القيادة تعزّي رئيس أذربيجان    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    توقيع 23 عقدًا ب1,75 مليار ريال لتطوير المدن الصناعية    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    وهم الاستقرار الاقتصادي!    %91 غير مصابين بالقلق    الربيعة يلتقي سفير دولة فلسطين لدى المملكة    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    سفير المملكة يقدّم أوراق اعتماده للرئيس زيلينسكي    "مصعب الجوير" يحقّق جائزة رجل مباراة الأخضر واليمن    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الكراسي البحثية وأبعادها المعرفية والاقتصادية    اتفاقية نقل صلاحيات تراخيص المسرح من الهيئة العامة للترفيه إلى هيئة المسرح والفنون الأدائية    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    «التخصصي» يتوج بجائزة التميز العالمي للتقنية    السعودية تشارك في اجتماع الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للمنظمة العربية للطيران المدني في الرباط    العثور على الصندوق الأسود للطائرة الأذربيجانية المنكوبة    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    فشل كل المحاولات لوقف النار في غزة    روسيا وأوكرانيا.. تصعيد حرب البنى التحتية ومحطات النفط    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    افتتاح فرع هيئة الصحفيين في جدة والساعد مديرًا له    هيئة المسرح والفنون الأدائية تطرح رخصها على منصة "أبدع"    تعاون علمي وتدريبي    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    الراجحي يشارك اجتماع وزراء التنمية الاجتماعية العرب    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالدفاع المدني    اللهيبي: النظام يوحّد ويجوّد منظومة الدعم الفني    الاتحاد السعودي للهجن يكشف تفاصيل البرنامج الزمني لمهرجان خادم الخرمين الشريفين 2025    هارون الزبيدي يسجل أول أهداف منتخب اليمن تاريخياً بشباك منتخب السعودية في كأس الخليج    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    تركي آل الشيخ يتصدر أكثر الشخصيات تأثيراً في عالم الملاكمة لعام 2024    أمير الشرقية : الدكتور عبداللّه الربيش قدم جهوداً مميزة ومقدره    «تقييم الحوادث»: قوات التحالف لم تستهدف «مستشفى باقم» ولا «اليتمة» ولا مدنيين    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    "السويلم" يدعم مستشفى البكيرية العام لتأمين عددًا من الأجهزة الطبية    تنفيذ حكم القتل قصاصاً بإحدى الجانيات في منطقة الرياض    وزير التعليم يُدشِّن أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية للموهوبين    صحيفة الرأي الالكترونية توقّع شراكة مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    السعودية وقطر تعقدان الاجتماع الثاني للجنة التنسيق الأمنية والعسكرية    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    عبد العزيز بن سعود يكرّم الفائزين بجوائز مهرجان الملك عبد العزيز للصقور    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    الدوري قاهرهم    استدامة الحياة الفطرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الرواية في القرن العشرين". من طغيان المؤلف الى موته في سياق اللغة
نشر في الحياة يوم 21 - 04 - 1998


الكتاب: الرواية في القرن العشرين
الكاتب: جان إيف تادييه. ترجمة محمد خير البقاعي
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998
ونحن على أعتاب قرن جديد، كان على الرواية، هذا النوع الأدبي الفائض بالثراء والتنوع والأكثر تمثيلاً للثقافتين الأوروبية والأميركية خصوصاً منذ فترة الرومانسية، أن يختط لنفسه معلمه الخاص الدقيق، الذي بات من المؤكد أنه أنجز خلال القرن الغارب، محققاً لنفسه ثراءً نوعياً يغزو به قرناً آتياً.
والناقد الفرنسي جان إيف تادييه حظي بجّل الاهتمام على أيدي أربعة من المترجمين العرب المبرزين، نظراً للموسوعية التي تشملها أعماله، مقرونة بالدقة وعمق التحليل، فقد سبق أن تُرجم له كتابه المشهور "النقد الأدبي في القرن العشرين"، وها نحن أمام كتاب آخر تمت ترجمته إلى العربية أيضاً، هو "الرواية في القرن العشرين" الذي يضم خمسة فصول هي: المتكلم في الرواية، الشخصيات، بنية الرواية، رواية المدينة/ مدينة الرواية، ثم الراوي والفكر.
شهد القرن العشرون - شأنه شأن القرن التاسع عشر - مخاض كتب تمثل هندسة الفن الروائي ومعماره، لواقع أدبي غربي لا تتابع فيه لكلمات عشوائية بطريقة عمياء، أوكتبت بشكل آلي حرفي. حتى وإن حدث ذلك، فإنها تشكل استثناءات لا يمكن أن تستحق اسم رواية، بل قلة من الروائيين هم الذين لا يضعون مخططا عاماً للكتابة.
انطلقت رواية القرن العشرين من إثبات الى نفي، ومن حضور مزعج الى غياب تام، ومن ضجيج هائل الى صمت يكاد يكون تاما. ويبدو ان الجنس الروائي تقاسمته إبان هذا القرن نزعتان تتمثل الأولى بمزاحمة الأعراف الموضوعية للتخييل كي تعطي صوت المؤلف استطالة متنامية. أما الثانية، فهي على العكس، تلغي هذا الكلام معلنة موت المؤلف، وربما موت الكتابة. ويفرض الفنان الكلي القدرة في الحال الأول شخصه ووظيفته على عمله، او بالأحرى لا يغدو المؤلف غاية بل هو وسيلة لبناء شخصه أو لتقويض دعائمة.
وقارن المؤلف بين تلك الصيحة الروائية في القرن العشرين ومثيلاتها في الفنون الأخرى متمثلا ببيكاسو الذي لا يتلخص في أية لوحة من لوحاته، ولا حتى في لوحته المشهورة "آنسات أفينيون" لكنه يبدو في كل صورة من صوره غير متوقع ومتقلب وعنيف.
أما عن أهم التقنيات الخاصة بالرواية، فقد وقع في داخلها، وفي علاقة المؤلف بالسارد وعلاقة السارد بالقصة، والطرق التي بواسطتها يوفران مدخلاً الى عقول الشخصيات، ثم وجهة النظر إذا افتضرنا أن المؤلف يحاول ان يحقق تمثيلا موضوعيا وواقعيا محررا نفسه من التعليق المتطفل الذي يحيل الشخصيات الى دمى.
وبذلك تغدو وجهة النظر وسيلة كي نفهم كيفية اندماج الشكل والمضمون في الرواية، على الرغم من ان الشكل ليس كيفية سرد القصة فحسب، بل يضم ايضا بنية الصورة والاستعارة والرمز الذي ينبثق عن الفعل الروائي.
وطغت على رواية القرن العشرين انطلاقة خارقة لنصوص المدينة، ليس على حساب الارياف، بل ابراز المدينة بما يفيد الرواية ويظهر سعة خيال الروائي. فنجد باريس في "البحث عن الزمن المفقود"، وكانتون في رواية "الغزاة"، وشانغهاي في رواية "الشرط الإنساني"، وما نشستر في رواية "استخدام الوقت".
ان استخدام المدينة بوصفها تقنية روائية مرجعه الى اعادة اكتشاف صورة المدينة مرة اخرى، فنحن في صدد رواية مدينة حقيقية وأخرى متخيلة، خاضعة كلها لحرفية الروائي في اللعب على أوتار المدينة الروائية باستخدام ضمير المتكلم في الرواية، فيقع القارئ في أحبولة الشك على ضمير الأنا، أهو الكاتب أم القارئ نفسه أم الراوي؟
ويفرض القص بضمير المتكلم ان يكون الكاتب حاضرا روائيا كل الحضور، حتى لو لم يلتبس الراوي بالكاتب، ويتجلى ذلك الحضور في فعل الكتابة، فضمير المتكلم خير شاهد على رواية السيرة الذاتية لكن ضمير الغائب يستفيد من مزية الشك، حيث يخفي بعمق انا الكاتب، ذلك ان هناك أنا عظيمة غير معروفة، هي أنا القاص التي تتجزأ الى أنوات متتالية، وهكذا فلا نستطيع معرفة اي من شخوص الرواية من دون امعان النظر مليا في الشخصيات.
وبعد، فلقد ظهرت الرواية بوصفها نوعاً ادبياً رئيساً ممثلاً لأهم الانتاج الادبي بواسطة محتواها وتمثلاتها للحياة وتنوعها، وذلك من طريق انفضالها عن الاشكال التقليدية والوضعيات الخيالية والتحرر من قيود الاجناس الادبية الأخرى، فضلا عن تنوع تجربتها في عدم التقيد بمفهوم العقدة الذي ارتبط لفترة غير قليلة بالحكايات التقليدية، والوسائل الفنية المبتذلة في الحكايات الرائجة بين عامة الناس، وذلك ما تجنبه روائيو العصر الحديث.
سعت رواية القرن العشرين الى تطوير النص كاملا واخراجه من أسر التقليدية التي ظلت تعاني منه طوال عقدين سابقين. لذلك، تنوعت تقنيات الرواية بتنوع تجربتها وباتت تقنيات الراوي، المروي، المروي عليه، الفضاء الروائي، تعطي للقاص حرية كاملة للحركة داخل روايته، دون العودة الى سرد تقليدي حكائي لازمها من دون تغير حاسم خلال تطور السرد النثري منذ العصور الوسطى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.