امتنعت إدارة الرئيس بيل كلينتون أمس عن التعليق مباشرة على بيان حاد اللهجة لمجلس الوزراء العراقي، لكنها أكدت مجدداً ان هدف الولاياتالمتحدة من سياستها في العراق كان ولا يزال العمل على ازالة أسلحة الدمار الشامل لدى العراق وخفض قدرته على تهديد جيرانه. وهدد بيان مجلس الوزراء العراقي بأنه "ليس أمامنا سوى أن نشعر عدوّنا بأن عليه ان يدفع ثمناً باهظاً إذا قرر ان يبقي الحصار قائماً ضد شعبنا". وقال مسؤول في وزارة الخارجية ان واشنطن تؤيد قرارات مجلس الأمن التي تطالب العراق بالكشف عن أسلحة الدمار الشامل، وأنها "لا تزال مستعدة لاستعمال الوسائل الديبلوماسية الملائمة، وإذا اقتضت الضرورة الرد العسكري لتأمين التزام العراق" القرارات الدولية. وأضاف المسؤول انه إذا خرقت بغداد الاتفاق الذي وقّعته مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان "فسنقرر عندئذ الرد الملائم". وشدد على القول إن الإدارة مع استمرار العقوبات الاقتصادية الدولية، لكنها ترغب في العمل على تسهيل وصول المواد الغذائية والدواء بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1153. وكان المسؤول الأميركي يعلق على مقال للصحافي جيم هوغلاند في صحيفة "واشنطن بوست" أمس ذكر فيه ان الإدارة الأميركية تراجع سياستها تجاه العراق، وأنها قد لا تلجأ إلى الخيار العسكري فوراً إذا اوقفت بغداد عمليات التفتيش الدولية، وذلك بهدف المحافظة على استمرار الدعم الدولي لنظام العقوبات. العراق يتهم وفي بغداد أ ف ب، اتهم العراق أمس ريتشارد بتلر رئيس اللجنة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة نزع الاسلحة العراقية المحظورة، بالسعي إلى تأخير رفع الحظر المفروض على العراق منذ عام 1990. وذكرت "وكالة الانباء العراقية" ان مجلس الوزراء العراقي أكد بعد جلسة برئاسة الرئيس صدام حسين "ان التقرير الذي قدمه ريتشارد بتلر الى مجلس الامن أخيراً هو محاولة لإشغال المجلس والرأي العام العالمي لكي لا يصل العراق الى هدفه المشروع وهو رفع الحصار". وكان بتلر رفع تقريراً الى مجلس الامن قال فيه ان "أي تقدم لم يتحقق عملياً" في نزع الاسلحة العراقية منذ ستة اشهر. ونقلت الوكالة عن بيان لمجلس الوزراء قوله: "ان المطروح أمام العالم الآن خياران: إما التوجه لرفع الحصار او ابقائه. ويترتب على الخيار الاول نوع من العلاقة والفهم والتعاون، اما الابقاء على الحصار فينقلنا الى حال جديدة". وأضاف البيان انه في هذه الحال "على العالم ان يتحمل مسؤوليته بغض النظر عن الصغار والكبار واللاعبين الرئيسيين والدول التي تتحرك على المسرح". من جهة أخرى، أكد مجلس الوزراء العراقي "ان العراق قدم كل ما لديه بل قدم اشياء من المستحيل على العقل العراقي ان يقبل بها، لكنه قبل بما قبل به لكي يعطي فرصة اضافية لشركائه والمنصفين في العالم لتعزيز الموقف العادل ازاء الحصار المفروض على العراق". وندد بيان مجلس الوزراء العراقي بمحاولات الولاياتالمتحدة اطالة امد الحصار، وشدد على انه "ليس امامنا سوى ان نشعر عدونا ان عليه ان يدفع ثمناً باهظاً اذا ما قرر ان يبقي الحصار قائماً ضد شعبنا". وفي نيويورك بعث نائب رئيس وزراء العراق السيد طارق عزيز برسالة من 40 صفحة مع ملحق من 80 صفحة خصص لنشاطات فرق التفتيش. وتعرض طارق عزيز عبر الرسالة والملحق الموجهين الى رئيس مجلس الأمن الى تفاصيل تقرير الرئيس التنفيذي للجنة الخاصة المكلفة ازالة الاسلحة العراقية المحظورة اونسكوم السفير ريتشارد بتلر. وأعطى عزيز امثلة على "الموقف المغرض للجنة الخاصة تجاه العراق". وقال انها "بتركيبتها الحالية ليست مؤسسة دولية محايدة ونزيهة في التعامل مع العراق، انها مؤسسة تسيطر عليها الولاياتالمتحدة الاميركية وتسخرها لأغراضها السياسية المعادية للعراق، وان هذا التقرير يشكل دليلاً صارخاً على ذلك وهو يكاد يكون وثيقة اميركية لتبرير الحشد العسكري الاميركي في المنطقة" ولتحقيق أهداف "ابقاء الحصار" الى "اجل غير معروف". وأعلن عزيز في رسالته "ان هذا الوضع لا يمكن قبوله" و"ان الأمر بالنسبة الينا ليس لعبة سياسية او فنية، اذ يتعلق بمصير شعب من 22 مليون نسمة". وكرر ان العراق "أوفى بكل الالتزامات ذات الصلة بمرحلة نزع السلاح" وان العراق "يتعاون تعاوناً كاملاً" مع نظام الرقابة البعيدة المدى ومع نظام الاستيراد والتصدير. وتابع "وعلى هذا الأساس فان متطلبات القسم ج من القرار 687 قد تحققت. وان العراق يطالب مجلس الأمن بأن ينفذ وعلى الفور الفقرة 22 من القرار 687 من دون أية قيود او شروط جديدة". ومعروف ان الفقرة 22 تربط بين تحقيق كامل مطالب اللجنة الخاصة وبين رفع الحظر النفطي عن العراق. واعتبر عزيز ان هذا التنفيذ "مسؤولية قانونية وأخلاقية يتعين على مجلس الأمن الايفاء بها من دون تأخير". وزاد ان "الدول التي تحول دون ذلك هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن موقفها الظالم وما يترتب عليه من نتائج". وطالب العراق مجلس الأمن بأن "يضع حداً نهائياً للادعاء الباطل الذي يستخدم من خلال استمرار التفتيشات التدخلية لتبرير مواقف اللجنة الخاصة التي ليست لها صلة بعمليات نزع السلاح والتي تستهدف في الواقع جمع المعلومات الاستخبارية لمصلحة الولاياتالمتحدة المصممة على ارتكاب عدوان عسكري جديد على العراق ولتبرير عدم غلق الملفات وتأخير تنفيذ الفقرة 22 من القرار 687". وقال عزيز في رسالته: "اننا ندعو مجلس الأمن الى ان يطلب من اللجنة الخاصة ان تقدم الى المجلس كل المعلومات التي تدعي انها لديها" لاثبات مزاعمها بأن العراق مستمر في عمليات الاخفاء "وان تكشف امام المجلس مصادر هذه المعلومات المزورة". وتابع: "وان الجانب العراقي مستعد لتقديم كل الايضاحات اللازمة لذلك". وعلق عزيز على الاستنتاج الوارد في تقرير ريتشارد بتلر النصف السنوي الاخير الذي جاء فيه انه "ليس هناك عملياً اي تقدم يذكر" في الاشهر الأربعة الماضية. وقال عزيز: "ان أقل ما يمكن ان يقال في شأن هذا الاستنتاج انه مغالطة مفضوحة". وأشار الى استمرار اعمال فرق التفتيش والرقابة، وأرفق ذلك بملاحق لاثبات ما تحقق. وقال "وهذا دليل آخر على عدم موضوعية الرئيس التنفيذي في تصوير الاحداث والوقائع امام مجلس الأمن". وأضاف ان العراق يطالب "بوضع حد حاسم" لمقولة بتلر بوجود ادلة من دون ايضاحات. وقال ان هذا "اسلوب بوليسي وهو ليس اسلوب عمل هيئات الأممالمتحدة". واتهم عزيز بتلر بأنه "قلب كل الاتفاقات والسياقات السابقة على رغم ما فيها من عيوب واستحدث سياقات في العمل لا يمكن الا ان تفسر بأنها ذات هدف سياسي مغرض". ووصف نهج الرئيس التنفيذي الجديد بأنه "نهج متعسف". وقال ان "العراق قدم ما لديه، وهو كان وما يزال مستعداً لايضاح أية شكوك لدى اللجنة الخاصة. اما ان يقال ان لدينا أدلة من دون ايضاح لها فانه امر غير مقبول اطلاقاً". وعلى مجلس الأمن "ان يطلب من اللجنة الخاصة ان تضع امامه كل ما لديها من أدلة مزعومة، وان يحضر الجانب العراقي لإيضاح موقفه وحسم الأمر بصورة نهائية". وأجرى عزيز مقارنة بين التقارير التي قدمها الرئيس السابق للجنة الخاصة السفير رالف اكيوس والذي "لم يكن صديقاً للعراق ولم يكن متساهلاً في التعامل معه" وبين تقارير ريتشارد بتلر. وقال ان بتلر يحاول ان "يبعد الانظار" عن التقويم الوارد في التقارير السابقة وعن "التقدم الجوهري الذي انجز". ووصف التقرير الاخير لبتلر بأنه "مريب". وقال انه "يغير بشكل مفاجئ حتى المعايير والأساليب" التي اتبعتها اللجنة الخاصة في السابق، وهو "يقتل اي امل في تحديد منظور مقبول لتقديم اللجنة الخاصة تقريرها عن متطلبات العمل" ليصار الى رفع الحصار الاقتصادي بموجب الفقرة 22. وأعرب طارق عزيز عن استعداد العراق "لمواصلة التعاون مع اللجنة الخاصة في إطار المنهج الذي حددته اللجنة الخاصة في 1 كانون الأول ديسمبر 1993" في شأن الملفين البيولوجي والكيماوي من التسلح، كما في الملفات الأخرى. وذلك المنهج يتعلق بمرحلة ما بعد نزع السلاح وتطبيق الفقرة 22 القاضية برفع الحظر عن العراق، أي مرحلة الرقابة البعيدة المدى. واعتبر ان العراق أوفى بكل المتطلبات ذات الصلة "بنزع السلاح" في الملفين البيولوجي والكيماوي كما في ملف الصواريخ. ويجري وزير خارجية العراق السيد محمد سعيد الصحاف ووزير النفط الفريق عامر رشيد في نيويورك جولة محادثات مع أعضاء مجلس الأمن والمجموعات الاقليمية في الأممالمتحدة. وقدم الوفد "نقاط حديث" عن تقرير نائب الرئيس التنفيذي للجنة "اونسكوم" شارلز دولفر. وجاء في النقاط "ان النقطة المركزية التي يمكن استنتاجها من مضمون تقرير" دولفر هي "أنه لا يعترف بالطبيعة الخاصة للمواقع الرئاسية والنظام الخاص الذي نصت عليه مذكرة التفاهم لتنظيم التفتيش الأولي واللاحق لها". وزادت الورقة العراقية أن تقرير دولفر "في كل فقراته لا ينسجم مع احكام مذكرة التفاهم والاجراءات التي وضعت لتطبيقها". واحتجت الورقة العراقية على اعتبار دولفر المهمات الموكلة للمجموعة الخاصة بأنها "عادية" وان التفتيش "عادي". وزادت "كما لم يلتزم دولفر في تقريره مفهوم الدخول الأولي واللاحق للمواقع الرئاسية كما نصت عليه الفقرة الرابعة من مذكرة التفاهم، بل سماه في الفقرة الأولى من تقريره "الطبيعة المستمرة للدخول". وتطرقت الورقة إلى مفهوم دولفر للعملية الأولى لتفتيش المواقع الرئاسية والعمليات اللاحقة وجاء فيها "ان هذا المفهوم يتناقض كلياً مع نص مذكرة التفاهم وروحها والخلفية السياسية المباشرة التي أدت إلى توقيعها. ولذلك فإنه غير مقبول اطلاقاً من جانب العراق". وطالبت الورقة العراقية ان تقوم اللجنة الخاصة بتقديم نتائج الاختبارات لعينات ونماذج من التربة والمياه والهواء والنباتات في المواقع الرئاسية الى مجلس الأمن كي يتعرف المجلس والمجتمع الدولي على الحقائق وعلى درجة الكذب الذي مورس في شأن هذه المواقع". وزادت "ان عدم تقديم نتائج الاختبارات ونتائج المشاهدة العينية التي قام بها الخبراء والديبلوماسيون لعبة يقصد منها تحويل الانظار عن القضية الاساسية التي من اجلها افتعلت الازمة وطمس الحقائق الراسخة التي ظهرت في اثناء الزيارة والتي اكدت خلو هذه المواقع من أي شيء ذي صلة بمهمات اللجنة الخاصة وقرارات مجلس الأمن".