أخفق الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان، وعاد إلى واشنطن خالي الوفاض ليبلغ الإدارة الأميركية أنه فشل في ترتيب قمة ثلاثية تجمع بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) في نيويورك الأسبوع المقبل على هامش افتتاح الدورة السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهو لقاء رمت الإدارة الأميركية بكل ثقلها لعقده من أجل أن تقدمه إنجازاً لسياستها الخارجية بعد فشلها في إقناع إسرائيل بوقف البناء في المستوطنات. واجتمع ميتشل أمس مرتين مع نتانياهو، وبينهما التقى عباس في رام الله، وبدا أنه يلعب دور الوسيط بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، مسلّماً بالتعنت الإسرائيلي وبرفض نتانياهو استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين من دون قبول الشروط الإسرائيلية. وعلى رغم فشل المهمة، فإن مراقبين رأوا أن الجهود الأميركية لعقد القمة الثلاثية ستستأنف مع وصول عباس ونتانياهو إلى نيويورك لإدراك واشنطن أن انتكاسة في جهدها لتحريك السلام في الشرق الأوسط سيمس بالصورة التي حاول الرئيس الأميركي الظهور بها كوسيط «نزيه» في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وكانت أوساط إسرائيلية روّجت في اختتام اجتماع نتانياهو – ميتشل الأول صباح أمس أن إسرائيل مستعدة ل «صيغة توفيقية» في شأن مدة تعليق البناء في المستوطنات، وأنها تقبل بأن تكون المدة تسعة أشهر، فيما أصرت واشنطن على عام على الأقل. وأفادت مصادر صحافية إسرائيلية أن الأميركيين رفضوا الموقف الإسرائيلي القائل بأن البناء في المستوطنات سيستأنف فور انتهاء مدة تعليقه. ميتشل - عباس وفي رام الله، ابلغ ميتشل الرئيس عباس خلال لقائهما امس بفشل جولته في التوصل الى اتفاق مع نتانياهو في شأن تجميد الاستيطان، لكنه اكد له انه سيواصل جهوده مع الزعيم الاسرائيلي اثناء انعقاد الجمعية العامة وعقب انتهاء اعمالها. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات ل «الحياة» عقب اللقاء: «انتهت جولة ميتشل المكوكية من دون التوصل الى اتفاق». واضاف: «أعلمنا ميتشل انه لم يتوصل الى اتفاق مع الجانب الاسرائيلي في شأن الالتزامات المطلوبة منه بموجب خريطة الطريق». وتابع: «لكنه اكد لنا انه سيواصل جهوده في نيويورك (اثناء اجتماعات الاممالمتحدة) وبعدها». وبذلت ادارة الرئيس باراك اوباما منذ الربع الاول من العام الحالي جهوداً لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية. وكان من المتوقع ان يعلن اوباما في ختام اجتماع ثلاثي يجمعة مع عباس ونتانياهو على هامش اجتماعات الجميعة العامة للامم المتحدة الاسبوع الجاري عن انطلاق المفاوضات، لكن رفض اسرائيل تجميد الاستيطان، ادى الى اعاقة المساعي الاميركية. ويصر الجانب الاميركي على وقف الاستيطان، معتبراً اياه مدخلاً ضرورياً للعودة الى المفاوضات. وقال عريقات ان الجانب الامريكي ما زال متمسكاً بموقفه هذا. وكان اوباما ابلغ عباس في زيارة الاخير السابقة واشنطن انه يرى في اقامة دولة فلسطينية مصلحة قومية اميركية، معتبراً اقامة الدولة الفلسطينية وانهاء الصراع العربي - الاسرائيلي مدخلاً اساسياً لاستقرار المنطقة. ضغوط اميركية ومصرية ورغم فشل الجولات الخمس المتلاحقة للمبعوث ميتشل، الا ان الجانب الاميركي يرى في عقد اجتماع بين عباس - ونتانياهو في الاممالمتحدة خطوة مهمة على طريق اقناع اسرائيل بوقف الاستيطان. وقالت مصادر مطلعة ان ادارة اوباما تحاول اقناع عباس بلقاء نتانياهو. وقال مسؤول فلسطيني ان انعقاد اللقاء بين عباس ونتانياهو، في حال حدوثه، لن يكون سوى لقاء شكلي، ولن يعني بأي حال من الاحوال استئناف المفاوضات. وعارضت اللجنة المركزية لحركة «فتح» في اجتماعها الاخير اجتماع عباس مع نتانياهو. وتلقى عباس ايضاً نصائح من عدد من كبار مستشاريه بعدم لقاء نتانياهو. لكن مسؤولاً كبيراً رجّح ان يوافق عباس على لقاء نتانياهو في حال اصرار الرئيس الاميركي على ذلك. غير انه اعتبر ان لقاء من هذا النوع لن يكون اكثر من لقاء شكلي. وتبذل مصر ايضاً جهوداً لإقناع عباس بلقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي. وغادر عباس امس رام الله الى القاهرة للقاء الرئيس حسني مبارك اليوم، وسيتوجه عقب ذلك الى الاردن للقاء العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، قبل ان يتوجه الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة. وقال مكتب عباس انه سيصل الى نيويورك في 21 الجاري ويعود في 25 منه. واوضح عريقات ان الرئيس ابلغ ميتشل انه لن يقبل بأي حل وسط لوقف الاستيطان، وان المفاوضات يجب ان تستأنف من النقطة التي توقفت عندها في عهد الحكومة الاسرائيلية السابقة، وان تشمل جميع قضايا الوضع النهائي من دون استثناء. وكان نتانياهو اعلن ان المفاوضات المقبلة مع الجانب الفلسطيني لن تشمل القدس واللاجئين. واوضح عريقات ان «الجانب الفلسطيني يسعى الى التوصل الى رزمة تتضمن التزامات الطرفين بموجب خريطة الطريق، وتتضمن ايضاً آليات للمراقبة والمتابعة والتنفيذ لكل الالتزامات الواردة في خريطة الطريق وتحديداً وقف الاستيطان، بما فيه النمو الطبيعي». واجرى ميتشل منذ تعيينه مبعوثاً لعملية السلام ربيع العام الحالي خمس جولات بهدف اقناع اسرائيل بوقف الاستيطان ليصار الى استئناف المفاوضات. لكنه لم ينجح في ذلك الامر الذي يعيق اعلان مبادرة اميركية لاستئشاف المفاوضات. وتقول مصادر متطابقة ان نتانياهو رفض وقف الاسيتطان في القدس وفي الكتل الاستيطانية، وعرض وقفاً موقتاً للاستيطان فقط في المستوطنات الواقعة في قلب الضفة الغربية.