يتميز اهالي مدينة حمص السورية عن غيرهم من المشهورين بالظرافة وخفة الدم، بأن خصصوا يوم الأربعاء من كل اسبوع ليكون "عيد الحماصنة"... الى حد تبلغ الظرافة ذروتها في هذا اليوم الذي هو في الاصل يوم "النصر العظيم" على الغزاة. والميزة الاخرى لپ"الحماصنة" انهم يلقون نكاتاً على الآخرين ولا يكتفون باطلاق الآخرين طرائف عنهم او بنكات يطلقونها على انفسهم. ويعتقد خبراء ان "الباعث على الضحك، هو الجنون او ما يعرف بالاجدب او الدرويش علما بأن المجتمع ينظر اليهم على انهم اذكياء وطيبو المعشر". لكن تبقى الاسئلة: لماذا حمص بالتحديد؟ وما مصدر هذه النكتة؟ ولماذا يوم الأربعاء يختلف المؤرخون في تحديد الاسباب، اذ يقول الباحث احمد وصفي زكريا في كتابه "جولة اثرية في البلاد الشامية" ان الخليفة عمر بن عبدالعزيز عندما اختلف مع الامويين ابناء عمومته وأراد ان يعيد المظالم والحقوق لأصحابها لم يجد خيراً من مدينة حمص يحتمي بها باليمانيين باعتبار ان سلطة بني امية تعتمد على القبائل القيسية، لذلك ساهمت المساجلات الشعرية والمنافسة على السلطة والريادة الى خلق نوع من السخرية وتوجيه النكات الى اهالي هذه المدينة". اما ياقوت الحموي فيعتبر في "معجم البلدان" ان السبب يعود الى "تربة حمص وهوائها الفاسدين، ما أدى الى افساد عقول اهلها". وعلى عكس موضوع التربة لأن ارضها خصبة وسهولها منتجة، فان موضوع الهواء - الريح فيه شيء من الصحة، ذلك ان حمص بنيت على فوهة جبل عكار الذي يدخل الرياح البحرية المعتدلة، كما تحاذيها الصحراء فتضربها الرياح الجافة المحملة بالغبار والتراب، فيما تأتيها الرياح الشمالية الباردة المحملة بالثلوج، اي ان الرياح تتخبط بالحماصنة من كل الجهات... ما جعل اهلها غريبي الطباع متقلبين. وقال جغرافي حمصي ان موقعها الوسط بين المدن المهمة الاخرى مثل جارتها - غريمتها حماة وحلب ودمشق وطرابلس وبيروت، وفر لأهلها الاحتكام وسهولة التعامل مع الآخرين. وانطلق عالم اجتماع من ذلك ليقول "هذا بالضبط ما تتطلبه النكتة لأنها ارقى انواع الرياضات الفكرية" طبعاً يقصد الشعبية - المجتمعية. لذلك فهو يرى ان "الانسان البدائي والبسيط لا يعرف النكتة لعدم توفر سعة فكرية" لديه. ويقدم المؤرخون تفسيراً خاصاً لاعتماد يوم الأربعاء "عيداً حمصياً"، مفاده: عندما جاء المغول لغزو المدينة خرج اهلها جميعاً الى ابواب المدينة وأخذوا يطرقون بالعصي على علب من الصفيح ويصرخون بأصوات غريبة فما كان من تيمورلنك الا ان انسحب وقال عبارته الشهيرة: "ابتعدوا عن هذه المدينة المجنونة ولا تقربوها فاني اخاف عليكم من اللوثة" دون ان يعلم ان اهلها سيعودون الى الاحتفال في اليوم الثاني ب"النصر العظيم... في يوم الأربعاء".