أُدرجت ثلاثة مواقع عربية جديدة على لائحة "التراث الثقافي والطبيعي للانسانية" التابعة لمنظمة اليونسكو وهي آثار وليلي Volubilis ومدينة تطوان القديمة في المغرب وآثار دقة في تونس. والمواقع هذه تقدم تلخيصاً حياً، فنياً ومعمارياً، لتاريخ المغرب العربي بصورة عامة اذ انها تغطي العصور الفينيقية الاولى والعصور الرومانية والزمن العربي الاندلسي. كان ابناء المغرب يطلقون في الماضي اسم "قصر فرعون" على آثار مدينة وليلي التاريخية، لاعتقادهم بأن احد الفراعنة هو الذي قام ببناء هذه المدينة التي تبعد حوالى عشرين كيلومتراً عن مدينة مكناس. ويتميّز موقع وليلي بخصوصية دفاعية وبمساحات شاسعة خصبة. وهذه من الدوافع الاساسية التي جعلت السكان الاوائل يقطنونها منذ فترة تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد، ويدلّ على ذلك بعض الكتابات الفينيقية التي اكتشفت فيها. اما النقوش والكتابات التي تعود الى الحقبة الرومانية فتشير الى انه كان يعيش في وليلي اناس من جنسيات مختلفة، من سورية ومصر واليونان واسبانيا، بالاضافة الى السكان الاصليين. وفي عهد الامبراطور مارك اوريل، في النصف الثاني في القرن الميلادي الثالث، تمّ بناء سور جديد لها بأبواب ثمانية عملاقة. وبالاضافة الى قطع فسيفساء مميزة، عُثر في وليلي على بقايا ابنية ضخمة تعود الى عصور رومانية مختلفة، مثل الكاتدرائية وقوس النصر ومبنى الكابيتول. وتكاد تكون آثار مدينة دقة في تونس ترقى الى التواريخ نفسها، اذ ان هذه المدينة الاثرية الواقعة في منطقة وسطى من تونس تعود الى القرن الخامس قبل الميلاد. ويشهد عدد من مبانيها المتبقية على نشوء مزيج حضاري من مختلف الثقافات القديمة النوميدية والفينيقية والاغريقية والرومانية، وعثر فيها على اكثر من الفي نص منقوش في الحجر تعود الى تلك الحضارات المتعددة. وبفضل وجودها بعيداً عن طرق الاتصال القديمة والحديثة، بقيت آثار دقة شبه كاملة وهي تمتدّ اليوم على سبعين هكتاراً. وكما في وليلي، تتنوع في دقة الصروح والمعالم العائدة الى حقب مختلفة، نوميدية واغريقية وفينيقية ورومانية وبيزنطية، الا ان غالبية الآثار التي لا تزال واقفة فيها تعود الى القرنين الثاني والثالث للميلاد، منها المعابد وساحة الفوروم المنتدى والحمامات العامة والمسرح والسوق والدكاكين وخزانات المياه... وفي موقع مدينة تطوان المغربية يمكن ايجاد مثل حي للتواصل بين التاريخ القديم، الفينيقي والموريتاني والروماني، والتاريخ القريب العربي - الاندلسي. وهذا ما دلت عليه الحفريات الاثرية في محيط تطوان، عند وادي المارتيل مدخلها الى البحر الابيض المتوسط، وفي المدينة نفسها. ويعود بناء قصبة تطوان، المدينة القديمة، الى نهاية القرن الثالث عشر ومطلع القرن الرابع عشر، على ايدي السلاطين المرينيين. ثم قام القشتاليون بحرقها وتدميرها ليعيد بناءها في القرن السادس عشر القائد الغرناطي علي المنظري. وتنقسم قصبة تطوان الى ثلاث حارات هي: رباط الاسفل، ورباط الاعلى، وحارة البلد. وهذه الاخيرة هي الاكثر قدماً والاكثر صوناً لمعالمها، ويوجد فيها معظم مشاغل الحرفيين وكذلك أهم معالم المدينة، مثل قلعة "سيدي المنظري"، وإهراءات القمح القديمة، وأفخم البيوت السكنية التي جرى بناؤها حسب الهندسة الاندلسية. ومع هذه المواقع الثلاثة الجديدة، يصبح عدد المواقع العربية على لائحة التراث الثقافي والطبيعي للانسانية 47 موقعاً، ويرتفع عدد المواقع المغربية الى ستة، والمواقع التونسية الى ثمانية. وتأتي اهمية لائحة التراث من كونها تركز الاضواء، لدى الاسرة الدولية، على المواقع التي تصبح جزءاً من تراث الانسانية، ومحمية ثقافية او طبيعية للعالم اجمع، بحيث يجري العمل على التعريف بها للمزيد من تعزيزها لدى الجمهور. كما يجري العمل على حمايتها وصونها متى اقتضت الضرورة، بالاضافة الى تقديم الخبرة الفنية والتقنية للسلطات المحلية او الوطنية للاهتمام المتواصل بهذه المواقع وصيانتها.