عرض رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري مع رئيس الجمهورية الياس الهراوي خلاصة مشاوراته مع الكتل والفاعليات النيابية والسياسية والاقتصادية والروحية. وتطرّق الحديث ايضاً الى مختلف التطورات بما فيها المناورات الاسرائىلية في شأن القرار 425. واكد الحريري بعد اللقاء الذي استغرق نحو ساعة ان مجلس الوزراء "سيجتمع في القصر الحكومي مساء امس بسبب الوضع الصحي لرئيس الجمهورية"، نافياً في شدة ما ذكرته احدى الوسائل الاعلامية امس عن "انتكاسة في العلاقة" معه، ومؤكداً "ان هذا الامر عارٍ من الصحة". وأوضحت مصادر قصر بعبدا ان الرئيسين الهراوي والحريري "اتفقا على سحب مشروع سلسلة الرتب والرواتب من المجلس النيابي إنما ضمن سقف محدد هو خمسة أسابيع يتم خلالها عرض المشروع على مجلس الوزراء، ويقدّم الوزير فؤاد السنيورة دراسات تفصيلية عن السلسلة تتناول ابوابها كافة". وأضافت ان الحريري اكد خلال الاجتماع "ان في الامكان تأمين مصادر لتمويل السلسلة". وكان رئيس الحكومة تابع امس المشاورات لوضع تصور مشترك لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية المطروحة. والتقى وفدين، الاول من جمعية المصارف برئاسة فريد روفايل والثاني من الفاعليات الاقتصادية. وأوضح روفايل ان البحث "شمل مختلف القضايا الاقتصادية"، مشيراً الى ان ضريبة الواحد في المئة على حجم الاعمال "يختلف تطبيقها من قطاع الى آخر وخصوصاً في القطاع المصرفي". وأضاف "سجلنا في ارتياح بقاء رئيس الحكومة على وعده واهتمامه الكلي بالمحافظة على مستوى العجز الوارد في قانون الموازنة". وأوضح رئيس غرفة الصناعة والتجارة عدنان القصار ان الفاعليات الاقتصادية هنأت رئىس الحكومة "بالمحافظة على نسبة العجز في الموازنة خلال الشهرين الماضيين"، مشيراً الى "ان موضوع الواحد في المئة يجب درسه جيداً والتريث قبل طرحه". وأوضح ان الفاعليات "ركّزت على الامور الآتية: دعم القطاعات الانتاجية والسير في السياسة التقشفية والمتوازنة للدولة والاصلاح الاداري وبناء المؤسسات وعدم فرض ضرائب جديدة في ظل الركود الاقتصادي والنظرة الشاملة في موضوع الضمان الاجتماعي". وعن إصدار سندات خزينة بقيمة بليوني دولار، قال: "ان هذه علاقة ثقة بلبنان، ومن الضروري ان تحصل لأنها تخفف من الفوائد، ولكن يجب ان تبقى ضمن هذا السقف". "اللقاء" النيابي وفي ردود الفعل، بحث اللقاء الوطني النيابي في اجتماعه امس في منزل احد اعضائه رئيس المجلس النيابي السابق النائب حسين الحسيني، في "تطورات الوضع السياسي وخصوصاً في ما يسمى المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة والاجواء المواكبة لها". فاستغرب "طريقة تعاطي الرئيس الحريري معها وردوده الحادة عبر اوساطه او مكتبه الاعلامي او وسائله الاعلامية على آراء بعض من شملتهم هذه المشاورات". ورأى اللقاء ان اطلاق صفة "مجموعة الاشتباك السياسي" على المعارضة "تعبير عن رفض وجود المعارضة اساساً. فإذا كان الرأي الذي لا يتفق مع رأي رئاسة الحكومة يسمى اشتباكاً، فذلك لا يترك مكاناً للمعارضة في حساباتها". وأضاف ان "حكم الشخص الواحد او التيار الواحد او الحزب الواحد لا يمت الى الديموقراطية بصلة، وليس من حق المسؤول ان يضيق ذرعاً بالمعارضة". وتابع "لا يجوز اشراك النواب في قرار السلطة التنفيذية. واذا كانت هناك نية للتخلي عن نهج التفرد في الحكم، فذلك لا يتم بالتشاور العرضي، وانما بالمشاركة الحقيقية في القرار في شكل منتظم داخل مجلس الوزراء". ولاحظ ان "الحكومة لم تتنبه الى ثغر السياسة التي كانت تنتهجها الا بعد نشوء المأزق الذي يتمثل بوجود مشاريع حيوية ملحة لا يتوافر لها التمويل اللازم. وهذا يعود اساساً الى اصرار الحكومة حتى اليوم على عدم الاخذ بمبدأ التخطيط الانمائي ومفهوم الاولويات اللذين تفرضهما محدودية الموارد المالية المتاحة للدولة في تنفيذ المشاريع الانمائية". وفي البحث عن موارد جديدة، دعا اللقاء الحكومة الى "تحاشي فرض رسوم وضرائب جديدة تزيد المواطنين من الفقراء وذوي الدخل المحدود ارهاقاً في ظل الازمة المعيشية المتمادية وتحاشي اللجوء الى مزيد من الاقتراض بعدما ارتفعت مديونية الدولة الى مستويات غير صحية. فبهذا المنطق يمكن تعزيز موارد الدولة من خلال خفض بعض النفقات العامة وترشيد الانفاق وضبط الاهدار وسلوك طريق التقشف. اما وان خدمة الدين العام تشكل اكبر باب من ابواب الانفاق العام فيمكن خفض هذه النفقات بخفض معدلات الفائدة التي تدفع على سندات الخزينة. ويتم ذلك بامتناع الحكومة عن الاستدانة من السوق بأكثر من حاجة الخزينة لتغطية عجز الموازنة، خلافاً لما سارت عليه سياسة الحكومة في الماضي. واما الرواتب والاجور وملحقاتها وهي تشكل باباً كبيراً آخر من ابواب الانفاق العام فترشيدها يفترض اجراء اصلاح اداري جدي وواسع، وهذا ما لا امل في تحقيقه في ظل العقلية السائدة في الحكم في الوقت الحاضر". وختم ان "تفاقم الازمة الاقتصادية الاجتماعية وملابساتها اظهر بما لا يقبل الشك ان اي اصلاح جذري يرتجى لن يستقيم الا بدءاً بالاصلاح السياسي وتقويم العلاقة السائدة في الحكم". وانتقد السيد توفيق سلطان "منتقدي مشاورات الرئيس الحريري والوديعة السعودية". وقال: "على الدولة ان تبادر بإصدار قانون أرباح الحرب وأرباح الحكم. فالثروات التي جنيت اثناء الحرب يجب ان تلحقها ضريبة عادلة، وكذلك الثروات التي حصّلها بعض من تولى مسؤولية المشاركة في الحكم والتي حولته من انسان عادي الى ثري باذخ يجب ان يدفع عليها ضريبة ما دمنا لا نستطيع ان نسأله من اين لك هذا".