تصل اليوم الى الرياض وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت، في اطار جولتها على المنطقة لحشد تأييد دولي وعربي، لموقفها من العراق. ومن المقرر ان تلتقي أولبرايت خلال زيارتها للسعودية التي تستمر يوماً واحداً وربما بضع ساعات، القيادة السعودية لاقناعها بجدوى ضرب العراق، أو على الاقل للتخفيف من الانعكاسات السلبية المتوقعة على الديبلوماسية الاميركية في المنطقة من جراء الضربة، استناداً الى ما تمثله السعودية من ثقل سياسي. وقالت مصادر مطلعة في الرياض ل "الحياة" "ان من غير المنتظر ان تجد أولبرايت موقفاً سعودياً مغايراً لما وجدته خلال زيارتها السابقة للرياض في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وكانت القيادة السعودية أبلغت أولبرايت آنذاك بانها لا تؤيد حل الازمة بين بغداد والأمم المتحدة عبر ضرب العراق، بل تتمنى ان يكون الحل بالطرق الديبلوماسية. وقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في تشرين الثاني الماضي عن ارتياحه البالغ لحل أزمة لجان التفتيش سلماً. وكان الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران السعودي قال في آب اغسطس 1996 ان الولاياتالمتحدة لو طلبت من السعودية استخدام أراضيها في ضرب العراق لرفضنا هذا الطلب. ومن غير المعروف اذا كان التغير في موقف فرنسا من أزمة التفتيش سينعكس على الموقف الخليجي من العراق. الا ان ديبلوماسياً عربياً قال في تصريح الى "الحياة" ان "موقف فرنسا الحالي يتطابق مع الموقف الخليجي، اذ يرفض السياسيون الخليجيون ضرب العراق لكنهم يطالبون بغداد بتطبيق قرارات الاممالمتحدة، وفي الوقت ذاته يتعاطفون مع الشعب العراقي الذي طالت معاناته". وأعاد الديبلوماسي الى الاذهان اقتراح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان امام قادة دول الخليج في قمة دول مجلس التعاون في الكويت في كانون الأول ديسمبر الماضي، بارسال وفد خليجي الى بغداد لإعلان مشاركة الخليجيين للشعب العراقي في أزمته، وحث القيادة العراقية على تنفيذ قرارات الاممالمتحدة لرفع الحظر عن العراق. وأشار الى تصريح الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس الوفد السعودي الى قمة الكويت عندما أكد ان على دول الخليج ان تتجاوز اطلال الماضي، ودعوته الى رؤية خليجية واعية لا تقوم على المفاهيم الانعزالية، وهو ما فسر بأنه توجه جديد نحو العراق. ولاحظ المصدر "انه على رغم ان بيان قمة الكويت الختامي لم يتضمن موقفاً جديداً من العراق الا ان اكثر الدول الخليجية تحفظاً تجاه بغداد، وهي الكويت لا ترحب بضرب العراق، وهو ما جاء على لسان الشيخ صباح الأحمد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي في شباط فبراير الماضي". واعتبر المصدر "هذا الموقف الخليجي ينبع من دافعين احدهما تجنيب الشعب العراقي المزيد من المعاناة، وما ينتج عن استخدام القوة العسكرية من ضغائن بين الشعوب العربية المتجاورة التي يجمعها قدر واحد، والثاني هو تجنيب المنطقة الآثار الاقتصادية السلبية لهذا الضربة". الى ذلك يعتبر محللون ان اهم هدف لزيارة أولبرايت الى المنطقة، في ظل الموقف العربي عموماً والخليجي خصوصاً، هو احتواء ردود دول المنطقة، على ضرب العراق انطلاقاً من السفن الاميركية، اضافة الى التمهيد الديبلوماسي للخطوة الاميركية المقبلة والتي يتوقع ان تكون عسكرية، وسيقوم بعرضها على دول المنطقة وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين في زيارته لها الاسبوع المقبل. لكن مصادر خليجية اخرى قالت ل "الحياة" ان "دول الخليج التي ترى ان تغيير القيادة العراقية شأن داخلي يحدده العراقيون وحدهم، سترقب بسعادة ومن بعيد، ضرب العراق اذا كان سيسقط صدام حسين، الذي تراه السبب الرئيسي لمجمل ازمات المنطقة منذ الحرب العراقية - الايرانية في الثمانينات". وكانت الصحف الخليجية اعربت منذ السبت الماضي عن رفضها بشدة لتوجيه ضربة الى العراق، معتبرة السياسة الاميركية تكيل بمكيالين احدهما شديد القسوة للعرب والآخر متساهل جداً مع اسرائيل. وقال سياسي عربي ل "الحياة" ان أولبرايت ربما لجأت لامتصاص ردود الفعل الخليجية تجاه العمل العسكري تجاه العراق، الى تقديم وعود بالضغط على اسرائيل لتحريك العملية السلمية وتنفيذ بعض اتفاقات أوسلو التي تماطل في تنفيذها الحكومة الاسرائيلية. لكنه استبعد ان تتحول هذه الوعود الى أرض الواقع، بقوله "لن ينسى الرئيس الاميركي وقوف الاسرائيليين معه في أزمة علاقاته الجنسية الاخيرة، وستبقى لافتات شوارع اسرائيل التي خاطبت كلينتون بالقول: لن ننساك يا صديقنا، محفورة في ذهنه، كما هي في سياسته".