حلت التكنولوجيا الحديثة أخيراً لغز الملك الشاب الفرعون الأسطوري توت عنخ آمون الذي شكل منذ 30 قرناً على بقائه فى تابوته الذهبي لغزاً في الحضارة المصرية القديمة، وهو الذي بدأت مع اكتشاف مقبرته أوهام لعنة الفراعنة. وكشف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية الدكتور زاهي حواس، في مؤتمر صحافي أمس في المتحف المصري في وسط العاصمة المصرية، نتائج الحمض الريبي النووي (دي. ان. اي) التي أجريت خلال الشهور ال 18 الماضية على مومياء الفرعون، وحسمت قضية أسباب وفاة الملك الشاب (19 عاماً)، وتأكيد إصابته بمرض الملاريا التي صاحبت تكوينه الجسدي الضعيف بشكل عام. كما اتضح ان الملك كان يعاني من قدم كسيحة يعود إلى نخر في العظام لديه، كما تضررت ساقُه من حادث قبل الوفاة، ما يفسر وجود تسعة عشر عكازاً في مقبرته المكتشفة في عشرينات القرن الماضي. واكدت نتائج التحاليل أن توت عنخ آمون ابن الفرعون إخناتون، وأن الملكة تي هي جدته، وبالتالي تم استبعاد فرضية أن يكون ابن الملك أمنحتب الثالث والملكة تي، كما اعتقد كثيرون من قبل. وأكد حواس أن الفتحة العميقة في جمجمة الملك لم تكن نتيجة إصابة مباشرة ببلطة حديدية كما كان يعتقد، وإنما فتح الكهنة هذه الفتحة لإدخال مواد التحنيط الى الجمجمة. ونفى حواس أن يكون الملك مخنثاً هو أو ابيه إخناتون كما ردد البعض. وكان العلماء المصريون نفوا مبكراً ما يسمى بلعنة الفراعنة والتي صاحبت اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ امون في العشرينات من القرن الماضي على يدي الإنكليزي هيوارد كارتر. اذ مات المكتشفون والممولون للاكتشاف وعدد ممن دخلوا الى المقبرة الملكية بطرق غريبة. ما جعل البعض يربطها بلعنة الفراعنة. وأشار حواس إلى أن فريقاً علمياً مصرياً، من المركز القومي للبحوث وكلية الطب في جامعة القاهرة ويضم متخصصين في الأشعة، قاموا بإجراء أبحاث علمية على مومياء الملك توت عنخ آمون وتوصلوا إلى معرفة أسرار عائلته، موضحاً أن اثنين من العلماء المتخصصين في تحليل الحمض النووي من ألمانيا قاما بمراجعة نتائج هذه الأبحاث. وأكد الباحثون أن الطفلين المحنطتين والمدفونين في مقبرة توت عنخ آمون، والتي عثر عليهما فيها أنهما طفلاه. وبهذا الكشف تفتتح حقبة جديدة من الأبحاث في علم الأنساب الجزئي والخرائط الجينية القديمة للأمراض الشائعة في الحقبة الفرعونية. واعتمد الباحثون على التصوير بالأشعة وتحليل الحمض النووي لهذه الدراسة التي أجريت على 16 مومياء، 11 منها تعود الى العائلة الملكية، بينها مومياء لتوت عنخ آمون. واستنتج الباحثون أيضاً أن والدة الفرعون الشاب هي صاحبة المومياء «كي في 35 اي ال» التي يرجح أنها أخت والده والتي لا يزال اسمها مجهولاً. وبين التحليل الوراثي وجود علاقة قربى بين الأبوين. وكان الزواج بين الأخوة شائعاً في مصر القديمة. ولم يكن توت عنخ آمون وأسلافه معروفين قبل اكتشاف البريطاني كارتر في 1922 مقبرته في وادي الملوك التي لم تفتح من قبل وتحتوي على كنز ضخم، بينها قناع ناووسه المصنوع من الذهب. ورغم هذه الاكتشافات فإنه أمام العلماء جهد كبير لمعرفة أم الملك الشاب والتي ما تزال مجهولة الاسم.