أعربت اسرائيل عن رفضها أي "ضغوط" اميركية وسط أنباء تحدثت عن قلق تل ابيب المتزايد إزاء احتمال اطلاق الولاياتالمتحدة مبادرة جديدة لانقاذ العملية السياسية فيما لم تسجل مفاوضات ضمن لجان فرعية على المسار الفلسطيني أي تقدم. وأكد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو رفضه ضغوطاً يحتمل ان تمارسها واشنطن لدفع المسار الفلسطيني - الاسرائيلي الى أمام من أجل التوصل الى حل. وقال نتانياهو في كلمة ألقاها داخل أروقة البرلمان الاسرائيلي مساء الاثنين أمام ممثلي منظمات يهودية اميركية ان "اسرائيل وحدها هي التي ستتخذ القرارات المتعلقة بأمنها. اننا نرفض أي حل يراد فرضه علينا". ونقلت مصادر صحافية اسرائيلية عن مسؤولين سياسيين "قلقهم المتزايد إزاء التدخل الاميركي" الذي بات وشيكاً، مشيرة الى ان الحديث في أروقة البيت الأبيض يدور الآن فقط بشأن ما اذا كانت هذه المبادرة سيعلنها الرئيس بيل كلينتون نفسه أو وزيرة خارجيته مادلين اولبرايت. وقالت المصادر نفسها ان الادارة الاميركية "مستعدة أكثر من أي وقت مضى لإطلاق مبادرة تدعو اسرائيل الى الانسحاب من 13.1 في المئة" من أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة لاثبات صدقيتها أمام العالم العربي في ظل الأزمة العراقية الأخيرة. وأكدت تقارير اسرائيلية ان حكومة نتانياهو قدمت أخيراً عروضاً "سخية" للفلسطينيين في محاولة لإفشال المبادرة الاميركية المحتملة في الوقت الذي يسعى فيه نتانياهو لدى اللوبي الصهيوني في واشنطن ومؤيدي اسرائيل في الكونغرس الاميركي لمنع الادارة الاميركية من الاعلان عن المبادرة. وأشارت صحيفة "معاريف" العبرية الى ان اسرائيل قدمت للفلسطينيين "عرضاً ثورياً" خلال لقاءات سرية معهم تضمن "منح الفلسطينيين دولة صغيرة على 40 في المئة من أراضي الضفة الغربية مقابل إلغاء اتفاقات اوسلو". وأضافت ان الفلسطينيين ممثلين بپ"معسكر محمود عباس" أبو مازن رفضوا هذه الصيغة الاسرائيلية معولين على التدخل الاميركي الفاعل سبيلاً وحيداً للتقدم في المفاوضات. ومن بين مؤيدي "معسكر أبو مازن" حسب المصادر الاسرائيلية وزير التخطيط والتعاون الدولي نبيل شعث والأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني أحمد عبدالرحمن اللذان أعلنا أخيراً "موت العملية السلمية" وحثا واشنطن على التدخل. وكشفت المصادر الاسرائيلية ان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ألغى لقاء سرياً كان مقرراً ان يعقد بينه وبين وزير البنية التحتية ارييل شارون اليوم الاربعاء "لعدم جدوى هذا اللقاء". ولجأ نتانياهو الى إحداث "جلبة" على الصعيد الديبلوماسي عبر إرساله مبعوثين الى العديد من الدول لخلق انطباع لدى الادارة الاميركية بجدية توجه حكومته لاحراز تقدم في العملية السلمية السياسية ليس على المسار الفلسطيني فحسب بل على المسارين السوري واللبناني أيضاً. وعمل نتانياهو خلال الاسبوعين الأخيرين على تنشيط عمل لجان التفاوض الفلسطينية - الاسرائيلية التي تعالج استحقاقات اتفاقات اوسلو من دون ان يتمخض عن اجتماعات هذه اللجان أي تقدم، حسب تقويم الجانب الفلسطيني. وأظهرت تصريحات سكرتير حكومة نتانياهو داني نافيه امس مدى قلق الاسرائيليين من أي تدخل اميركي. وقال نافيه في ختام اجتماع للجنة الممر الآمن عقد في القدس الغربية وترأسه عن الجانب الفلسطيني وزير الحكم المحلي صائب عريقات ان اي تقدم يمكن التوصل اليه "لن يتم الا عن طريق الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين"، مكرراً رفض حكومته اي تدخل اميركي. واعرب عريقات في المقابل عن دهشته للموقف الاسرائيلي المعارض للمبادرة الاميركية. وقال للصحافيين: "استغرب التصريحات الاسرائيلية خصوصاً اننا اتفقنا في 29 ايلول سبتمبر العام الماضي على ان تقوم وزيرة الخارجية الاميركية بتقديم مبادرة حول اعادة الانتشار والمسائل الأمنية والمرحلة النهائية". وجدد عريقات دعوته للولايات المتحدة لانقاذ العملية السلمية، رافضاً اتهامات المسؤولين الاسرائيليين للسلطة الفلسطينية بوضع العراقيل امام تقدم عمل اللجان التفاوضية. ورفض المسؤول الفلسطيني الذي ناقش على مدى ساعتين مسألة فتح ما يسمى بپ"الممر الآمن" بين الضفة الغربية وقطاع غزة الرد على اسئلة الصحافيين عما اذا كان قد تم احراز تقدم، وقال: "لا تسألوني ان كان هناك تقدم أو تأخر. نحن نقوم بمراجعة شاملة لاعمال اللجان التي لم تعمل منذ فترة طويلة وهذا يستغرق وقتاً". وجاء لقاء عريقات - نافيه استكمالاً للقاء عقد في منزل السفير الاميركي لدى اسرائيل في هرتسيليا مساء الاثنين. ومن المقرر ان يجتمع الجانبان الاسبوع المقبل للبحث في مسألة الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.