جدد الرئيس بيل كلينتون تحذيره الرئيس صدام حسين بأنه سيواجه القوة العسكرية ما لم يسمح للمفتشين الدوليين العمل بحرية وفي كل المواقع. وفي حين أكد مسؤولون اميركيون ان لا مجال للتوصل الى حل وسط مع العراق في شأن عمل المفتشين الدوليين، رجحت مصادر خليجية ان توجه ضربة قوي الى العراق في غضون عشرة ايام او 11 يوما. تفاصيل اخرى ص 5 وأكدت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ان الوقت بدأ ينفد امام الحلول الديبلوماسية لأن الخيار العسكري سيكون قوياً في حال استخدامه لخفض اسلحة الدمار الشامل العراقية ومنع بغداد من تهديد جيرانها. واستبعدت اولبرايت احتمال اطاحة صدام حسين بسهولة وقالت ان مثل هذه العملية تتطلب وجوداً عسكرياً اميركياً برياً على الأرض في العراق حددته بحوالى نصف مليون جندي. وتساءلت هل الكونغرس مستعد لارسال هذه القوات. وأعرب الرئيس كلينتون عن ارتياحه الى الدعم الذي تلقته الولاياتالمتحدة وبريطانيا من كندا واستراليا واستعداد الدولتين للانضمام الى عملية عسكرية ضد العراق اذا اقتضت الضرورة. وأضاف في كلمة له امس في البيت الأبيض: "نأمل بتفادي استعمال القوة ولكن هذا الخيار يعود الى صدام حسين، اذ عليه ان يسمح للمفتشين بالعودة الى عملهم وإعطائهم كامل الحرية في الوصول الى كل المواقع". وأضاف كلينتون: "اذا لم يتقيد صدام حسين بإرادة المجموعة الدولية، يجب ان نكون مستعدين للعمل العسكري وانني ممتن لكون الآخرين مستعدين للوقوف مع اميركا". وكررت الوزيرة اولبرايت في شهادة لها امس امام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ رغبة الادارة في حل ديبلوماسي "لكننا اذا لم ننجح في ذلك سنستخدم القوة التي جمعناها الآن في الخليج...". وأوضحت ان الرئيس كلينتون لم يتخذ حتى الآن قراراً باستعمال القوة "ونسعى الى الحصول على الدعم" لاستخدام القوة "ونشعر بثقة بأننا سنحصل على الدعم الذي نحتاجه". وقالت ان الولاياتالمتحدة لن تسمح لبغداد بعدم التزام تعهداتها الى الأممالمتحدة وان على العراق التقيد بالقرارات الدولية. وزادت قائلة انه لا يزال هناك بعض الوقت للعمل الديبلوماسي، لكن الساعة الرملية امتلأ نصفها "وإذا لم تتبدل سياسة العراق، لن يكون لدينا اي خيار سوى اتخاذ تدابير قوية، ولن يكون هناك وخز إبر بل ضربات كبيرة تخفض من قدرات صدام حسين على اعادة بناء برامج اسلحة الدمار الشامل وخفض قدرته على تهديد جيرانه والعالم". وطرح السيناتور الديموقراطي جوزف بايدن على اولبرايت سؤالاً في شأن ما تتطلبه عملية لإطاحة صدام حسين، ومن هو البديل: وهل يتطلب ذلك تمركز قوات برية اميركية في العراق؟ فأجابت الوزيرة الاميركية انه كانت امام الادارة ثلاثة طرق لمواجهة الازمة. الأول عدم القيام بأي شيء والثاني بناء قوة من نصف مليون جندي كما حصل عامي 1990 و1991 واتخذ وقتذاك قرار بعدم اطاحته والثالث وهو القيام بما نفعله الآن وهو خفض قدراته على تطوير اسلحة الدمار الشامل. وعاد بايدن ليسأل اولبرايت: "هل في الامكان اطاحته ثم مغادرة العراق؟". فأجابت: "اعتقد لا ... كون ذلك يتطلب وجود قوات على الأرض". وزادت "دعوني أقول: لا اعرف كم هو عدد من الناس هنا اليوم على استعداد لارسال نصف مليون جندي إلى العراق..."، كما حصل في الماضي، وهو أمر استغرق شهوراً عدة وكان هناك غزو للكويت...". ولاحظت أولبرايت ان الرئيس كلينتون لم يجد أي دعم أو رغبة في إعادة تكوين هذه القوة الكبيرة التي يتطلب بقاؤها هناك لفترة من الزمن. واعترفت أولبرايت بالصعوبات التي تواجهها الولاياتالمتحدة في الحصول على الدعم العربي لاستعمال القوة ضد العراق. وقالت إن الوضع الآن يختلف عن حرب الخليج عندما غزا العراقالكويت. ولاحظت ان جمع التحالف الدولي يومذاك أخذ وقتاً طويلاً، مشيرة إلى ان "الولاياتالمتحدة وبريطانيا بذلتا الجهد الأكبر" في تلك الحرب. وبعدما شرحت نتائج جولتها الأخيرة في المنطقة وتحدثت عن الجولة الحالية لوزير الدفاع وليام كوهين، قالت إن لديها كل الثقة بالحصول على الدعم المطلوب، لكنها أشارت إلى حرص الدول العربية على الأخذ في الاعتبار مشاعر الرأي العام. وزادت: "ان الوضع الآن يختلف عن مرحلة غزو صدام حسين الكويت حين توافرت فترة ستة أشهر للاستعداد ولجمع التحالف الذي كان أساساً عملية أميركية - بريطانية". وكشفت أولبرايت ان العمليات العسكرية ضد العراق ستكون كبيرة "ومهمة على صعيد الأهداف التي ستشملها. وقد قلنا أيضاً إنه إذا وجدنا في ما بعد أنه صدام حسين سيعيد بناء ترسانته فسنضرب مرة أخرى وقلنا ذلك بوضوح، وبالتالي فإن المسألة ليست محصورة بضربة واحدة". وأيدت أولبرايت موقف إسرائيل القائل إنه إذا تعرضت إسرائيلية لضربة عراقية لديها الحق في الدفاع عن النفس. وأضافت: "قلنا إن لكل دولة الحق في الدفاع عن نفسها، وبالطبع فإن إسرائيل ستتخذ قرارها وسنجري مشاورات وثيقة مع الإسرائيليين". وفي نيويورك، قال مندوب العراق لدى الأممالمتحدة السفير نزار حمدون ان "لا علم" لديه برسالة عراقية عبر الروس الى اسرائيل تؤكد ان العراق لن يضربها، وانه لا يمتلك وسائل لذلك. لكنه قال لپ"الحياة" ان "العراق لا يمتلك اية اسلحة من اسلحة الدمار الشامل ولا يمتلك صواريخ بعيدة المدى". ومعروف ان هذه الصواريخ ضرورية لتوجيه ضربة عسكرية من العراق الى اسرائيل. وشددت الديبلوماسية الاميركية والبريطانية على رفض اية صيغ لحل الازمة مع العراق تنطوي على تجاوز اللجنة الخاصة المكلفة ازالة الاسلحة المحظورة اونسكوم. وأكد السفير الاميركي لدى الأممالمتحدة بيل ريتشاردسون ان الحفاظ على تماسك اونسكوم وكرامتها امر اساسي لا تراجع عنه و"لا مجال للصفقات" او "للحلول الوسط" خارج هذا الاطار. واجتمع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان بالرئيس التنفيذي للجنة الخاصة السفير ريتشارد بتلر امس ووصف الجهود الديبلوماسية المبذولة بأنها "كثيفة". وقال "افضّل ألاّ اقول اننا في طريق مسدود الا اننا في مرحلة حاسمة". وزاد انه يتابع جهوده الديبلوماسية بأمل التوصل الى حل ديبلوماسي "ولم أفقد الأمل بعد". وقال ديبلوماسي روسي ان الجهود المبذولة تصب الآن في "التفاصيل الدقيقة للاجراءات التي وافق عليها العراقيون في اطار تفتيش القصور الرئاسية". وتسعى الديبلوماسية الروسية الى ازالة عامل اساسي يعتبر الدافع الأول لفشل الديبلوماسية وهو تجاوز اونسكوم في صيغة الحل المقبول. وحتى الآن ما زال العراق يسعى الى صيغة تتجاوز اونسكوم. وتعمد الأمين العام الدفاع عن ريتشارد بتلر وقال رداً على سؤال في شأن الاخبار التي أفادت ان الرئيس حسني مبارك كان ينوي الطلب منه اقالة بتلر "لم اتسلم رسالة من السيد مبارك... وقد اوضحت موقفي من مهنية السيد بتلر". وكرر ما ذكره في حديثه الى "الحياة" عن انه تحت ضغوط العمل، يرتكب المرء "هفوة" انما "هذا لا ينفي العمل الجيد" الذي يقوم به بتلر. وقالت مصادر خليجية مطلعة على الترتيبات الاميركية العسكرية، ان توجيه ضربة عسكرية ضد العراق، في حال فشل الديبلوماسية، مرجح حوالى 22 الشهر الجاري. ومعروف ان "الهدنة الاولمبية" تنتهي في ذلك التاريخ مع نهاية الدورة الاولمبية الشتوية في اليابان. في عمان نقلت وكالة "فرانس برس" عن "ديبلوماسيين غربيين" ان الرئيس العراقي وجه رسالة الى اسرائيل عبر موسكو التزم فيها بعدم ضرب الدولة العبرية. واكدت المصادر للوكالة ان صدام اوضح في رسالته انه "ليست لديه الامكانية ولا الرغبة او النية في ضرب اسرائيل". لكن مصادر اردنية موثوق بها قالت ان الرئيس العراقي ابلغ مبعوثين اردنيين وعرباً ان العراق "لن يقبل تحت اي ظرف من الظروف ان يأتي رفع الحصار الدولي عنه عبر بوابة تل ابيب". واكد الرئيس العراقي للمبعوثين الذين التقاهم اخيراً ان العراق "لا يملك صواريخ لضرب اسرائيل". واشارت هذه المصادر الى ان "هناك فارقاً واضحاً بين انعدام النيّة بضرب اسرائيل وعدم وجود صواريخ لضربها". الى ذلك اكدت مصادر ديبلوماسية غربية في عمان ان تركيا دفعت مزيداً من القوات الى شمال العراق لضمان "ملء الفراغ الذي قد ينشأ عن الضربة العسكرية الاميركية". واشارت هذه المصادر الى انه "فيما ستعتمد واشنطن على تركيا للتأكد من عدم امتداد النفوذ الايراني في الشمال، فانها ستنزل قوات في الجنوب لمنع قوات العراقيين الشيعة المتعاطفين مع ايران من استغلال الفرصة لإقامة جيب شيعي في جنوبالعراق". وأكدت هذه المصادر ان هدف الخطة الاميركية هو "طمأنة الدول العربية الخليجية الى ان واشنطن لن تسمح لأي طرف كان بتهديد أمنها واستقرارها". واوضحت ان واشنطن "ستحوّل الجنوبالعراقي الى منطقة آمنة يُمنع على السلطات العراقية دخولها كما ستوسع نطاق الحظر الجوي ليشمل كل العراق". واعترف وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين امس بأن دول الخليج لا ترغب في عمل عسكري ضد العراق لكنه اعرب في المقابل عن ارتياحه الى الدعم الذي قدمته كندا واستراليا للولايات المتحدة. وقال للصحافيين في الطائرة التي اقلته امس من سلطنة عمان الى دولة الامارات ان "جميع القادة في منطقة الخليج يرون في صدام حسين تهديداً" ولكن "من الواضح انهم يأملون بألا يكون الحل العسكري ضرورياً الا انهم سيدعمون الاجراءات الاميركية لتطبيق قرارات الاممالمتحدة اذا اقتضى الامر". وكانت الدوحة المحطة الاخيرة لكوهين امس بعد سلطنة عمانوالامارات. وشدد وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في مؤتمر صحافي مع الوزير الاميركي على ان "الحل السلمي الديبلوماسي" للازمة الراهنة بين العراقوالاممالمتحدة "هو المحبب لنا في قطر ودول مجلس التعاون. واوضح ان محادثاته امس مع كوهين تناولت المستجدات في منطقة الخليج بخصوص العراق وقال "نعتقد اننا نتفق على ان يكون هناك حل ديبلوماسي وتجاوب من العراق مع قرارات مجلس الامن بشأن الاسلحة الكيماوية والبيولوجية" ووصف نتائج محادثاته بأنها جيدة ومفيدة. في المقابل شدد وزير الدفاع الاميركي على اهمية تطبيق العراق قرارات الاممالمتحدة وانصياعه لها. ورغم ان كوهين قال ان بلاده ستواصل جهودها الديبلوماسية "وان الأولوية الأميركية للحل الديبلوماسي"، و"اننا لا نبحث عن حل عسكري"، إلا أنه بدا واضحاً تلويحه باستخدام واشنطن للخيار العسكري في حال تعثر الحل الديبلوماسي. ووصف وزير خارجية قطر اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في الكويت اليوم حول الأزمة الراهنة بأنه مهم. وقال "إن هذا الموضوع يعنينا ولا نريد ان نرى العراق يضرب من جديد ونحن حريصون على الشعب العراقي وعلى مكتسباته". ورأى ان المحادثات التي سيعقدها الوزراء الخليجيون في الكويت ستكون لايصال رسالة إلى الحكومة العراقية عن مدى اهتمام دول مجلس التعاون الخليجي بالحل الديبلوماسي والسلمي إذا أمكن". لكنه قال "ليست كل الحلول بيد دول المجلس ونحن نريد العيش بسلام لكن لا نستطيع فصل أنفسنا عن العالم وعلينا التزامات". وأكد ان اجتماع الكويت "سيكون مكرساً لكيفية تجاوز الأزمة بطريقة سلمية وتجنيب المنطقة العواقب". وسئل عما إذا كانت بلاده ستقدم تسهيلات للأميركيين في حال قيامهم بضرب العراق، فقال: "في الوقت الحاضر لا توجد قوات أميركية في قطر لهذا الموضوع لهذا الغرض وآمل بأن تنتهي الأزمة بسلام"، ولكنه أشار إلى وجود عسكري أميركي في قطر وأسلحة خزنت في السابق في إطار اتفاق للتعاون الدفاعي بين البلدين. وأضاف ان "هذا ليس سراً"، وتابع: "ان أميركا اكتفت في الوقت الحاضر بترتيبات مع دول شقيقة". وشدد الوزير القطري "ان قطر واضحة وصريحة وتعلن قراراتها وإذا اتخذنا هذا القرار قرار تقديم تسهيلات لأميركا فسنعلنه". وقال: "مثلما نحن حريصون على الكويت، فإننا حريصون على العراق وشعبه وأطفاله"، مؤكداً الحرص على الحل السلمي "الذي يجنبنا هذه المأساة".