عارض رئيس الجمهورية اللبنانية الياس الهراوي امس فرض رسوم جديدة على المستهلك اللبناني، عشية الجلسة المقررة لمجلس الوزراء والتي وصفت بأنها "غاية في الأهمية" لجهة تأمين مصادر لسلسلة الرتب والرواتب، وهي احد البنود الاساسية لمشاورات استمرت 3 أسابيع أجراها رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي كشف أن السلسلة ستوزع اليوم على الوزراء وستقر بعد اسبوعين. ونقل النائب جهاد الصمد عن الهراوي "معارضته أي رسم جديد يفرض على المستهلكين الذين نؤيد حماية مصالحهم"، وفي المقابل "تأييده الضرائب التي لا تقع على كاهل المواطن". وأعلن الهراوي "تمسك لبنان الثابت بتنفيذ القرار الدولي الرقم 425 وبالانسحاب الاسرائيلي من دون قيد او شرط وتلازم المسارين اللبناني والسوري لإرساء سلام عادل وشامل في الشرق الاوسط يحفظ الحقوق العربية ويحرر كل الاراضي العربية المحتلة، لأن الحلول المنفردة لم تكن مشجعة وكانت دائماً تصب في مصلحة اسرائيل". وأدّت الاجراءات التي اتخذتها الحكومة، وتنوي اتخاذها، لتأمين مزيد من الموارد للخزينة الى تجاذب بينها وبين الهيئات الاقتصادية ورجال الاعمال، فبعد معارضة قطاع واسع من هؤلاء فرض ضريبة خمسة في المئة على الفنادق، أعلنت الهيئات الاقتصادية في بيانات أمس معارضتها فرض ضريبة واحد في المئة على مجموع الاعمال الذي تنوي الحكومة اتخاذ قرار تطبيقه على الشركات. ومن المقرر ان يناقش مجلس الوزراء في جلسته هذه الاجراءات لتأمين واردات تغطي النفقات على مختلف المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والانمائية وللوفاء بالتزام الحكومة عدم تخطي نسبة العجز المقدّرة في موازنة 1998 وتصل الى 42 في المئة. وأعلنت الهيئات الاقتصادية في بيان امس، "عدم موافقتها على ضريبة الواحد في المئة وعلى فرض اي ضرائب او رسوم جديدة لها وتفعيل الجباية". وأكدت على "التوافق مع الحكومة على مجموعة افكار منها انه "في حال الاصرار الحكومي على الزيادات فان الهيئات تطلب تحديداً واضحاً للمشاريع المنوي تحقيقها في مختلف المناطق ضمن خطة خماسية خارج الموازنة وفق الأولويات الملحّة". وأكدت اقتراحها "الاستعاضة عن الواحد في المئة بفرض ضريبة 5 في المئة على الارباح"، وهو ما رفضه الحريري. وعقد في قصر بعبدا اجتماع دام ساعة بين الرئيس الهراوي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي رفض الادلاء بأي تصريح واكتفى بالقول: "ما في شيء، الزيارة تقليدية بدلاً من يوم غد" اليوم موعد اللقاء الاسبوعي. وكان الهراوي التقى صباحاً وزير الدفاع محسن دلول الذي قال ان جلسة مجلس الوزراء اليوم "ستكون غاية في الاهمية لجهة تأمين مصادر سلسلة الرتب والرواتب". وفي القصر الحكومي، أوضح الحريري، بعد اجتماعات عقدها مع مجالس نقابية عدة، ان سلسلة الرتب والرواتب ستوزع اليوم في مجلس الوزراء "لإقرارها بعد اسبوعين بعد تضمينها موارد التمويل على ان تقر بعد جمعها مع سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بالعسكريين". وعما نسب الى رئيس المجلس النيابي أنه لا يوافق على فرض رسم الواحد في المئة على حجم الاعمال، قال الحريري ان "الورقة الاصلاحية التي تم التوافق عليها بين الرؤساء وتبناها مجلس الوزراء في جلسة سابقة كانت تضمنت فرض الرسم على حجم الاعمال لتأمين واردات مالية جديدة للخزينة تخصص كما كنا اعلنا لإنماء المناطق الريفية والمحرومة". وأضاف ان "هذه النقطة مدرجة على جدول اعمال مجلس الوزراء ولنتحمل جميعاً المسؤولية حيال ما وعدنا به من مشاريع تنفذ في عدد من المناطق". ورفض رئيس الحكومة التعليق على اسئلة الصحافيين في شأن ما توصلت اليه القمة اللبنانية - السورية الموسعة، واصفاً الاجواء بأنها "طبيعية وجيدة". ووزع أمس محضر الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة مع الرابطة المارونية اول من امس، في اطار مشاوراته. فأكد خلاله ان كل المشاريع التي نفذت اولويات، وان عودة المهجرين وتأمين المال اللازم لها من اهتمامات الحكومة الاساسية. مشدداً على ان احد مصادر تمويلها تأجير الاملاك البحرية على اساس ستة في المئة من القيمة المقدرة، وكذلك عائدات طابق المر. ورداً على ملاحظات ابداها رئيس الرابطة بيار حلو على السياسة المالية للحكومة وتمنيه لو ان المشاورات حصلت في السنتين الاوليين من ترؤسه الحكومة "لكي نشارك في المسؤولية"، قال الحريري: "ليس هدف المشاورات تحميل احد المسؤولية، فأنا اتحملها دستورياً وأعمل على قاعدة ثقة المجلس النيابي بحكومتي، وهي قائمة. بل الهدف سماع الاقتراحات ومناقشتها والاخذ بما هو عملي منها وقابل للتطبيق". وسأل الحريري: "هل سياسة الحكومة المحافظة على الاستقرار المالي خاطئة؟ وهل ترك الامور من دون استقرار افضل؟". ورفض المقارنة بين نسبة العجز في العام 1992 والنسبة اليوم، مشيراً الى "ما تحقق خلال خمس سنوات من مشاريع اعمار وغيرها". وكشف ان حجم الايرادات خلال السنوات الخمس الماضية بلغ 15 ألف بليون ليرة. وقال: "لو لم نصرف على المشاريع لكان الدين زاد وتناقصت الواردات وبقيت المشكلات الكبيرة على حالها وازداد تفاقم مشكلة المهجرين". وأشار الى ان "مستوى الدخل بدأ يتحسن خصوصاً في ايرادات الطبقة المتوسطة التي بدأت تعود". ولاحظ ان "هناك وزراء ممثلين في الحكومة ووراءهم كتل نيابية، ويعارضونها، هذه حال مرضية سائدة في البلد. قمت بكل ما يلزم ليسود حكم المؤسسات، لم انجح بسبب الظروف والمعطيات القائمة. كلامي لا يعني اني يائس، كلا فقد حققنا انجازات وأموراً مهمة جداً. لم نرتكب اخطاء فادحة ولكن كان في الامكان تحسين الاداء اكثر. لو حصلت على سلطة موازية لثقة الشعب لكنت حققت اموراً كثيرة اطمح اليها، لكنني حزت ثقة الشعب من دون الحصول على سلطة موازية". وآمل ان "يأتي العهد الجديد برئيس جديد على علاقة جيدة مع سورية منفتح على المسلمين ويحوز ثقة المسيحيين. هذا ما تحتاج اليه البلد، وأعتقد ان توجهه السياسي سيلقى قبولاً من الناس، وهذا يتطلب ايضاً قيام حكومة تعكس هذا الواقع وسيؤدي ذلك الى وضع سياسي يختلف عن الوضع الراهن. ووصول رئيس بهذه المواصفات سيضع الامور على السكة. انا لا انتقص من الرئيس الهراوي، التاريخ سيحكم على عهده، فقد قام بإنجازات كثيرة وكبيرة ونفذ اموراً عدة واتخذ قرارات مهمة في احلك الظروف ودفع البلاد نحو الافضل وأقول هذا وبمنتهى الصراحة. اما القول بأن لا صلاحيات لرئيس الجمهورية فهذا غير صحيح، هناك بعض التعديلات بالنسبة الى المهلة المعطاة لرئيس الجمهورية لتوقيع القوانين يجب درسها والبحث فيها. وعن رأيه في اقتراح الوزير ميشال المر تعديل المادة ال 49 من الدستور، اجاب الحريري: "هذا رأي شخصي للوزير المر، من يقترح التعديل هو رئيس الجمهورية فقط، وعندما يطرح هذا الاقتراح على مجلس الوزراء يوافق عليه، ويحيله بمرسوم على المجلس النيابي. في المرة الماضية تمنيت على فخامة الرئيس وقبل التمني مني وتقدم بطلب التعديل امام مجلس الوزراء الذي وافق عليه وأحاله على المجلس النيابي بمرسوم". وتحدث الحريري عن موقف لبنان من الدعوات الاسرائيلية المتكررة الى تنفيذ القرار الرقم 425 فقال: "نحن مع انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانيةالمحتلة بموجب هذا القرار، لكننا لا نستطيع تحمل ترتيبات امنية مع اسرائيل. هذا هو موقف لبنان في معزل عن سورية. السوريون يهمهم التنسيق ووحدة المسارين. نحن لن نكون في وضع تقديم جردة حساب امنية لإسرائيل ولن اقبل ان اعطيها اي ورقة في مقابل انسحابها من لبنان لأننا سنكون مسؤولين حيال اسرائيل ونحن لن نكون مسؤولين الا امام شعبنا، اذا ارادت اسرائيل ان تطبق القرار 425 في معزل عن تحقيق السلام الشامل فهذا هو موقفنا ولن نقدم أي التزام الى اسرائيل شبيه بما ارادت تحقيقه من خلال اتفاق 17 أيار مايو. هذا ما سنقوم به حتى لو لم يكن هناك اي وجود سوري في لبنان".