لم يبدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لحظة واحدة من المهلة التي انقذته من هزيمة محققة في الكنيست البرلمان الاسرائيلية مساء أول من أمس، عندما أوشكت غالبية النواب على التصويت الى جانب مشروع قانون يقضي بتقديم موعد الانتخابات العامة. اذ شرع نتانياهو بإطلاق تصريحات تؤكد رفضه تنفيذ اتفاق "واي ريفر" الذي وقعه مع الفلسطينيين في محاولة أخيرة منه لإقناع أعضاء الكنيست من ائتلافه الحكومي بالتراجع عن موقفهم المؤيد لتقديم موعد الانتخابات تفاصيل اخرى في الصفحة 4. وأنقذ حزب "يهودات هتوراة" الديني نتانياهو موقتاً عندما قدم اقتراحاً بالتصويت على حجب الثقة بالحكومة الأمر الذي يقضي، بحسب القانون الاسرائيلي، بتأجيل التصويت اسبوعاً. ولكن بسبب زيارة الرئيس بيل كلينتون للمنطقة الاسبوع المقبل تقرر ان يتم التصويت بعد اسبوعين. وأكدت مصادر سياسية اسرائيلية ان نتانياهو قرر التضحية باتفاق "واي ريفر" على مذبح البقاء في السلطة بعدما اتضح له خلال مفاوضاته مع النواب الاسرائيليين طوال الساعات الپ24 التي سبقت جلسة الكنيست، ان الجميع من دون استثناء لا يثق به وان "القناع السحري" الذي كان يضلل به اليمين والوسط داخل ائتلافه الحكومي سقط الى غير رجعة. وظهر نتانياهو في أضعف حال عندما باشر توزيع الوعود والالتزامات يسرة ويمنى بعدما أعلن انه ليس بحاجة لأحد. ولم يستسلم حتى اللحظة الأخيرة وأوعز الى وزير خارجيته ارييل شارون الموجود في واشنطن بالإدلاء بتصريح يعلن فيه تجميد الانسحاب الثاني من الأراضي الفلسطينية، قبل ساعة من عقد الجلسة البرلمانية وهو ما نفته وزارة الخارجية الاسرائيلية بعد فض جلسة الكنيست في محاولة لإقناع اعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي بصدق الوعود التي اطلقها خلال مفاوضاته معهم، والتي أطلق ما يناقضها لرئيس الحزب العربي الديموقراطي عبدالوهاب الدراوشة. ويعتقد نتانياهو بأن من شأن وقف تنفيذ الانسحاب الثاني من الأراضي الفلسطينية ضمان عدول اعضاء "جبهة أرض اسرائيل" المتطرفة عن قرارهم المؤيد تقديم موعد الانتخابات، وبذلك يضمن عدم تمرير هذا القانون أمام الكنيست. وحاول نتانياهو التمهيد لوقف تنفيذ الانسحاب الثاني من الأراضي الفلسطينية وفقاً لاتفاق "واي ريفر" والمقرر في 18 كانون الأول ديسمبر الجاري، بالتذرع بأن زيارة كلينتون لقطاع غزة ستعزز مطلب الفلسطينيين بإقامة الدولة الفلسطينية. وقال نتانياهو في تصريحات صحافية: "نحن قلقون من الجهود التي يبذلها الفلسطينيون لاستغلال هذه الزيارة لتعزيز مطلبهم بإقامة الدولة". وأضاف: "أرغب في دفع عملية السلام شرط ان ينفذ عرفات والسلطة الفلسطينية ما هو مطلوب منهما". واشترط على الرئيس ياسر عرفات التراجع علناً عن عزمه اعلان الدولة الفلسطينية في أيار مايو المقبل، والامتناع عن المطالبة بإطلاق الأسرى السياسيين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية لتنفيذ الانسحاب الثاني. اما ديفيد بار ايلان، الناطق الاعلامي باسم نتانياهو، فكان أكثر وضوحاً اذ اكد ان "من غير المحتمل ان تنفذ اسرائيل المرحلة الثانية من الانسحاب في الاسبوع المقبل". وقال للاذاعة الاسرائيلية: "في هذا الوقت لا يبدو ان الفلسطينيين يغيرون اتجاه نشاطاتهم لتمكيننا من الانسحاب الاسبوع المقبل". وطلب نتانياهو أكثر من مرة تأجيل زيارة كلينتون كي لا يتورط بالتزام آخر ورد في الاتفاق، في الوقت الذي يسعى الى نسفه والتهرب منه. وبانتظار ما ستتمخض عنه اجتماعات نتانياهو مع المنسق الاميركي دنيس روس قبل وصول كلينتون السبت، بدا واضحاً ان رئيس الحكومة الاسرائيلية الذي وصل الى ذروة العزلة في القيادة الاسرائيلية، كما أكدت مصادر في الحكومة نفسها، سيعمل لوقف تنفيذ الاتفاق لانقاذ نفسه من قرار البرلمان الاسرائيلي بعد أقل من اسبوعين.