ينتظر ان تفرز مناقشات البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الدكتور سليم الحص في المجلس النيابي، الأسبوع المقبل، القوى السياسية المعارضة عن الموالية، وتلك التي تقف في الوسط، ازاء التركيبة الجديدة الحاكمة بقيادة ثنائي رئيس الجمهورية الجديد العماد اميل لحود والرئيس الحص، يساندهما رئيس المجلس نبيه بري راجع ص 2. وأكد الحص ان ملف تنظيم الإعلام سيفتح مجدداً، فيما قالت مصادر وزارية ان البيان الوزاري يؤكد على الغاء الطائفية. ويفترض أن يتبلور فرز القوى السياسية بدءاً من غد حين يتلو الحص أمام المجلس البيان الوزاري، ليناقشه النواب يومي الأربعاء والخميس، وكانت الحكومة أقرته أول من أمس واختصرت من صفحاته الثلاثين فبات في 15 صفحة. ويتوقع ان تنال الحكومة الثقة بأكثرية وافية، وتتجه الأنظار الى القوى التي يمكن ان تحجبها عنها، وفي هذا المجال يرصد مراقبون موقف كتلة الرئيس رفيق الحريري الذي رأس اجتماعاً لها أمس قبل سفره الى السعودية ليغيب عن جلسات الثقة، وكتلة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التي يرجح ان تحجب الثقة. وهو كان التقى وفداً من "حزب الله" اتفق معه على "المعارضة البناءة"، في وقت يدرس نواب الحزب الموقف من منح الحكومة الثقة أو عدم منحها اياها. واستبق الحص وبعض الوزراء تلاوة البيان فحددوا في بعض المواقف التوجهات الجديدة للحكومة التي ستكون مختلفة عن توجهات حكومات الحريري، ومنها توجهات في مجال تطبيق قانون تنظيم الإعلام المرئي والمسموع. وأكد الحص ان هذا الملف "سيفتح مجدداً لأن الشكل الذي عولج فيه كان ظالماً". واستنتج مراقبون ان تراخيص جديدة ستمنح لمؤسسات تلفزيونية وإذاعية، حجبتها عنها الحكومة السابقة، فيما قالت مصادر وزارية ان البيان الوزاري يتناول تطبيق كل ما نص عليه اتفاق الطائف، بما في ذلك تطبيق الفقرة الأولى من المادة 95 من الدستور الجديد التي تنص على أن يشكل المجلس النيابي هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تقدم اقتراحات لإلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية، وهو الأمر الذي تأخر نتيجة الخلافات السياسية في لبنان على بدء خطوات الغاء الطائفية. وعلمت "الحياة" ان البيان الوزاري يشير الى استعداد الحكومة "للتعاون مع المجلس النيابي" من أجل تطبيق هذه المادة من الدستور، باعتبار الأمر من اختصاص السلطة الاشتراعية. وتطرق الحص أمس الى قضايا عدة، كما نقل عنه نقيب المحررين ملحم كرم، فرأى أن الطائفية والمذهبية والمناطقية والمحسوبية تمنع تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص. وأشار الى التصعيد الإسرائيلي وخرق الطيران الحربي الاسرائيلي جدار الصوت في بيروت، والى أهداف عدة من ورائه، معتبراً انه "يتوخى الفصل بين المسارين اللبناني والسوري والتوصل الى ترتيبات منفردة وهذا لن نسمح به". ونقل نقيب المحررين عن الحص قوله رداً على سؤال عن موقف الدولة من عودة الرئيس السابق أمين الجميل الى لبنان: "لم يمنع الرئيس الجميل من العودة ولا يجوز منع أي لبناني من العودة الى بلده لكن هناك اعتبارات عند الرئيس الجميل منعته من المجيء، وهو لم يلغِ رحلته أساساً بل أرجأها". وكان الجميل أجّل عودته التي أعلن عنها أول من أمس، وأصدر بياناً أشار فيه الى انه كان تبلغ الترحيب بهذه العودة ثم عادت السفارة اللبنانية في باريس فأبلغته استناداً الى رسالة من وزارة الخارجية ان "لا مآخذ مالية أو مادية عليه لكنه اجتمع مع اسرائيليين وهذا متروك للقضاء اللبناني". ورأى الجميل ان الرسالة "في منتهى الوضوح لجهة الموقف السياسي من عودتي الى البلاد". واعتبر ان ما نسب اليه عن اجتماعات مع اسرائيليين "من نسج الخيال"، مشيراً الى انه سيعالج مسألة العودة "بحسب الأصول تلافياً لإحراج العهد الجديد". ويعقد الجميل مؤتمراً صحافياً مطلع الأسبوع يتناول فيه المواضيع التي أثيرت ازاء عودته الى لبنان. الى ذلك، نقل عن الحص قوله أمس ان الحكومة الجديدة لن تفتح ملفات سابقة لكنه أضاف: "لا لسياسة عفا الله عما مضى إذا كانت هناك مخالفات قانونية". وتواصل الحكومة اتصالاتها مع المراجع المالية الدولية المعنية بتقديم المساعدات للبنان، الذي يزوره وفد من البنك الدولي برئاسة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اندر سود والمستشار عبدالله بوحبيب. والتقى الوفد الحص بعدما اجتمع مع وزير المال جورج قرم، ثم عقد وإياه مؤتمراً صحافياً. وفضّل قرم تأجيل الحديث عن التخصيص وبرنامجه الى حين اعلان البيان الوزاري للحكومة.