مياه كثيرة مرت في انهار روسيا منذ عهد الديكتاتور الراحل جوزيف ستالين حتى عهد الرئيس "الديموقراطي" بوريس يلتسن لكن طقوس الكرملين ظلت على حالها. وفي وقت كشف امس ان ممراً سرياً انشئ تحت مكتب الدكتاتور الراحل للتنصت عليه، أعلن رئيس الوزراء المقال فيكتور تشيرنوميردين ان اجهزة وضعت في مكتبه الرسمي لتسجيل كل شاردة وواردة. واسرار الكرملين تكشف اما بدوافع سياسية أو بمحض الصدفة. واثناء تصليح مقر الأول الذي يرفرف فوقه عادة علم الدولة عثر المهندسون على ممر سري كان انشئ في الثلاثينات تحت مكتب ستالين. وذكرت صحيفة "ترود" ان التنقيب في ارشيف الاستخبارات لم يظهر وجود اي وثائق تدل على معرفة سيد الكرملين بالممر، كما لم يعثر على دليل يفيد بانه كان معداً لايواء كبار رجال الدولة او اخلائهم. واستنتجت الصحيفة ان الممر انشأه رئيس جهاز الامن آنذاك لافرينتي بيريا للاستماع الى ما يقوله زعيمه لآخرين، خصوصاً وان اجهزة التنصت المعاصرة لم تكن معروفة حينئذ. وأكدت انه "انطلاقاً من هذا المخبأ يمكن سماع كل كلمة تلفظ في المكتب". وأضافت انه لا توجد أي وثيقة في الكرملين تبرهن على ان ستالين كان على علم بوجود النفق السري. وقالت: "لو ان النفق بني لستالين نفسه لكان مريحاً أكثر". وبفضل تطور التكنولوجيا لم تعد هناك حاجة الى ممرات، وهذا ما اكده مدير الديوان الرئاسي السابق سيرغي فيلاتوف الذي ذكر انه كان يؤثر استخدام الورقة لتدوين ما يريد ان يقوله لجلسائه خوفاً من "اذان في الحيطان". بيد ان اكبر فضيحة اطلقها رئيس الوزراء السابق فيكتور تشيرنوميردين في حديث الى صحيفة "كومير سانت دايلي" امس الثلثاء اذ قال: "كنت اعرف دائماً انني تحت مراقبة مستمرة من جماعتنا الاجهزة الامنية ومن غيرهم". وسئل هل كان سبب استقالته يتمثل في ان الاستخبارات سجلت شريطاً للقائه مع نائب الرئيس الاميركي البرت غور ونقلته الى الرئيس بوريس يلتسن الذي انزعج من احاديث حول "وراثة" تشيرنوميردين له. وأجاب رئيس الوزراء السابق: "لا اعرف ... ولكن ربما كانوا يسجلون في مكتبي ايضاً". ورغم انه نفى اي حديث "مناوئ" ليلتسن الا انه قال ان جهات ما ربما "ركبّت" شريط فيديو سلم الى رئيس الدولة. وقد يكون الروس على حق حينما يرددون جملتهم الشهيرة "هذا الحديث ليس للتلفون" خوفاً من رصد اقوالهم. واثبت ذلك تسجيل نشرته صحيفة "موسكو نسكي كمسمولتس" لحديث بين النائب الأول الحالي لرئيس الوزراء بوريس نيمتسوف وناشر مذكراته يطلب فيه ارجاء طرح الكتاب الى الاسواق ريثا يفرغ من حسم مشاكله مع مصلحة الضرائب. ولم ينف نيمتسوف صحة الحديث الا انه اعرب عن سخطه لان "طرفاً ما" تجرأ على تسجيله ونشره. وعندما شكا الى رئيس الحكومة وكان تشيرنوميردين يتولى مسؤوليتها، قال له الاخير "الم تكن تعرف الى اي مكان جئت لتعمل؟".