الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    20 مليار ريال مشروعات وعقود استثمارية أُبرمت لخدمة الشرقية    الذهب يتراجع ب 38 دولارا مع ترقب الفيدرالي    المملكة الأولى عربياً وال 20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»    إمدادات الغذاء لغزة لا تلبي 6% من حاجة السكان    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    «أونروا»: مليونا نازح في غزة تحت حصار كامل    ضمن الجولة 11 من دوري«يلو».. نيوم يستقبل الباطن.. والجندل في اختبار العدالة    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الهلال ضيفاً على السد القطري    « هلال بين خليج وسد»    الهلال يتوعد السد في قمة الزعماء    وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية كندا    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    311 طالباً وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة «موهوب 2»    الدخول لمطل البجيري مجاناً احتفالا بالذكرى السابعة..    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    انعقاد الجلسة الثانية ضمن فعاليات مؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة في الرياض    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    بدء التسجيل لحجز متنزه بري في الشرقية    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    جازان: انطلاق المخيم الصحي الشتوي التوعوي    أمير تبوك يستقبل القنصل الكوري    القيادة تهنئ السيد ياماندو أورسي بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية في الأوروغواي    الاحتفاء بجائزة بن عياف    بنان يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    الرخصة المهنية ومعلم خمسيني بين الاجلال والإقلال    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. هل يغازل محمد صلاح الدوري السعودي؟    تعليم جازان يحتفي باليوم العالمي للطفل تحت شعار "مستقبل تعليمي أفضل لكل طفل"    الباحة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 82.2 ملم    قطاع ومستشفى بلّحمر يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    الأهل والأقارب أولاً    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفالاشا الاثيوبيون أو الهائمون على وجوههم في إسرائيل
نشر في الحياة يوم 29 - 03 - 1998


محمد حافظ يعقوب.
الذاكرة والاقتلاع: فالاشا اثيوبيا - التاريخ والاسطورة والمنفى.
دار المدى، دمشق.
1997.
156 صفحة.
في كتابه الصادر حديثاً "الذاكرة والاقتلاع: فالاشا اثيوبيا - التاريخ والاسطورة والمنفى" يؤكد الباحث الدكتور محمد حافظ يعقوب أنه يطمح إلى "تعويض خلو المكتبة العربية من مرجع عن الفالاشا"، وهذا الطموح تحقق إلى حد كبير. فالكتاب يشكل دليلاً جيداً لمقاربة هذا الموضوع ليس بطريقة نضالية واتهامية وليس من موقع الشكوى من بداعة الصهيونية وليس من خلال الاندراج في الحملات الدعاوية، وإنما من خلال دراسة موضوعية استطاع الكاتب أن ينجزها، وهو الفلسطيني، بأعصاب باردة، وبقدر كبير من الالتزام بأصول البحث المتعارف عليها في الأوساط الجامعية الأجنبية.
غير أن طموح يعقوب الآخر من إعداد هذا الكتاب "... نتوخى منه المساهمة في المساعي المبذولة لاكتشاف الأساطير التي تستند إليها الحضارة الغربية وهي أساطير تؤسس في اعتقادنا لعلاقات عصرنا كله، ولمنظومة أفكاره ومعتقداته الفاعلة والسائدة فيه"... هذا الطموح الكبير لا يتناسب مع تدافع الجهد المبذول والنتائج التي توصل إليها الكتاب، ما يجعل المرء يتمنى لو ان الأمر اقتصر على الطموح الأول وحده، وبالتالي تركيز كامل الجهد في بلوغ هذا الهدف وهو ليس بسيطاً كما يبدو للوهلة الأولى.
في رحلته داخل قضية الفالاشا، يبذل الباحث جهداً كبيراً في عرض وتفكيك الصورة السائدة عنهم وعن اثيوبيا حيث نشأوا منذ بدء الخليقة، ويحلل هذه الصورة ويعيد بناءها، ويذهب لهذه الغاية إلى بيئتهم في الهضبة الاثيوبية، وتحديداً إلى محيط مدينة غوندار ويرى أنهم كانوا يشكلون عنصراً مهماً في توازن محيطهم ولم يكونوا منبوذين أو غير مندمجين، ذلك ان النبذ واللااندماج سيبرز في ما بعد حين يستقرون في إسرائيل على أثر عمليتي سليمان في 1991 وموسى في 1985، وهنا لا بد من التشديد على اللااندماج الذي استخدمته الصهيونية كمنهج لتنظيم اقتلاع الطوائف اليهودية من بيئاتها المختلفة وإعادة زرعها في فلسطين، وذلك ضمن مسعى صريح يقضي بإعادة تنظيم يهوديتها وجعل هذا التنظيم عنصراً في تعايشها ورصد صفوفها إلى جانب بعضها البعض وفي مواجهة العربي عموماً والفلسطيني بصورة خاصة.
ويحمل يعقوب على مصطلح الاكتشاف الذي استخدم للاشارة إلى ظهور الفالاشا ويرى أنه "تعبير مشحون بالمعاني التي تميل إلى نظام المعرفة السائد في الغرب". ويرى بحق ان هذا الاكتشاف، هو "اكتشاف مشكلة" ستتضح كل معالمها خلال تسليط الاضواء عليهم اثناء انتقالهم إلى إسرائيل وبعد.
هكذا نرى مع الباحث أن سحنتهم السوداء مشكلة لليهود البيض الذين من المفترض، بحسب أساطيرهم، أن يكون صفاؤهم العرقي الأبيض المتوارث عبر التاريخ وفي الأساطير اليهودية المتداولة، غير مشوب بألوان أخرى. ونرى مع الباحث أن جهلهم باللغة العبرية مشكلة، وأن المحاولات المستمرة لتنصيرهم مشكلة. وانتقالهم إلى إسرائيل طرح مشكلة، والاعتراف أو عدم الاعتراف بيهوديتهم طرح مشكلة، وقبول أو عدم قبول "الدم" الذي يتبرعون به مشكلة، وإعادة تهويدهم هي "أم المشاكل"، نحن إذاً في حضرة مشكلة لم تكن أصلاً مشكلة في جوهرها.
ونخلص مع الباحث إلى أن وجود الفالاشا في اثيوبيا الذي لم يكن يطرح على الاثيوبيين أية مشكلة، صار مع انتقالهم إلى إسرائيل يطرح مشاكل بالجملة، وهذه المشاكل تعكس ليس فقط صعوبة الاندماج المرتبطة بالعرق، وإنما أيضاً التنابذ القائم بين الجاليات والطوائف اليهودية التي تشكل عوالم متناثرة ومتباعدة يجمع بينها ويوحدها العداء للعرب، فإذا ما تراجع العداء مع السلام تحول تنابذها إلى مشاريع صراعات طويلة، الأمر الذي حذّر ويحذّر منه صناع الرأي العام في الدولة العبرية.
أميناً لمنهجه في البحث، ولطموحاته الكامنة فيه، يعمل الباحث على تسليط القوة على الجانب الآخر لهذه القضية، فيرى أن لا اندماج الفالاشا أو صعوبة اندماجهم ناتجة عن النظرة السائدة في إسرائيل للمتحضر والبدائي، وهي نظرة غربية في الأصل، انتجت التصنيف والترتيب بين البدائي الذي يظل بدائياً والمتحضر الذي يظل متحضراً، والبدائي منبوذ ودمه غير صالح وغير نقي و... ملوث بالايدز... إلى ما هنالك من الأوصاف والنظرات الاستبعادية.
ويستنتج الباحث أن ما تقدمه الصهيونية على الفالاشا "... لا يختلف جوهرياً عما اقترحته الحضارة الغربية على العالم غير الأوروبي منذ اكتشاف العالم الجديد. وهي تخشى، أي الصهيونية، يهوديتهم الخاصة وطابعهم الاثيوبي الخاص". ويرى أنه في ضوء ذلك "ليس مستغرباً ألا يجد الفالاشا صورتهم في بلد جميع اليهود، وألا يستجيبوا لفكرة تهويدهم" على يد المجتمع الإسرائيلي.
تبدو هذه النظرة للفالاشا وكأنها محكومة بقلق على مصيرهم، وبألم لما حلّ بهم، وصدورها عن باحث فلسطيني، يحمل معنى كثيفاً، فالضحية ترأف بضحية أخرى، مع علمها التام أن تثبيت الفالاشا في فلسطين هو تثبيت لإسرائيل وبالتالي تدعيم موقع الجلاد، عبر استبعاد الضحية الفلسطينية واستخدام الضحية الافريقية. ومن البديهي ان مثل هذه النظرة لم تكن مهيأة للانبثاق قبل عقدين من الزمن ما يشير إلى تطور ملحوظ في الجانب الفلسطيني تجاه مقاربة إسرائيل والقضايا المتصلة بها.
في المحصلة العامة يمكن القول إن كتاب يعقوب يشكل مرجعاً مهماً حول الفالاشا بالنسبة لقراء العربية، ومن خلاله يمكن للقارئ العربي أن يتعرف إلى سيرة هذه الطائفة التي يعني اسمها "الهائم على وجه، وغير المستقر"، والتسمية لم تكن تُعبر عن واقع الحال في اثيوبيا، لكنها تصف هذه الحال بدقة في إسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.