البلدين تنفذها المعارضة السودانية. نافياً تورط قواته بالعمليات العسكرية للمعارضة السودانية داخل الأراضي السودانية قرب الحدود مع اثيوبيا. وذكر أن الفصائل الصومالية التي شاركت في اتفاق القاهرة أبلغت حكومته ان اتفاقاً غير رسمي تم التوصل إليه في العاصمة المصرية، ينصب على تولي علي مهدي محمد منصب الرئيس وحسين عيديد يكون رئيساً للوزراء، وهما ينتميان إلى قبيلة واحدة. وقال إن ذلك أدى إلى انقسام جديد داخل مجموعة فصائل "سودري"، لكنه اعتبر الاتفاق الرسمي تقدماً جيداً نحو المصالحة، مشيراً إلى أن حكومته اقترحت على الفصائل الصومالية التي اجتمعت في سودري في اثيوبيا اجراء تعديلات على الاتفاق لاستكمال المصالحة. وهنا نص الحوار: نفت مصر رسمياً توجه لنقل مياه النيل إلى إسرائيل، كيف ترون تنفيذ شعاركم "إعادة توزيع مياه النيل من أجل حصص عادلة"، وهل تريدون تعديل اتفاق 1959 المصري - السوداني ليشمل اثيوبيا، أم تريدون اتفاقاً جديداً في شأن النيل؟ - عنوان الاتفاق الذي ذكرته بين مصر والسودان يقول الآتي: اتفاق على استخدام كامل لمياه النيل. لذلك عندما نبدأ من العنوان، نكون أمام دولتين اتفقتا على استخدام كامل مياه النيل والاستفادة القصوى منها. وكأنه ليس هناك أي وجود للدول الاحدى عشرة الأخرى على حوض النيل، أو ان الأمر لا يعنيهم. لذلك اعتقد بأن الاتفاق بدأ بخطوة خاطئة، وما نحتاج إليه في شكل أساسي هو التعامل مع حوض النيل كمنطقة واحدة وثروة طبيعية مشتركة. وإذا استندنا إلى ذلك في التعاطي مع قضية النيل، عندها يمكننا النقاش والاتفاق على أطر تسمح للدول الواقعة على النيل بوضع أفضل السبل للاستفادة القصوى من مياهه. وجهة نظرنا تقول إنه يجب التعاطي مع قضية النيل من منظور دول الحوض مجتمعة في إطار استخدام كل الوسائل المتنوعة للاستفادة القصوى من مياهه المتاحة في كل المنطقة. واعتقد بأن هناك مجالاً يتسع لحل يكسب فيه الجميع ويرضي كل الأطراف. إذاً، ما نرغب في تحقيقه ليس تعديل اتفاق معين، وإنما بداية جديدة لكل القضية، استناداً إلى قاعدة تقول إنه يمكن التوصل إلى صيغة لا يكون فيها أي من الأطراف خاسراً. هل موقفكم هذا هو الذي أدى إلى عدم اجتماعات اللجنة الاثيوبية - المصرية التي تأسست في 1993 لمعالجة قضايا المياه؟ - من بين الأولويات التي وضعناها أمامنا عندما حصل التغيير السياسي والحكومي في اثيوبيا كانت محاولة الخروج من العزلة الذاتية المفروضة على بلادنا لسنوات عدة، ودفع عملية الانفتاح على جيراننا العرب. وفي هذا الإطار كانت أولى المبادرات التي أخذناها على عاتقنا محاولة إعادة هيكلة العلاقات مع مصر. وكنا الحكومة الاثيوبية الأولى التي تعترف بأن مياه النيل ليست ممتلكات خاصة لاثيوبيا، وكنا الحكومة الأولى التي تعترف بأن مياه النيل ثروة مشتركة، وأنه يجب التعامل معها بالتساوي. وعندما اعترفنا بذلك، انطلقنا للتحاور مع المصريين استناداً إلى رؤيتنا الجديدة في التعاطي مع ملف مياه النيل كثروة مشتركة. وكنا نأمل بأن تكون هناك استجابة مباشرة من الجانب المصري، لكن المفاوضات التي سبقت صدور مذكرة التفاهم كانت أكثر تعقيداً مما كنا نتصور. وكانت تلك إشارة أولى تلقيناها من المصريين، مع العلم اننا كنا جزءاً من المشكلة، في إطار العلاقات بين البلدين، ولم نكن المشكلة كلها. كانت هناك الاشارة الأولى، وكانت هناك جوانب أخرى من المشكلة. وعلى رغم ذلك وقعّنا الاتفاق اللجنة المشتركة. لكن بعد ذلك شعرنا أن الجانب المصري يواصل برامجه المائية في شكل يجعل صيغة الحل، في إطار يرضي كل الأطراف، مستحيلة التحقيق في المستقبل. كانوا المصريون يواصلون تنفيذ مشاريع ضخمة على النيل، مثل قناة توشكا واستكمال قناة السلام ومشاريع أخرى، وذلك من دون استشارة أي من دول حوض النيل. المصريون كانوا يتعاملون مع مياه النيل كأنها شأن مصري فحسب، بدل التعامل معها كشأن يخص دول الحوض. كما كانوا يخلقون حقائق على الأرض تجعل الأمور صعبة جداً في المستقبل. لذلك شعرنا بأننا دخلنا في لعبة كانت غبية من جانبنا، إذ كنا نتحدث عن مشاركة في الثروات المائية، في حين كان المصريون يجعلون من ذلك مستحيلاً في المستقبل. لذلك كان الاستمرار في المحادثات التقنية، بكل بساطة، إضاعة للوقت. وشعرنا بأن علينا التعامل مع قضية استراتيجية. وما زلنا نبحث في هذا الأمر مع المصريين بين حين وآخر، واعتقد بأن هناك مزيداً من التفهم المصري لوجهة النظر الاثيوبية أكثر مما كان عليه الوضع قبل نحو سنة أو أكثر. لكن ذلك لا يعني مزيداً من الاتفاق مع وجهة النظر الاثيوبية. وعلى رغم ذلك، يعتبر حصول تفهم لوجهة النظر الاثيوبية، حتى مع عدم الموافقة عليها، خطوة رئيسية نحو أمام، ذلك أن التجاهل وعدم التفاهم هما أكثر خطورة. لكنكم لم توافقوا على مناقشة الأمور المشتركة من خلال اللجنة؟ - لا، فنحن وافقنا على إقامة اللجنة التقنية لمناقشة قضية النيل مع المصريين. لكن الحقائق التي اوجدها المصريون على الأرض لم تكن تقنية، بل كانت سياسية واستراتيجية، ولم يكن من الممكن التعاطي معها من خلال فرق تقنية. كان يجب أن يكون هناك أساساً مشتركاً للتفاهم يأخذ في الاعتبار: أولاً، ان مياه النيل ليست اثيوبية أو مصرية ولا سودانية، فهي ثروة مشتركة للمنطقة. ثانياً، يجب أن يتم توزيع مياه النيل في شكل حصص توفر الحد الأقصى من الاستفادة لكل الدول الواقعة على حوض النيل. وعندما يحصل هذا التفاهم العريض، تصبح ممكنة للجنة التقنية مناقشة التفاصيل في هذا الإطار، لكن إذا لم يحصل هذا التفاهم العام، فلن يكون أمام التقنيين أي شيء يبحثون فيه. وهذا ما اكتشفناه بعد الاتفاق بين مصر واثيوبيا. السدود الاثيوبية لكنكم أنتم تنفذون مشاريع وسدوداً على النيل؟ - نعم، نعمل على تنفيذ نوعين من المشاريع، الأول هو مشروع طاقة هيدروليكية، والثاني يتعلق بالري على مستوى صغير. والسبب الرئيسي للمباشرة في هذه المشاريع لا علاقة له بمصر. فنحن نحتاج إلى الطاقة ونولّد في هذا المجال أقل من 400 ميغاواط من الكهرباء. والقوة الكهربائية الدافعة من خلال الطاقة الهيدروليكية في اثيوبيا تأتي فقط بعد مثيلتها في زائير، أي أنها قوة كهربائية عالية، لكننا لم نكن نستخدمها. إلى ذلك، فإن اقتصادنا ينمو ونحن نحتاج إلى الطاقة، ولذلك نبني سدوداً لتوليد الطاقة الهيدروليكية. ما هو عدد السدود وتأثيرها على تدفق المياه إلى مصر؟ - نخطط حالياً لبناء أربعة سدود، بينها سدان على حوض النيل والآخران خارجه. هذه المشاريع لا تؤثر على تدفق المياه لأنها خاصة بتوليد الطاقة الهيدروليكية فقط وليس لها علاقة بالري. لكن لدينا مشاريع اختيارية للري على مستويات صغيرة، خصوصاً في المناطق المتضررة من الجفاف. لدينا شعب جائع في الأقاليم التي تأثرت بالجفاف. ونحن نحتاج إلى استخدام المياه في شكل فاعل، إذا اردنا التغلب على مشكلة الجوع. لذلك أقول إننا نعمل على مشاريع ري على مستوى صغير، وفي هذا الإطار نستخدم المياه على خلاف مشاريع الطاقة الهيدروليكية، لكن ذلك لا يؤثر على تدفق مياه النيل في المرحلة الحالية. لكن القول إن هذه المشاريع كانت أساساً ضمن برامجنا الداخلية، لا يعني أنها غير مرتبطة بعلاقاتنا مع مصر. لذلك مع الأخذ في الاعتبار ان الأسباب الرئيسية التي دعتنا إلى دخول هذه النشاطات كانت برامجنا الداخلية الخاصة، ونحن ندرك معنى ذلك بالنسبة إلى مصر. لذلك ادرنا برامجنا بعناية. قروض ورسالة ماذا تعني بذلك؟ - أولاً، هناك فَرضية لدى بعض الدوائر المصرية التي تعتقد أن في امكانها منع الاثيوبيين من الاستفادة من مياه النيل، وذلك من خلال محاولات منع حصولهم على قروض واعتمادات مالية خارجية. وهم يشعرون بأنهم طالما يفعلون ذلك، فإنهم يحفظون جانبهم بأمان، وان اثيوبيا لن تكون في وضع يسمح لها باستخدام مياه النيل إذا ارادت ذلك. هل هناك مؤشرات إلى ذلك؟ - هناك مؤشرات واضحة جداً إلى أنهم فعلوا ذلك قديماً، وكذلك في السنوات القليلة الماضية. لذلك كان من الضروري أن نوضح لهذه الدوائر المصرية أن ذلك ليس مراهنة جيدة، لأن اثيوبيا ستحصل، عاجلاً أم آجلاً، على تمويلات لمشاريعها على النيل. وهذا الحل يجب أن لا يُنظر إليه استناداً إلى فرضية ان اثيوبيا لا تستطيع فعل أي شيء ازاء ذلك. لكن يجب ان يستند إلى أنه حتى لو كان في استطاعة اثيوبيا تنفيذ مشاريع، فإنها ستفعل ذلك باسلوب الحصص ومن خلال اتفاق شامل مع كل الدول المتشاطئة للحوض، لذلك نحن نريد أن نوجه هذه الرسالة. وفي الإطار العلمي، فإن السدين اللذين نشيّدهما على النيل يتم انجازهما من خلال امكاناتنا وثرواتنا الداخلية، وتحديداً عبر تعبئة أيد عاملة من الفلاحين واستخدامها. وفي حين ان القضية الأساسية هي برامج محلية داخلية، فإن الجانب الآخر للقضية هو خارجي يتعلق بأصدقائنا المصريين، خصوصاً الذين شعروا ان الحلول للمشكلة تكمن في أن يضمنوا عدم وجود امكانية لدى اثيوبيا في استخدام مياه النيل. ونؤكد لهم ان هذا ليس حلاً طويل المدى، ويجب أن نعمل سوياً لايجاد حل أساسي ناجع وقوي. الصومال هل ترى إمكان حل للأزمة الصومالية من خلال إعلان القاهرة، أو هل تعتبر الاعلان عقبة أمام جهودكم الطويلة نحو حل الأزمة؟ - لدينا وجهان لاتفاق القاهرة، الأول رسمي وهو ما أدى إلى الاعلان، والآخر غير رسمي وعلمنا أنه جرى في القاهرة ولم يتم تضمينه في الاعلان. بالنسبة إلى الاعلان، انه وثيقة جيدة ومؤشر مهم، إلى ان الاتفاق حمل أوجهاً جيدة عدة، بينها أنه جمع معظم الفصائل التي كانت اجتمعت في سودري إلى جانب فصيل حسين محمد فارح عيديد، كذلك صدر عنه برنامج مقبول في إطار الاعلان، لكن المشكلة ليست في ما تحدث عنه الاعلان، وإنما في ما لم يذكره، وهو ان الدولة الصومالية، المفترض أن تتشكل، ستشمل تمثيلاً عادلاً لكل القبائل. وغياب هذا الأمر سيجعل من الصعب على القبائل التي تتقاتل منذ زمن طويل أن تلتقي مع الآخرين، ذلك لم يذكر في الاعلان. والأهم من ذلك، عندما تأخذ في الاعتبار الأمور التي جرى الاتفاق عليها في شكل غير رسمي، استناداً إلى ما ذكره لنا جميع أعضاء مجموعة سودري الذين شاركوا في اجتماعات القاهرة، إذ أكد هؤلاء ان هناك اتفاقاً غير رسمي ينص على تنصيب علي مهدي محمد رئيساً للصومال، وعيديد رئيساً للوزراء، وهما من قبيلة واحدة هي هوية، وستنظر بقية القبائل إلى الأمر على أنه منح قبيلة هوية سلطات كاملة للسيطرة على البلاد لوحدها. إذا كان الصوماليون سعداء ازاء هذه التركيبة، فلن يكون لدينا نحن أي مشكلة. لكننا نعرف الأزمة الصومالية إلى حد كبير، فهي أزمة قبائل، وعلينا بناء الثقة بين القبائل ولا يمكن تحقيق ذلك بايجاد حكومة تسيطر عليها قبيلة معينة. وما حصل في الاتفاق غير الرسمي هو ازاحة للقبائل الأخرى. وكانت عملية المصالحة في سودري ساعدتنا في التوصل إلى جمع قبائل الدارود والهوية والآخرين، لكن هؤلاء عادوا وانقسموا في ما بينهم، وهذا أمر سيئ. وبعد عودتهم من القاهرة قلنا لهم إن هناك جوانب ايجابية في اتفاق القاهرة ويجب ألا تضعوا كل الاتفاق جانباً، دعونا نحاول اجراء تعديلات عليه وابقاء العناصر الايجابية. وفعلاً أجرت مجموعة سودري تعديلات على التعديلات التي أتت في شقين: الأول، هو تقليص صلاحيات رئيس الوزراء الذي كان، بحسب رأيهم، يحظى بامتيازات وسلطات كبيرة. والثاني، تضمين الاعلان نصاً يؤكد التمثيل العادل لكل القبائل في الدولة. أنا لا أعرف ما إذا كانت هذه التعديلات ستكون مقبولة أم لا من جانب فصيل عيديد، لكن آمل بأن يتفهموا أن عليهم الجلوس إلى طاولة واحدة وإنهاء الأزمة. والمؤشرات الأخيرة التي جعلت عملية المصالحة تتراجع خطوتين إلى الوراء لم تثنينا عن متابعة جهودنا. إذ ليس هناك بديل آخر وعلينا مواصلة عملية السلام. "الاتحاد الإسلامي" بعض القبائل الصومالية يتهمكم بانتهاك السيادة الصومالية عبر ملاحقتكم قوات "الاتحاد الإسلامي" الصومالي داخل أراضيها، ما هو تعليقكم؟ - دعنا نتحدث أولاً عن الاتحاد الإسلامي وعما كان يفعله هنا في اثيوبيا. فهو كان متورطاً في نشاطات ارهابية منذ فترة طويلة تعود إلى ما قبل الاتهامات التي وجهت إلى اثيوبيا. إذ كانت عناصر الاتحاد تعبر الحدود الصومالية إلى داخل اثيوبيا حيث نفذت عمليات عسكرية، وحاولت اغتيال وزير النقل والمواصلات الاثيوبي عبدالمجيد حسين. كما وضعوا قنابل انفجرت في عدد من الفنادق داخل أديس أبابا وفي دير داوا وهرر. ثانياً، قلنا لهذه الجماعة إذا كانت عناصرها اثيوبية فيمكنهم المجيء إلى اثيوبيا والنضال سلماً لتحقيق الأهداف التي يسعون إليها. وإذا لم يكونوا اثيوبيين، فإن عليهم الذهاب إلى بلدهم وحل مشاكلهم هناك. الاثيوبيون أحرار في العمل داخل بلدهم في إطار الشرعية، لكنهم كانوا متورطين في نشاطات ارهابية في المدن والمناطق الريفية. وكنا نعلم أنهم ينطلقون من الصومال حيث كانت لديهم في مكان واحد كتيبة كاملة وكان يفصلنا عنهم جسر فقط. ولم يكن هناك جيش يمنعنا من ملاحقتهم داخل الصومال، ولم نكن نريد استغلال أزمة هذا البلد حيث لا توجد حكومة. وكانت عناصر الاتحاد تبعد مسافة 500 متر عن موقع جيشنا، ونعرف أنهم يضعون المتفجرات في أديس أبابا، فشعرنا أن علينا اتخاذ اجراءات ازاء هذا الأمر، فعبرت قواتنا الحدود وهاجمت قاعدتهم. نحن لا ننكر ذلك وأعلنا ما فعلنا في بيان، وعندما دفعناهم بعيداً عن الحدود إلى داخل الصومال، عادت قواتنا إلى مواقعها وليس لدينا الآن جندي اثيوبي واحد داخل الأراضي الصومالية. توسيع "إيغاد" هل تؤيد توسيع "السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" إيغاد في إطار السماح لدول معينة مثل مصر المساهمة في مبادرتها في السودان أو الصومال؟ - اعتقد أنه يجب أن نفصل بين توسيع "ايغاد" كما ذكرت، وبين الانضمام إلى شركاء "ايغاد" للمساهمة في المبادرات. وتوسيع "ايغاد" حالياً ليس على جدول الأعمال الذي يركز على تعزيز "السلطة" نفسها. لكن لدى "ايغاد" عدداً كبيراً من الشركاء هم في شكل أساسي دول مانحة في أوروبا والولايات المتحدة تعمل في إطار لجان متخصصة مثل لجنة الصومال ولجنة السودان تعمل لتعزيز مبادرات السلام في هذين البلدين. ومصر ليست عضواً في أي من هاتين اللجنتين، واعتقد بأنها ترغب في لعب دور ايجابي في الصومال والسودان. الدول الأعضاء في "ايغاد" رأت خلال قمتها الأخيرة الشهر الماضي في جيبوتي أنه يجب السماح لمصر بالانضمام إلى منتدى شركاء "ايغاد" في لجنة السودان ولجنة الصومال لمساعدتها في مبادرتها السلمية في هذين البلدين، وأيدت اثيوبيا هذا القرار بقوة. السودان السودان كرر نفيه التورط في محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا، هل هناك أي تغيير في الموقف الاثيوبي نحو تحسين العلاقات مع هذا البلد؟ - أولاً، ان حقيقة تورط السودان هي قضية منفصلة. فمنظمة الوحدة الافريقية أصدرت قرارها بوضوح في هذه القضية، وأكدت تورط السودان في المحاولة. لذلك طلب مجلس الأمن من الحكومة السودانية تسليم الارهابيين الثلاثة إلى اثيوبيا. ولم يكن المجلس ليطلب ذلك إذا لم يكن مقتنعاً، والمنظمة الافريقية، بالتورط السوداني. وفي هذا الإطار، فإن لدى القانون الدولي والمنظمات الدولية اعتقاداً، مثل ما لدينا، يستند إلى الأدلة التي عرضناها، بأن سلطات الأمن السودانية كانت متورطة في تسهيل محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك بالتعاون مع مجموعة مرتبطة ب "الجماعة الإسلامية". وأياً كان موقف السودان النفي أو التأكيد، فإن الحقائق واضحة لدينا ولدى كل من مجلس الأمن والمنظمة الافريقية. إلى ذلك، فإن تسليمنا الارهابيين الثلاثة يحمل قيماً قضائية وسياسية. قضائياً هناك ثلاثة ارهابيين متورطين في محاولة اغتيال زعيم عربي افريقي كان ضيفاً لدينا. ولم تكن المحاولة فقط ضد الرئيس مبارك، بل ضد اثيوبيا أيضاً، ونريد أن نرى هؤلاء المعتدين أمام محكمة للعدالة. وفي الجانب السياسي نقول إنه إذا لم تسلم الحكومة السودانية هؤلاء الارهابيين، فإن السودان سيتحول ملجأ آمناً للارهابيين. ولكن في حال سلمتنا الحكومة السودانية الارهابيين الثلاثة، عندها سيكون واضحاً أمام الجميع ان السودان يمكن ان يُسلم اشخاصاً مثلهم ولن يكون ملجأ آمناً. لذلك نصر على أن نتسلم الارهابيين الثلاثة. وقبل ان يحصل مثل هذا التغيير في الموقف السوداني، فإننا لا نستطيع أن نقيم علاقات جيدة مع السودان. ونحن أبلغنا هذا الأمر إلى أصدقائنا السودانيين، وأكدنا لهم ان تلك هي شروطنا المسبقة لإقامة علاقات جيدة معهم. لكن عدم وجود علاقات جيدة لا يعني أنه يجب أن نقاتل بعضنا بعضاً يومياً. إذ رغم وجود خلافات أساسية، حاولنا الحفاظ على حوارنا مع السودان. سلام المنطقة هل تعتقدون أن التغييرات السياسية الأخيرة في السودان تساعد في تثبيت السلام في المنطقة؟ - هناك جانبان للمشكلة في السودان، أحدهما داخلي والثاني خارجي. فالنظام الحالي في السودان يواجه خلافات مع المعارضة الشمالية والجنوبية، وتستخدم في هذه المواجهات القوة العسكرية، وكذلك فإن السودان، عملياً، لديه مشاكل مع كل دولة من جيرانه. والأسباب الجذرية لهذه المشاكل، في اعتقادي، هي التوجه السياسي المتعصب ازاء تعدد الآراء. ولو كان هناك انفتاح وتفهم للأفكار المتعددة داخل السودان، لكان هناك أيضاً تفهم للآراء المتعددة في المنطقة، لذلك فإن المشكلة الداخلية والخارجية للنظام السوداني هي ايديولوجيته المتعصبة. وإذا كان النظام السوداني يضع دستوراً جديداً استناداً إلى ايديولوجية جديدة بعيدة عن التعصب، فإن ذلك يمكن ان يكون تحولاً ايجابياً مهماً. لكن إذا كان التغيير في الشكل مع اعتماد الايديولوجية نفسها بغطاء جديد، فلا اعتقد ان ذلك سيؤدي إلى الوفاق الداخلي أو إلى السلام في المنطقة. عمليات عبر الحدود تتهمكم الحكومة السودانية بين حين وآخر بالسماح للمعارضة الانطلاق من أراضيكم لشن هجمات ضدها، ما ردكم على ذلك؟ - الحكومة السودانية تعلم تماماً أنه ليست هناك اشتباكات مسلحة متبادلة عبر الحدود الاثيوبية - السودانية. أما إذا سألت عما إذا كانت هناك مجموعات سودانية تعارض النظام السوداني وتقاتل داخل السودان، فأقول بالتأكيد توجد مجموعات في هذا الإطار، لكن ليس هناك معارض سوداني واحد أو مجموعة معارضين أو جنود اثيوبيين متمركزين في اثيوبيا وينطلقون منها لشن هجمات على السودان. لا توجد قوات من هذا النوع، والنظام السوداني يعرف أن ليست هناك عمليات عبر الحدود. لم يحصل أن خططنا أساساً في هذا الاتجاه، لأن فعل ذلك سيكون ضد دستورنا وغير مسموح لنا بذلك.