الكتاب: بيبليوغرافيا د. ه. لورانس المؤلف: ديفيد أليس الناشر: كاب - لندن - 1997 صدر المجلد الثالث من ببلوغرافيا ديفيد اليس عن د. ه. لورانس المعنون ب "لعبة البطولة"، وهو آخر جزء من ببلوغرافيا جامعة كامبردج، لورانس والمؤلف من ثلاثة اجزاء كل جزء تولى انجازه كاتب مختلف. يغطي هذا المجلد السنوات الثماني الأخيرة من حياة لورانس والتي تمتد من العام 1922 وحتى 1930، وهي فترة من اهم فترات حياته الصاخبة والمليئة بالاحداث والتقلبات والارتحال الدائم. كتب لورانس خلال هذه الفترة ثلاث روايات مهمة: "الكنغر" واحداثها تدور حول محاولة بطولية لايجاد معنى للأخوة بين اعضاء حزب نازي قديم في استراليا، و"المخادع النبيل" وهي رواية كسابقتها تصف مجموعة من الرجال الذين ينتمون الى طائفة دينية صوفية في المكسيك. والروايتان تنتهيان الى الاخفاق وعدم الكمال. اما الرواية الثالثة والمهمة فهي "عشيق الليدي تشاترلي" وهي آخر رواية كتبها لورانس، وتبحث عن معنى الاتحاد الروحي الذي تجسده شخصيتا رجل وامرأة، وذلك من خلال تقديس الجسد باعتباره طاقة حسية هائلة. ولورانس لا يذهب بعيداً في بحثه عن مغزى الاتحاد الكوني، ولعل السبب في ذلك يكمن في ان جسده هو بالذت كان قد حلّ به الخراب والهزال في ذلك الحين بعدما أصيب بمرض السلّ القاتل. ويمتاز كاتب السيرة ديفيد أليس بشدة تدقيقه بالجزئيات والتفاصيل الصغيرة، وذلك بملاحقة موضوعه بما يتناسب وتعقيدات لورانس ولحظاته الشديدة التأزم وحماسه وحيويته الزائدة. فهنا يسود الاستيعاب العاطفي المجرد من التملق الذي يقود في كثير من الاحيان الى الاعجاب والغرام بشخصية لورانس. وقد كان لديفيد أليس، بلا شك، صوته الخاص وكذلك خياراته الخاصة والثابتة في ما يتعلق بانتقاء المواضيع والاحداث البارزة والمهمة وفرزها بشكل مفيد وتزويد القارئ والدارس بتفاصيل جديدة عن لورانس. عاش لورانس أغلب حياته القصيرة 1885 - 1830 متنقلاً بين البلدان. وخلال السنوات الاولى التي يتعامل معها هذا المجلد نرى لورانس وزوجته فريدا ويكلي الالمانية الاصل، في صقلية، ثم ينتقلان منها الى سيلان واستراليا ونيو مكسيكو. ثم يتجولان خلال السنوات الاخيرة من حياته في شمال ايطاليا وجنوب فرنسا والمانيا. وأغلب هذه الجولات كان بسبب اعتدال صحته واصابته بالتدرن الرئوي. وعلى رغم ارتحاله الدائم هذا، نجد ان لورانس انجز الكثير من الاعمال الادبية التي اتخذت اشكالاً متعددة من الرواية والقصة القصيرة والشعر والمسرحيات والمقالات وكتب الرحلات والرسائل والترجمات. في هذا المجلد يتعرف القارئ على طبيعة علاقات لورانس واصدقائه ورحلاته ومعارفه المكتسبة مثل اطلاعه على الديانة الازيتكية التي كانت سائدة في المكسيك قبل احتلالها من قبل الاسبان العام 1519، ثم زيارته الاماكن الانزوية القديمة الموجودة في غرب ايطاليا وايمانه بالقوى الغيبية الغامضة. لقد سجل ديفيد اليس ايضاً تطور مرض لورانس بالسلّ مؤرخاً له منذ العام 1924 حيث يقول "ان لورانس الذي كان يكره المرض، اقترب من نهاية حياته قبل ان يعترف بانه مصاب بالسل وكان يفضل ان يعرفه بانه التهاب في القصيبات الهوائية أو مزيج من الزكام والملاريا". كان لورانس دائم البحث عن الألفة في العلاقات الشخصية، فحيثما يرتحل كان يعقد ويستمتع بسيل من علاقات الصداقة الحميمة. كان اصدقاؤه يتشوقون الى صحبته بسبب تدفق افكاره ومزاجه الرائق حتى حينما يكون عليلاً، وكذلك بسبب المعنى الذي تضفيه حيوته الغامرة. وكان من الطبيعي ان تقضي مثل هذه العلاقات الشائكة والمعقدة بين الاصدقاء والمعارف الى النزاع والتناحر أو التكرار الذي يؤدي الى الحيرة والذهول في علاقاته، وبخاصة مع زوجته فريدا التي طالما ارهقته وصادمته، وكان هو يفعل الشيء ذاته، لانهما يعتقدان بأن الشجار العنيف الذي كان كثيراً ما ينشب بينهما انما هو دليل على الصحة والحيوية وتجدد الحياة. في ايامه الاخيرة أخذ حتى اشد المتعاطفين معه يشيرون الى لورانس بكلمات تدل على معنى الخبل مثل "مجنون حقاً"، أو "ا نه شيء غريب تماماً". لكن من ضمن جميع اصدقائه، اذا استثنينا فريدا ذات المزاج العنيف، كان الدوس هكسلي وزوجته الاكثر تفهماً والافضل قابلية على التعامل معه. كان لورانس يمتلك موهبة فريدة في سرعة عقد العلاقات كما تكشف عن ذلك مجلدات كامبردج السبعة الخاصة برسائله فقط. بعد موته كتبت زوجته فريدا تقول: "ان ما شاهده واحسه وتعرف عليه قد بثه من خلال كتاباته الى اصدقائه. ان بهاء العيش هو الأمل في حياة اكثر واكثر... الهبة النبيلة التي لا تقدر بثمن". ومع صدور هذا الجزء الثالث والاخير تكون ببلوغرافيا لورانس قد اكتملت في اجزائها الثلاثة. انها ببلوغرافيا مهمة ليس بالنسبة الى القارئ فحسب وانما ايضاً للدارس والباحث في اعمال وحياة هذا الكاتب الذي شغل الكثير من الناس.