بدأ حزب الكتائب اللبنانية امس مؤتمره العام الحادي والعشرين، وفقاً لنظام جديد اقر في المؤتمر السابق، تقول القيادة الكتائبية الحالية انه "يمثل تمثيلاً دقيقاً وشاملاً القاعدة ومصالحها" وعملاً بمبدأ رئيسه الدكتور جورج سعادة "الانتقال من عصر المؤسس بيار الجميل الى عصر المؤسسة". ويستمر المؤتمر ثلاثة ايام، الاول امس تلي خلاله التقريران السياسي للدكتور سعادة والاداري للامين العام أنطوان شادر، ومناقشتهما. والثاني اليوم وتتابع فيه المناقشة وتقدم اقتراحات. والثالث غداً الاحد لانتخاب رئيس للحزب ونائبه و16 عضواً للمكتب السياسي ومجلس الشرف واللجنة العليا للرقابة المالية. واذا كان الاتجاه السائد هو التجديد للمرة الخامسة للدكتور سعادة، على رغم منافسة اثنين له على المنصب هما الدكتور بول الجميل والسيد فؤاد خوري، فإن استحقاق الانتخابات في حد ذاته اثار من جديد زوبعة من الخلافات والانقسامات يعانيها الحزب. وأعاد تجميع المعارضات الكتائبية في لقاءٍ موسع عقد قبل نحو اسبوعين في مدرسة الحكمة، وضم اكثر من مئتي وخمسين كادراً كتائبياً معارضاً للقيادة الحالية التي تدرك هذا المأزق. ويقول قياديون حاليون في الحزب انهم باشروا قبل اشهر اتصالات بالأطراف الكتائبيين المستنكفين والمعترضين على اوضاع الحزب التنظيمية وعلى خياراته السياسية، ولا سيما منها تحالفه مع سورية، ومع احزاب محلية يرى المعارضون ان تحالف الحزب معها افادها وأضره. ويبدو ان اللاعب الاكبر اليوم في اوساط المعارضة الكتائبية هو الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل الذي كان لاتصالاته وتحركاته من باريس وفي لبنان عبر نجله بيار، دور كبير في حصول لقاء الحكمة والذي حضره الرئيس السابق للحزب إيلي كرامة وكتائبيون من المؤسسين والمخضرمين وبينهم أنطوان جزار وأنطوان معربس، ومسؤولون حاليون وسابقون. وصدر عن المجتمعين وثيقة لحل الازمة الداخلية، طالبوا فيها بإنشاء هيئة انتقالية تشرف على انتخابات حزبية، واجراء حوار شامل بين مختلف التيارات داخل الحزب. لكن اللافت ايضاً غياب ألفرد ماضي وجورج كساب وروجيه ديب عن اللقاء، وهم من الكتائبيين المعارضين الذين يطلقون على نفسهم اسم "هيئة الانقاذ" وهم مقربون من قائد "القوات اللبنانية" المحظورة الدكتور سمير جعجع، علماً ان لهذا الاخير قواعده الراسخة داخل الحزب وقد زادت قوة بعد دخوله السجن، والتعاطف الذي لاقاه من الشارع المسيحي من جراء ذلك. ويفسر قيادي كتائبي غياب المقربين من جعجع عن لقاء الحكمة بأن اتصالات اجرتها معهم القيادة الحزبية، خصوصاً وان النظام الداخلي الجديد يسمح للمكتب السياسي بعد انتخابه بتعيين اربعة اعضاء في المكتب السياسي. ويضيف ان سعادة وعد هؤلاء بتعيينهم في المكتب السياسي في مقابل عودتهم الى نشاطهم الحزبي، في حين طلبوا هم منصب الامانة العامة، وأحد مقعدي نيابة رئاسة الحزب، لكن سعادة رفض ذلك خصوصاً ان الامين العام للحزب هو الرئيس الاداري له، ويجب ان يكون على انسجامٍ كامل مع رئيس الحزب. وأكد نائب رئيس الحزب كريم بقرادوني ل "الحياة" ان الفوز في انتخابات رئاسة الحزب سيكون من نصيب الدكتور سعادة وأن "لعدد الاصوات التي سينالها المرشح المنافس بول الجميل اهمية ودلالة على رغم انها لن توصله حتماً الى الرئاسة". فالانتخابات ستجرى وفق نظام جديد، هيئته الناخبة 137 عضواً هم الى رئيس الحزب، نائباه وأعضاء المكتب السياسي ورؤساء الاقاليم والمناطق والمصالح والندوات ومجلس الشرف واللجنة العليا والمندوبون. ويقول الامين العام أنطوان شادر في تقريره الاداري ان قرارات المؤتمر العام "الزامية ولا يجوز نقضها"، مشيراً الى انتزاع سلطات من المكتب السياسي منها جعل المؤتمر العام السلطة العليا والاساسية في الحزب ترسم سياسته سياسياً وادارياً مع الزامية تطبيقها، وتضع توصيات الى المكتب السياسي الذي يعود اليه اختيار المناسب منها لإقراره او تعديله واستبعاد غير المناسب لإلغائه، اضافة الى استحداث اللجنة العليا للرقابة المالية ومجلس الشرف الذي يجري المحاكمات الحزبية ويراقب مدى الانضباط. ويعرض شادر النظام الجديد للحزب لجهة انتخاب الهىئات القاعدية والناخبة، بما يؤمن حسن اختيار رؤساء الوحدات والصلة المباشرة بين القيادة والقاعدة. ويعتبر ان النظام العام الجديد للحزب هو "من ابرز الانجازات التي تحققت على الصعيد الاداري التنظيمي"، مشيراً الى انه "اعتمد هيكلية مبنية على تنظيم جغرافي كما كانت الحال في السابق، وتنظيماً مهنياً مفرزاً مصالح جماهيرية". وفي المقابل اكد مقربون من الرئيس أمين الجميل انه "غير موافق" على ترشح قريبه بول ويعتبر ذلك "خدمة مجانية لجورج سعادة تؤدي الى اضفاء شيء من الشرعية على انتخابات الحزب". وأضافوا ان الرئيس السابق "الذي يمسك بأوراق كتائبية كثيرة لم يوافق على عروض تقدم بها سعادة، وان المسألة عنده ليست مواقع في المكتب السياسي وفي قيادة الحزب، بل في دور الحزب في الحياة السياسية في لبنان وفي مواقفه من القضايا العامة". وقال بيار أمين الجميل ل "الحياة" ان سعادة "نقل الحزب من الحزب المسيحي الاقوى والاكثر تمثيلاً الى حزب مقابله الاسلامي رابطة الشغيلة" في اشارة الى التعاون والتحالف السياسي والاعلامي بين حزب الكتائب وتنظيم "رابطة الشغيلة" الذي يترأسه النائب زاهر الخطيب. وسأل الجميل الابن "هل من المنطقي ان يرشح حزب الكتائب الذي كان اجتماع مكتبه السياسي يشبه اجتماع مجلس الوزراء، تسعة عشر شخصاً في الانتخابات النيابية الاخيرة فلا يفوز واحد منهم؟ ومن المسؤول عن ذلك؟". وأشار الى "الاقسام الحزبية المقفلة نتيجة الابتعاد عن القاعدة". وقال "في الاشرفية مثلاً عشرة اقسام كلها مقفلة باستثناء البيت الرئيسي وفي المتن كذلك، وان الكتائبيين موجودون اليوم في كل مكان الا في الحزب". ويوزع كتائبي مخضرم خريطة الولاء داخل الحزب وفي قواعده على الشكل الآتي: للرئيس أمين الجميل نفوذ واسع في اوساط الكتائبيين القدامى، وفي اقاليم المتن وجبيل وجزء من بعبدا. اما الدكتور جعجع فنفوذه في الاقسام الشبابية والمقاتلين والكتائبيين الشماليين والقواتيين الذين عادوا للبحث عن دور لهم في الحزب بعد حظر تنظيم "القوات اللبنانية". اما الدكتور سعادة فقاعدته في مسقط رأسه في قضاء البترون اضافة الى الهيئة الناخبة الحالية. وهناك قسم رابع لا يقل اهمية عنهم هو عبارة عن كتائبيين يشعرون ان الحزب بمختلف اطرافه واتجاهاته لا يمثلهم، وهم يبحثون عن قيادة تنقل الحزب الى مرحلة ما بعد المؤسس الشيخ بيار الجميل.