} يتوجه وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى إلى أديس أبابا في 27 شباط فبراير المقبل، لرئاسة وفد بلاده في إجتماعات المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية. لكن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة بسبب دخول العلاقات المصرية - الاثيوبية أخيراً "مرحلة توتر" عندما اثارت اثيوبيا مشكلتين اعتبرت مصر اثارتهما غير مبررة أو مفهومة، وصنفها مراقبون في خانة المواقف "العدائية"، الأمر الذي انعكس سلبياً بإلغاء اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي كان من المقرر عقدها في أديس أبابا قبل نهاية العام الماضي. وتتعلق المشكلة الأولى: باعتراض أثيوبيا على إعلان القاهرة اتفاق المصالحة في الصومال الذي أبرمته أطراف صومالية في العاصمة المصرية في 22 من الشهر الماضي برعاية مصرية. واعتبرت اديس ابابا ان الاعلان لن يحقق السلام المنشود في الصومال وسيزيد العدوان ويهدد باستئناف الحروب الأهلية. وحاولت دفع أحد الأطراف إلى إثارة فكرة إدخال تعديل على الإعلان. وحتى الآن لم تنجح المحاولات الأثيوبية، خصوصاً ان وزير الخارجية عمرو موسى سارع بعرض اعلان القاهرة، لدى توقيع الأطراف الصومالية عليه يوم 22 من الشهر الماضي، على مجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمة الوحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وأصدرت الجهات الأربع بيانات تأييد للإعلان وجهود مصر. لذلك تعتبر أوساط سياسية مصرية الديبلوماسية الأثيوبية في "مأزق" لأنها إن حاولت إفشال الإعلان فعليها مواجهة المنظمات الدولية والإقليمية الأربع وتحمل مسؤولياتها كاملة إزاء إجهاض جهود صادقة لإعادة بلد عربي أفريقي عضو في المجتمع الدولي إلى وضعه الطبيعي. لكن ما أثار حفيظة القاهرة هو دخول أثيوبيا عبر أبواب خلفية، إذ دفعت بعض عناصر صومالية إلى طرح فكرة نقل إجتماع المصالحة الوطنية المقرر عقده في مدينة بيداوه في 15 شباط فبراير المقبل. إلى مدينة بوصاصو. وذلك بحجة أن بيداوه تخضع لسيطرة الزعيم حسين عيديد، بينما بوصاصو تخضع لسيطرة جناح الزعيم علي مهدي محمد والأطراف الصومالية ال 26 الموالية لأثيوبيا، ووقعت هناك مطلع العام الماضي إتفاقية سودري، وعليه - حسب أديس أبابا - فإن نص الإعلان على عقد المؤتمر في بيداوه انحياز مصري لعيديد. لكن مصر تصدت لمحاولة نقل مكان المؤتمر، كما رفض عيديد المحاولة. ولوحظ إمساك عمرو موسى عن التصعيد مع أثيوبيا والعمل بصبر لتفويت الفرصة على محاولات إجهاض الجهود المصرية، وإزاء هذه المحاولات بعث برسالة إلى نظيره الأثيوبي سيوم مسفين شدد فيها على "ضرورة التعاون من أجل الاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي"، ونبه إلى أن "الجهود المصرية التي أسفرت عن إعلان القاهرة تأسست على جهود أثيوبيا التي أسفرت عن إتفاقية سودري". ويلاحظ أن زيارة موسى لأديس أبابا ومحادثاته المرتقبة مع كل من زيناوي ومسفين تأتي بعد أيام من الموعد المفترض لعقد مؤتمر بيداوه، وعليه فمن المنتظر أن تنعكس أجواء إنعقاد المؤتمر أو تأجيله - وبمعني آخر استكمال نجاحات الديبلوماسية المصرية أو نجاح الديبلوماسية الأثيوبية في الاتجاه المضاد - ليس فقط على أجواء محادثات موسى في أديس أبابا بل على اجتماعات المجلس الوزاري الأفريقي نفسه. أما المشكلة الثانية التي أثارتها أثيوبيا فجأة هي عودة وزير خارجيتها إلى توجيه الانتقادات لما أسماه "المسألة المائية المصرية"، وتجديد معارضة بلاده للمشاريع المائية في سيناء وتوشكى مكرراً مزاعمه بأنه "ليس من حق مصر أن تروى أراضي زراعية خارج نطاق وادي النيل حتى ولو في إطار حصتها" وزاد على ذلك إفتراضاته بأن "تطلب مصر زيارة حصتها من مياه النهر لمواكبة توسعاتها من الأرض الزراعية ما سيخلق مشكلة في المستقبل بين مصر ودول حوض نهر النيل". كما جدد سيوم مسفين دعوة بلاده إلى "الحصول على حصة عادلة من مياه النيل وإعادة النظر في حصص الدول المشتركة في حوض النهر"، ومنها حصة مصر التي تبلغ 5.55 بليون متر مكعب سنوياً. وتلقت وزارة الخارجية المصرية تقارير من سفارتها في أديس أبابا ومن جهات دولية وإقليمية أخرى أفادت بأن أديس أبابا تتحرك في هذا الإتجاه على الصعيدين وبإتجاه عواصم إقليمية ودولية ترويجاً لأفكارها في محاولة لإقتناص تأييد لمواقفها، لكن وزارة الخارجية المصرية أبلغت الجهات المعنية أنها "لن تنجر إلى معارك وهمية". وعلى غرار تعاطي مصر السابق مع الممارسات الأثيوبية في الملف الصومالي فقد فندت في اتصالات سواء مع حكومة أثيوبيا أو مع حكومات الدول المعنية مزاعم الأخيرة، وأكدت مصر أنه "ليس هناك في القانون الدولي ما تدعيه أثيوبيا من أنه ليس من حق أي دولة ري أراضٍ زراعية أو مستصلحة خارج وادي النهر، كما أنه ليس هناك ما يمنع قيام دولة بإستصلاح أراضٍ للزراعة". وعرضت مصر على أثيوبيا إقتراحين لوقف هذا الإهدار للجهود التي يفترض أن تصب في مصلحة الشعبين، الأول: تنشيط "آلية التنسيق والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك" والثاني البحث في أي خلافات مائية في اطار منظمة اندو جو الاخاء التي تجمع دول حوض النيل العشر.