كشفت أحداث العنف من جانب حكومة يوغوسلافيا ضد مواطني إقليم كوسوفو من الألبان المسلمين عن وجود "هيئة للألبان المسلمين" وجالية ألبانية كبيرة في مصر فاجأت الأوساط السياسية والإعلامية ليس فقط بالإعلان عن وجودها بل بإصدار سلسلة بيانات حول أحداث العنف ودانت التعاطي المسلح للسلطات اليوغوسلافية مع "المطالب المشروعة لسكان كوسوفو". ووصفت هذا التعاطي بأنه "تطهير عرقي"، وحرب "ضد الإسلام والمسلمين في البلقان"، الأمر الذي يختلف بشدة مع تقويم وتعاطي الديبلوماسية المصرية مع هذه الأحداث. وقبل أيام وصل الى وسائل الإعلام المصرية ومكاتب الصحف الأجنبية والعربية في القاهرة بيان حمل توقيع "الجالية الألبانية في مصر"، وهي جالية لم تكن مدرجة ضمن قوائم الاقليات في مصر التي تضم مصريين من اصول أرمنية وكردية وشركسية ويونانية، وندد البيان بسياسات يوغوسلافيا ودعا الدول العربية والاسلامية الى "تقديم الدعم والمساندة للألبان المسلمين في كوسوفو". وصدر بيان جديد حمل توقيع بكر اسماعيل ممثل ما يسمى "المركز الإعلامي لكوسوفو في الدول العربية - القاهرة"، تحت عنوان "انقذوا مسلمي كوسوفو" موجه الى الانسانية، ندد فيه بپ"استخدام الصرب أقسى الوسائل لإسكات صوت الشعب الذي يعاني الظلم والاضطهاد منذ فترة الشيوعية والآن يواجه الصرب الذين يريدون بناء دولتهم بالعدوان والتطهير العرقي والابادة". وعلى رغم أن هذه الآراء لا تعني بالضرورة اتفاقاً مع وجهة النظر المصرية إلا أن احداث كوسوفو عطلت طلب بلغراد من القاهرة دعم طلبها استعادة موقعها في حركة دول عدم الانحياز كدولة مؤسسة. وكانت بلغراد طلبت دعم مساعيها لإلغاء قرار القمة السابقة للحركة في جاكرتا تجميد عضويتها حتى يتسنى مشاركتها في القمة المقبلة المزمع عقدها في جوهانسبرغ في 28 آب اغسطس المقبل. ولاقى طلب يوغوسلافيا دعم عودتها ترحيباً في القاهرة إلا أن الأحداث الأخيرة ألقت ظلالاً على طلب بلغراد ما يهدد بإحباط آمالها وتضاؤل فرصتها في العودة الى الحركة واستمرار تجميد عضويتها ما دفعها الى تجديد الاتصالات مع كل من مصر واندونيسيا والهند الشركاء المؤسسين للحركة وكولومبيا وجنوب افريقيا وعدد من الدول الاعضاء لجهة عدم فتور حماسهم لاستعادة بلغراد موقعها. لكن مساعي بلغراد تعرضت - من جانب مصر - لهزة عنيفة في اعقاب اصدار وزارة الخارجية المصرية بيانا قبل ايام نددت فيه القاهرة "بأعمال العنف التي راح ضحيتها المدنيين الابرياء في كوسوفو"، واعربت فيه عن قلقها الشديد من "التدهور في الاقليم الذي يهدد بانفجار الموقف في البلقان من جديد"، كما ناشدت المجتمع الدولي "العمل على اقامة حوار سلمي وتحقيق العدالة في كوسوفو"، الأمر الذي تعتبره بلغراد تدخلاً في شؤونها الداخلية. وذكرت مصادر ديبلوماسية مصرية أن المؤتمر الوزاري للحركة في العاصمة الكولومبية بوجوتا في ايار مايو المقبل سينظر في طلب بلغراد. يذكر أن موقف مصر ودول مهمة في عدم الانحياز من تورط بلغراد في اعمال التطهير العرقي في البوسنة وبيان وزارة الخارجية الشهير في نيسان ابريل 1992 إدانة بلغراد وقطع العلاقات الديبلوماسية معها أحد اسباب اتخاذ قرار تجميد عضويتها في الحركة. وتعد زيارة رئيس حكومة ألبانيا فاتوس تانو في نهاية الشهر الجاري فرصة لمناقشة الوضع في كوسوفو مع الرئيس حسني مبارك. كما سيرأس فاتوس ونظيره المصري كمال الجنزوري اجتماعات الدورة الثانية للجنة المشتركة التي كانت عقدت دورتها الاولى في تيرانا العام 1996 برئاسة وزيري الخارجية. وسيعقد الوزيران عمرو موسى وباسكال ميل محادثات تتناول تداعيات استخدام العنف ضد ألبان اقليم كوسوفو وعدد من القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك من بينها التعاون في مكافحة الجريمة المنظمة. ويذكر ان معلومات ترددت عن تنقل عناصر ارهابية بين عواصم اوروبية شرقية من بينها تيرانا.