عاد الجدل يطل برأسه من جديد في قضية الوفاة الغامضة للملك الشاب توت عنخ آمون عن عمر يناهز التاسعة عشرة. وعلى الرغم من مرور ثلاثة آلاف عام على وفاته، الا ان سؤالا يطرحه علماء الحفريات داخل وخارج مصر: هل قتل الفرعون على أيدي وزراء بلاطه اغتيال سياسي، بتكليف من وزيره السياسي "آي" الذي تولى الحكم من بعده، وورث زوجته الجميلة عنخس آتون. الدكتور روبرت براير استاذ التاريخ المصري في جامعة لونغ ايلاند في نيويورك أعاد طرح الاتهام من جديد ونسبته الى الوزير "آي" في كتابه الجديد مقتل توت عنخ آمون. وكشف براير في كتابه الذي صدر في لندن الاسبوع الجاري انه توصل الى هذا السر من خلال صور بأشعة اكس لجمجمة الفرعون الشاب وتحليل الوثائق الخاصة بسنوات حكمه التسع 1340 ق.م في آخر الاسرة ال18 من الدولة الحديثة. ولم يأت براير بجديد- كما يقول الخبير الاثري ابراهيم النواوي رئيس قطاع الاثار المصرية السابق الذي يؤكد ان مقتل الملك توت اكذوبة مثل كرة الثلج تتدحرج بين لندنونيويورك، وان ما صدر عن براير يصب في خانة تلك الاكاذيب وآخرها ما نشرته مجلة "الصالات والمتاحف" اللندنية نهاية العام الماضي في مناسبة مرور 75 عاما على اكتشاف هوارد كارتر لمقبرة الملك توت عام 1922. المجلة نشرت تقريرا للدكتور ايان إيشروود عالم الاشعة الانكليزي أفاد فيه ان تحليلات صور الاشعة على جمجمة الملك توت كشفت عن وجود جرح عميق غير ظاهر في الخلف. والمثير ان المجلة نشرت ايضاً ان الشرطة الانكليزية كلفت احد ضباطها التحقيق بالجريمة التاريخية وانه انتهى الى ان منفذيها أحد اثنين القائد العسكري "حور محب" أو الوزير السياسي "آي". النواوي قال ل"الحياة" إن الوفاة عادية وانها حدثت من دون امراض مفاجئة. واضاف انه اثناء التصوير الذي جرى للمرة الاولى داخل المقبرة، اتضح ان المومياء كانت في حالة سيئة للغاية من جراء عبث الثنائي كارتر وكارنرفون ورغبتهما في الاستيلاء على الحلي الذهبية حول جثة الملك، وان البعثة توصلت الى ان الجرح الذي يعولون عليه كان من جراء الاربطة المُحكمة واستعمال كمية كبيرة من الاربطة التي تكلست وضغطت كالحجر على هذا الجزء من الجمجمة. وقال الخبير المصري انه مثبت في محاضر البعثة عدم وجود آثار لضربة فأس طالت الجمجمة بل ظهر انها سليمة. والدكتور علي حسن الامين العام للمجلس الاعلى للاثار السابق قال إن ما صدر في لندن وقبلها في عواصم غربية كان يدور في اطار ثلاث نظريات، الاولى: ان توت مات مقتولا بمؤامرة من وزراء البلاط الملكي وهي الاكثر شيوعا في الغرب. والثانية انه سقط من فوق جواده وكان الملك توت محباً للفروسية ويمارس تمارينه عليها باستمرار والثالثة انه مات بسم دسه احد كهنة آمون. ويضيف: أعتقد انه مات مريضاً بالسل، بعدما تأثر بنقله من تل العمارنة حيث عبادة الاله "آتون" الى طيبة - الاقصر حيث عبادة "آمون". اما كسر الجمجمة فمسؤول عنها كارتر اثناء نزع المجوهرات عن المومياء. والدكتور زاهي حواس مدير منطقة الاهرامات والجيزة يؤكد ما توصل اليه العلماء المصريون ويقول ان الفرعون الشاب مات بشكل طبيعي، وان بعثة تابعة لجامعة في ديترويت اثبتت ذلك ولم يثبت بعد اية دليل على وجود آثار للقتل او مرض مفاجئ او حتى سريان السم في دمائه، وانها مجرد نظريات هدفها طرح الغموض والاثارة كالافلام التي ينتجها الغرب ويغرم بها الشرق.