بدأ العد التنازلي لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل، بعدما وافقت أكثرية ساحقة في الكنيست على حلها، ولم يبق سوى تحديد موعد الانتخابات. وفي جلسة صاخبة للتصويت على مشروع قرار حل الكنيست، أوقف رئيسها دان تيخون الجلسة بعد خمس دقائق على بدء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لربع ساعة بعدما قاطعه نواب من اليمين واليسار على حد سواء. وقال نتانياهو في بداية حديثه، الذي طغى عليه طابع الخطاب الانتخابي. ان إسرائيل على أعتاب اتخاذ قرارات ربما "هي الأهم منذ حرب 1967، مصير السلام والقدس ومناطق اخرى من هذا الوطن وحياتنا مع الفلسطينيين والمستوطنات". وأكد أنه لن ينسحب من أي شبر من الأراضي الفلسطينية ما لم تنفذ السلطة الفلسطينية كل تعهداتها التي وردت في اتفاق واي ريفر. وعدد رئيس الوزراء الإسرائيلي مرة أخرى مطالبه من السلطة الفلسطينية، المتمثلة ب "تراجع الرئيس ياسر عرفات عن نيته الاعلان عن اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ووقف التحريض، وتقليص عدد أفراد الشرطة الفلسطينية، وجمع الأسلحة غير المرخصة، والتعاون في مكافحة الارهاب، واعتقال المخربين والقتلة، وعدم المطالبة باطلاق سراح أسرى فلسطينيين قتلوا إسرائيليين". وأكد نتانياهو أنه "لا يؤمن بأننا لا نستطيع أن نجبر الفلسطينيين على تنفيذ تعهداتهم"، مضيفاً انه نجح في ذلك من خلال ارغام الفلسطينيين على التصويت على إلغاء الميثاق الوطني بحضور أعضاء المجلس التشريعي "على رغم اعلان الفلسطينيين رفضهم لذلك". وقال إن حكومته لن تعطي الفلسطينيين فرصة واحدة لتقسيم القدس. وطلب نتانياهو حتى اللحظة الاخيرة من المعارضة ان "تصحح موقفها" وتستمر في توفير شبكة امان للحكومة لتستمر في تنفيذ اتفاق واي ريفر كما تعهدت في السابق. وقال: "اعلم ان غالبية الشعب تؤيد سياستي، ولكن اريد ان اعرف ان كان اعضاء الكنيست يؤيدونها". وتساءل اذا كانت المعارضة تؤيد تقسيم مدينة القدس. وهاجم نتانياهو هذه المعارضة بشدة، وقال: "انني على ثقة بأن عرفات اسهل عليه ان يعود الى الأيام الماضية حيث حصل على ما يريد من الحكومة اليسارية". وعلت اصوات من حزب العمل المعارض تتهمه بپ"التحريض" لكنه اكمل: "اصغوا لما يقوله عرفات. انه لا يريد حكومة ليكود لأننا اجبرناه على تنفيذ ما لا يريد تنفيذه". وحدد زعيم حزب العمل المعارض ايهود باراك، في خطاب انتخابي ايضاً، اربعة خطوط حمراء قال ان حزبه لن يتجاوزها وهي "ابقاء القدس عاصمة اسرائيل الموحدة والابدية، ولا رجوع الى حدود ما قبل حرب 1967، ولا وجود لجيش "غريب" على الحدود مع الأردن، وإبقاء السيادة الاسرائيلية على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة". وقال باراك: "وحده الفصل بين الفلسطينيين والاسرائيليين سيجلب السلام". وهاجم باراك حكومة نتانياهو بشدة قائلاً انها "اضحت مخلوقاً منعزلاً ونسيت ان الحكومة انتخبت من اجل الشعب وبعيداً عن المصالح الائتلافية، الشعب يتساءل الى اين تقودوننا". وقال: "سمعنا نتانياهو يعترف بفشله وحكومته، ولا عجب اننا لم نسمعه يتحدث عن البطالة وانهيار التعليم وعن 630 ألف طفل تحت خط الفقر، وعن مرضى مسنين في المستشفيات وعن معاناة طلاب جامعيين... انه خضع لفئات متطرفة حتى يبقى في الكرسي لحظة اخرى، ساعة اخرى، هذه الحكومة تقود الدولة الى كارثة". وأكد باراك من على منبر الكنيست رفض حزب العمل اعلان الفلسطينيين من جانب واحد إقامة الدولة الفلسطينية، كذلك رفضه اطلاق سراح أسرى فلسطينيين قتلوا إسرائيليين، وقال: "نحن على ثقة بأنه لا يوجد توافق بين الجنود والقتلة ومكان القتلة خلف القضبان". وخاطب نتانياهو بقوله: "مشكلتك ليست مع عرفات، يجب ان تسأل نفسك لماذا لا يعود ليمور ليفنات وبني بيغن ودان ميريدور وديفيد ليفي إلى ليكود؟". وستشهد التحضيرات لانتخابات عامة جديدة في إسرائيل تغييرات في الخارطة السياسية تشمل حزب ليكود الحاكم نفسه، إذ بات من شبه المؤكد ان تنافس وزيرة الاتصالات ليمور ليفنات نتانياهو على رئاسة الحكم، فيما أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق أمنون شاحاك عن تشكيل حزب وسط جديد سيزاحم فيه زعيم حزب العمل المعارض أيهود باراك على أصوات الوسط واليسار في الدولة العبرية، وأعلن النائب الليكودي بني بيغن أنه سينسحب من حزبه ويشكل حزباً على يمين ليكود "تكوما - النهضة" وسيخوض الانتخابات على رئاسة الحكومة. وفي كل الأحوال، نجح نتانياهو في وقف تنفيذ اتفاق "واي ريفر" ستة أشهر على الأقل بذريعة تقديم موعد الانتخابات. وهذا النجاح سيعزز فرص كسبه أصوات اليمين واليمين المتطرف مرة أخرى.