على مدى 50 عاماً كان جوهر النزاع بين الفلسطينيين والمهاجرين اليهود ولا يزال على الارض، اذ ان هدف الصهيونية الدائم هو الاستيلاء على الارض والتخلص من اهلها تحقيقاً لخرافة "أرض بلا شعب". ونجحت بذلك بدليل وجود 5 ملايين لاجئ فلسطيني اليوم بعيداً عن ديارهم التي احتلها المهاجرون اليهود. جوهر النزاع هذا، استرجاع الارض السليبة، هو الذي ادى من جانب الفلسطينيين الى قيام حركة الفدائيين في الخمسينات ثم قيام منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات،، وارتفاع نجم المقاومة الفلسطينية في السبعينات. واليوم نرى هذا المبدأ الاساسي تهمّش وتوارى عن الانظار، وظهرت عوضاً عنه اهداف ثانوية تلخص آمال الشعب الفلسطيني وكفاحه في نصف قرن في ممر او مطار او ميناء او فضلة من ارض يتنازل عنها العدو. لا شك في انه خطأ قاتل الاعتقاد بأن الفلسطينيين سيتخلون عن ديارهم، التي تغطي 92 في المئة من مساحة اسرائيل، او عن استعادة ملكيتها او حق العودة اليها. والمسألة ليست مسألة مأوى او معيشة. فالفلسطينيون الضاربة جذورهم في تاريخ فلسطين لا يمكن ان ينسلخوا عن ديارهم، وهم متمسكون بقرارهم ودورهم وتلالهم ووديانهم في اضيق معاني جغرافية المكان. وهم جازمون بأن من يستبدل دياره كأنما يستبدل ابويه. وهذا لن يكون مهما طال الزمن. خيبة الامل في القيادة الفلسطينية، التي قامت على اكتاف هؤلاء اللاجئين لتعيد اليهم ديارهم، ليس لها حدود، لكنها تتعدى الآن حدود الاحباط، وتنمو في اتجاه عملي لتصحيح هذا المسار، وهناك زخم كبير في اوساط اللاجئين سواء كانوا فقراء او اغنياء، واينما كانوا، في المعسكرات او المنافي البعيدة، يدعو الى ضرورة العمل على ممارسة حق العودة واستعادة الملكية. حق الملكية حق التمتع بالملكية الخاصة لا ينقضي باحتلال الارض، او باعلان سيادة الدولة على منطقة، ولا علاقة له بالمعاهدات والاتفاقات التي تعقد بين الدول والجماعات. لذلك فان تمتع اللاجئين بملكيتهم الخاصة امر واجب النفاذ بغض النظر عما اذا نجحت مفاوضات اوسلو ام لم تنجح، واذا اعلنت دولة فلسطينية او لم تعلن. قد تستطيع حكومة ان تستولي على املاك عامة، ولكن هذا يخضع للقانون العام الذي يعطي المواطن صوتاً لمعارضته. وتستطيع حكومة ان تستولي على املاك خاصة في اضيق الحدود لمشروع ما بعد تعويض المالك. لكن لا يستطيع محتل او حكومة معترف بها ان تستولي على الملكية الخاصة لملايين الناس. وحق العودة الى الوطن مكفول بالمادة 13 من ميثاق حقوق الانسان حتى لو لم يملك الفرد عقاراً خاصاً به. كما ان حق العودة للاجئين الفلسطينيين مكفول بموجب قرار الاممالمتحدة الشهير رقم 194، الذي اكده المجتمع الدولي اكثر من 110 مرات. كل هذه القواعد تجعل العودة الى الديار والتمتع بالملكية الخاصة امراً قانونياً واجب النفاذ، ولا ينتقص منه اي اتفاق قد تتوصل اليه المنظمة او السلطة الفلسطينية، سواء كان بتفويض صريح من الشعب الفلسطيني او لم يكن، فليس لأحد أياً كان سلطة التفريط في الحق الخاص بأي فرد. لذلك فان المطالبة بهذه الحقوق واجب، ولا مبرر لانتظار اتفاق سياسي حتى لو بدا جيداً مع انه من الواضح ان انتظار استرجاع الحقوق بالاسلوب الحالي نوع من الوهم، بل وسيلة لضياعها. تحديد الارض الفلسطينية تبلغ مساحة فلسطين 26.320 كيلومتراً مربعاً، اقيمت اسرائيل على جزء منها مساحته 20.325 كيلومتراً مربعاً. وتبلغ مساحة الاراضي الفلسطينية في اسرائيل 18.643 كيلومتراً مربعاً، اي 92 في المئة من مساحة اسرائيل بما في ذلك اراضي الفلسطينيين الباقين هناك. وعند تقدير مساحة الارض الفلسطينية، فان افضل طريقة هي طرح مسألة الارض اليهودية من مجموع مساحة فلسطين. ذلك لأن المهاجرين اليهود كانوا حريصين على تسجيل ممتلكات لاثبات وجودهم في البلاد، خصوصاً وان الشراء كانت تقوم به شركات استيطانية تمسك دفاتر منظمة. تبلغ مساحة الارض اليهودية 1.682 كيلومتراً مربعاً عام 1948، منها 181 كلم امتيازات محدودة الاجل منحتها حكومة الانتداب، ومنها حصص في اراض مشاع. لذلك فان المسجل منها قانوناً اقل من ذلك. وبلغت مساحة الاراضي المسجلة باسم الصندوق القومي اليهودي، الذي يملك 52.2 في المئة من املاك اليهود 856.000 دونم فقط 1 كم مربع = 1000 دونم واياً كانت مساحة الاراضي المسجلة لليهود ومعترف بها قانوناً فانها اقل بكثير من مساحة الاراضي الواقعة تحت سيطرتهم عام 1948 التي يزعمون انها ملك خالص لهم. باقي اراضي فلسطين هي ملك خاص وعام لأهلها على مدى القرون. وكانت مملوكة لهم حسب القانون العثماني، يفلحونها ويدفعون عنها الضرائب. وعندما تسلّمت حكومة الانتداب مقاليد الامور كان غرضها الاول مسح الاراضي من اجل معرفة الاراضي التي يملكها اليهود والاستيطان بها عملاً بوعد بلفور. لذلك قامت بعمل خرائط مساحية كاملة لفلسطين ريفها وحضرها. ثم انشأت ادارة "التسوية" لتحديد ملكية الاراضي وتحويلها من العقود العثمانية الوصفية الى قطع وقسائم مرقّمة على الخرائط بحيث يسهل نسبة الملكية الى المكان. لكن بريطانيا هجرت فلسطين قبل ان تنجز هذه المهمة لكل فلسطين. وعندما عيّنت لجنة التوفيق الدولية لفلسطين خبير الاراضي جارفس، لتقدير املاك اللاجئين الفلسطينيين، قضى مع فريقه عدة سنوات، مستفيداً من سجلات الحكومة البريطانية للاراضي التي تمت بها التسوية التي لم تتم، واعتمد ايضاً على سجلات الضرائب، وقدم تقريره الى الاممالمتحدة في نيسان ابريل 1964. وخلاصته الآتي: سجل جارفس الاملاك الخاصة للعرب، سواء كانوا افراداً او مؤسسات وحصرها في 453.000 بطاقة، وكل بطاقة تحتوي على كل الاملاك الخاصة لمالك واحد في الحدود الادارية لقرية او مدينة واحدة، مهما كان عدد هذه الاملاك. ويكون لهذا المالك بطاقة اخرى اذا كانت له املاك في قرية اخرى. ولم تحدد سجلات جارفس الاملاك العامة للعرب او على الاقل حصتهم منها. والمقصود بالاملاك العامة في الاراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة والهيئات البلدية والخدمات العامة، على رغم انها تخص قرية او مدينة عربية. وبلغ مجمو ع ما سجله جارفيس 5.194.091 دونماً هي املاك عربية خاصة في الاراضي التي تحتلها اسرائيل بما في ذلك المناطق الحرام والمناطق المنزوعة السلاح. ولم يدرج جارفس قضاء بئر السبع بأكمله ومساحته 12.577.000 دونم، معتذراً بعدم العثور على سجلات، على رغم انه ارض عربية خالصة ليس لليهود فيها وجود يذكر، ووجودهم على قلّته مسجل. وعلى رغم ان سجل جارفس لا تشمل اكثر من 30 في المئة من الارض الفلسطينية، الا أنها تعتبر اهم وأكمل مرجع لملكية الاراضي، خصوصاً في المناطق الكثيفة السكان. الوضع الحالي عندما احتلت اسرائيل مساحات شاسعة من فلسطين وطردت أهلها عام 1948 استولت على نحو 18 مليون دنم من أراضيهم. وهي أكبر عملية نهب منظم في التاريخ. وعمدت فوراً الى نصب شبكة من القوانين للاستيلاء عليها حتى تتفادى شجب المجتمع الدولي وتظهر بمظهر الدولة الديموقراطية. بدأت أولاً باصدار "قانون أملاك الغائبين" عام 1950، وتمت صياغته حتى يصبح كل فلسطيني "غائباً"، ولا يكون اليهودي غائباً في الظروف نفسها، وكما يعتبر اللاجئ غائباً، فإن الفلسطيني الذي بقي في اسرائيل يعتبر غائباً أيضاً حتى ولو كان غيابه للذهاب الى قرية مجاورة. وإذا لم ينتقل من مكانه، فيمكن لاسرائيل الاستحواذ على أرضه باعلان المنطقة "منطقة مغلقة"، أو "منطقة أمنية" أو منع السكان عنها لمدة 3 سنوات ثم اعتبارها منطقة غير مفتلحة. ولكي تبعد عنها عقاب القانون الدولي في شؤون الحرب، انشأت اسرائيل "هيئة التطوير" كحاجز بين الحارس والمتصرف بالأراضي، وحول الحارس على أملاك الغائبين كل الأراضي إليها، بغرض تطويرها وتأجيرها "وبيعها" الى مؤسسات يهودية فقط. وحدث خلال شديد بين حكومة اسرائيل والصندوق القومي اليهودي على السيطرة على تلك الأراضي استمر عشر سنوات. وفي عام 1960، صدرت "القوانين الأساسية" التي تسمي هذه الأراضي "أراضي الدولة" وتوكل مهمة إدارتها وإدارة أراضي الصندوق الى هيئة واحدة هي "إدارة أراضي اسرائيل"، وهي التي تتصرف فيها حتى اليوم. قامت ادارة الأراضي بتأجيرها الى الكيبوتسات والموشاف القرى التعاونية بعقود طويلة الأجل بأسعار رمزية. ولا تزال كلها باسم الدولة. وفي الواقع لا توجد في اسرائيل أملاك فردية يهودية إلا الاملاك التي اشتراها أفراد يهود قبل عام 1948 وهي نسبة ضئيلة. بعد فشل فكرة الكيبوتس، وخسارتها المادية، والهجرة منها الى الحياة الحضرية في الوسط، بدأت اسرائيل منذ عام 1997 في بيع أراضي اللاجئين الزراعية الى مقاولين لكي تبني عليها عمارات للبيع، مع تعويض مزارعي الكيبوتس تعويضاً خيالياً جعل منهم اثرياء بين يوم وليلة. هذا الحدث له دلالات خطيرة. فهو ينبؤ بنهاية الكيبوتس كشعارصهيوني يدعو الى عودة اليهود الى الأرض ونبذ أعمال التجارة والمال التي عرف بها اليهود عبر الزمن. وهو أيضاً يدق جرس الخطر للاجئين: ان أراضيهم تنتقل تدريجياً من حارس الأملاك العام الى أفراد يهود سواء كانوا مواطنين في اسرائيل أو خارجها، وبذلك يصعب عليهم التحقق من وضعها القانوني والفعلي. لذلك أصدرت الجامعة العربية قراراً في 16/9/1998 يقضي بالطلب الى الأممالمتحدة تعيين قيمّ على أملاك اللاجئين في اسرائيل، وإرسال بعثة تقصي حقائق للاطلاع على أوضاعها الحالية والحصول على الخرائط والمستندات الخاصة بها من اسرائيل. امكان العودة تلجأ الدعاية الاسرائيلية والموالون لها من الباحثين في الغرب الى الزعم بأن عودة اللاجئين الى أراضيهم، وان اعترف البعض بأنها سليمة قانوناً، إلا أنها مستحيلة عملياً، لأن الحدود ضاعت وامتلأت البلاد بالمهاجرين الجدد. وليس هناك دليل مقنع على صحة ذلك، وقد قمنا بدراسة ديموغرافية للسكان من يهود في الريف والحضر وفلسطينيين في 41 اقليماً طبيعياً تمثل التقسيمات الادارية لاسرائيل، وأضفنا الى كل اقليم حصته من العائدين الفلسطينيين حسب مواطنهم الأصلية. فلم نجد ما يثبت هذا الزعم. ولتبسيط الموضوع، نبين في الجدول المرفق نتائج هذه الدراسة، يمكن تقسيم اسرائيل الى 3 مناطق انظر الخريطة: منطقة 1 وتشمل 8 أقاليم في المنطقة الوسطى للبلاد وحول حيفا ومساحتها 1.683 كم2 ويعيش فيها 68 في المئة من اليهود. وهذه المنطقة تطابق تقريباً في مساحتها ومكانها الأراضي اليهودية عام 1948، ما يؤكد أن العادات اليهودية في التجمع لم تتغير كثيراً خلال 50 سنة. ومنطقة 2 وتشمل 5 اقاليم ملاصقة لمنطقة 1 ومساحتها 1.318 كم2 ويعيش فيها 10 في المئة من اليهود. وهذه المنطقة تساوي تقريباً مساحة أراضي الفلسطينيين الذين بقوا في اسرائيل ولو أنها ليست بالضرورة في المكان نفسه. هذا معناه ان منطقتي 1 و2 اللتين تبلغ مساحتهما 15 في المئة من اسرائيل هي مسكن 78 في المئة من اليهود. والباقي؟ الباقي هو منطقة 3 ومساحتها 17.325 كم2 وتساوي في مساحتها وموضعها موطن اللاجئين الفلسطينيين، ويسكن فيها الآن 22 في المئة من اليهود فقط. لكن 19 في المئة منهم يعيشون في بضع مدن، والباقي 3 في المئة فقط في الريف. والحقيقة المرة ان 160.000 يهودي يسرحون ويمرحون على أرض هي ملك 4.800.000 لاجئ أرقام 1994 وهؤلاء لا يزالون مكدسين في المخيمات على بعد بضعة كيلومترات. إذن لو عاد اللاجئون كلهم الى ديارهم، لأمكن استيعاب غالبيتهم في المنطقة 3. وعندئذ تزيد كثافة السكان فيها من 82 إلى 246 شخصاً في الكيلومتر المربع وهو رقم معقول. أما زيادة الكثافة في اسرائيل ككل فتزيد من 261 إلى 482 شخصاً/ كم2، ولا تتأثر المناطق اليهودية بذلك إلا أقل تأثير. ويكون الأمر أبسط من ذلك لو وضعنا برنامجاً مرحلياً لعودة اللاجئين. استوعبت اسرائيل مليون روسي من دون أن يزدحم مطار بن غوريون بهم في يوم من الأيام. لو فرضنا اننا استوعبنا مليون لاجئ من المناطق التي تؤذن بالانفجار فيأي لحظة، بعودة 329.000 لاجئ مسجل في وكالة الغوث من لبنان الى الجليل، و679.000 لاجئ مسجل من غزة الى جنوبفلسطين/ اسرائيل، لوجدنا الآتي: في حال عودة لاجئي لبنان لن تتأثر المنطقة اليهودية في 1 على الاطلاق، ولزادت كثافة المنطقة 2 بمقدار 6 في المئة فقط، وأمكن استيعاب معظم اللاجئين في الجليل في قراهم الأصلية في المنطقة 3 التي ستزيد حينئذ كثافتها من 82 إلى 96 شخصاً/كم2 فقط، ولبقى اليهود غالبية السكان بنسبة 76 في المئة في البلاد، وهذا ما يحرصون عليه أشد الحرص. وفي حال عودة اللاجئين من غزة الى جنوبفلسطين/ اسرائيل قضاء غزة وبئر السبع، لن تتأثر المنطقة اليهودية 1 أيضاً، ولزادت كثافة المنطقة 2 بمقدار 4.5 في المئة فقط، وأمكن استيعاب جميع اللاجئين من غزة في المنطقة 3 في الجنوب وحينئذ تزيد كثافتها من 82 إلى 108 أشخاص/كم2. ويبقى اليهود غالبية في البلاد بنسبة 72 في المئة. بل ان عودة اللاجئين الى مزارعهم - وهم الذين جبلوا على الزراعة لعدة قرون - ستعطي ناتجاً زراعياً أعلى بكثير من الناتج الزراعي الاسرائيلي المنخفض نتيجة فشل الكيبوتس الذي لا يتجاوز انتاجه الزراعي 4 في المئة من قيمة الصادرات. وهكذا فإن خرافة ازدحام البلاد في كل أطرافها ليس لها أساس من الصحة، والغرض من اشاعتها هو الحفاظ على الأراضي فارغة، لاسكان مهاجرين جدداً. وشنت اسرائيل في أيلول سبتمبر هذا العام حملة بلا حدود لاغراء اليهود الروس على الهجرة الى اسرائيل. ولو قمنا بهذه الدراسة عام 1989 قبل قدوم الروس، لما سببت عودة اللاجئين من لبنانوغزة كثافة أكثر من الحالية في اسرائيل. والخرافة الأخرى التي تدعيها اسرائيل ان الحدود والأملاك ضاعت ويصعب تحديدها. وهذا هراء. إذ لا توجد بلاد في الشرق العربي اكثر دراسة وتخطيطاً من فلسطين. فالخرائط البريطانية أيام الانتداب شملت كل المدن والقرى بتفصيل دقيق. والسجلات البريطانية ساعدت جارفس خبير الأممالمتحدة على رصد نصف مليون مالك كما جاء ذكره. والخرائط البريطانية نفسها أصبحت أساساً لخرائط اسرائيل ورصدت عليها اسرائيل كل تغيير حدث لفلسطين منذ عام 1948. وتحتفظ "إدارة أراضي اسرائيل" بسجلات الأملاك القديمة وتسجل ما حدث لها من تأجير واستغلال. وبموجب هذا تؤجر الأراضي للكيبوتس والموشاف. وللادارة عدة مكاتب في كل قضاء تتابع ما يحدث من تغيرات. وأدخلت الادارة أخيراً نظام المعلومات الجغرافية، ووقعت عقوداً مع شركات متخصصة لذلك، لم ينته العمل بها بعد. وبموجب هذا النظام يمكن استحضار كل المعلومات عن اي بقعة من الأرض وما حدث لها من تغيير. ويذكر انه لا توجد في مواقع القرى المهدومة اي كيبوتسات، اذ بنيت هذه بعيدا عن مكان القرية، عدا 21 موقعاً تقع خلال كم واحد من موقع القرية. وسواء كانت هذه المواقع متطابقة ام لا، فليس لهذا قيمة عملية. هيئة أرض فلسطين آن الأوان لأن تنتهي حال اليأس والاحباط ويبدأ السعي الحثيث الى العمل. لذلك فانه يجدر باللاجئين الفلسطينيين المبادرة الى المحافظة على حقوقهم وتوثيقها وتنظيم صفوفهم للمطالبة بهذه الحقوق. ولهذا فانني ادعو الى انشاء "هيئة أرض فلسطين" على النحو الآتي: تمثل الهيئة الحقوق المادية وما يتبعها للاجئين والمطالبين بحقوقهم من الشعب الفلسطيني في كل مكان بما في ذلك الفلسطينيون في اسرائيل. مهمة الهيئة: توثيق الأملاك الفلسطينية العامة والخاصة، والمطالبة بها والعمل على استرجاعها والحفاظ عليها وحمايتها وصيانتها وتطويرها ومنع بيعها لأي جهة غير فلسطينية موثوقة. تقوم الهيئة بدور الحارس على حقوق الشعب الفلسطيني المادية، وتبقي كل الاملاك تحت حراستها، الى ان تحدد ملكية الأفراد الفلسطينيين وتسلم اليهم. ولا يجوز انتقال املاك الفلسطينيين الى غيرهم مهما كانت الظروف، وتبقى الأملاك تحت حراسة الهيئة اذا تعذر ذلك. تطالب الهيئة بتعويضات عن استغلال الأراضي والممتلكات لمدة نصف قرن وعن المعاناة النفسية للشتات، اسوة بالتعويضات عن أعمال المانيا النازية والتعويضات السويسرية لليهود. ولا تشمل التعويضات ثمن الأراضي والمباني، فالوطن لا يباع. الهيئة مستقلة وغير سياسية وتتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة والحكومات المختلفة والأممالمتحدة على هذا الأساس، وتمثل في كل المحافل ذات العلاقة. هيكل الهيئة: تتكون الجمعية العامة للهيئة من 1500 عضو، يمثلون حوالي 530 قرية ومدينة هجر اهلها عام 1948 بمعدل 3 اعضاء لكل قرية، او عضو لكل 3000 لاجئ. ويضاف الى هؤلاء 50 عضواً من اهل الاختصاص. وتنتخب الجمعية مكتباً تنفيذياً من ذوي الخبرات، وتشرف على اعماله لجنة توجيه مدة الهيئة: تبقى قائمة الى ان تنتهي اغراضها. اخترنا القرية كوحدة ديموغرافية لبناء المجتمع الفلسطيني، لأنه بعد التشتت الجغرافي والعائلي، بقيت القرية متماسكة، فهي تتألف عادة من 4 - 5 حمائل لا يزال افرادها على اتصال وثيق ببعضهم. ولدينا الآن 5 ملايين ملف شخصي و700.000 ملف عائلة للاجئين ونعرف مكان كل عائلة وتوالدها وظروفها، كما هو متوافر في سجلات وكالة الاغاثة. وعلى رغم ان عدد اللاجئين المسجلين ينقص بمقدار 16 في المئة عن كافة اللاجئين، الا انه يمكن نسبة هذا الطابع اليهم ايضاً. لهذا اقترحنا انتخاب 3 افراد عن كل قرية او وحدة ديموغرافية. ويمكن ان يجري الانتخاب او الاختيار في مناطق عمليات الوكالة الضفة، غزة، الأردن، سورية، لبنان في المعسكرات والتجمعات السكانية في تلك المناطق وفي الشتات ويتكوّن مكتب اقليمي في كل منطقة للتنسيق. وبما ان حدود ارض كل قرية واضحة في الخرائط والسجلات الموجودة لدينا، فانه يمكن اعتبار اهل القرية الحاليين هم اصحاب تلك الأرض في ملكية جماعية وهو نوع من المشاع ليس غريباً على الناس. وعدد اهالي كل قرية هو حوالي خمس مرات ونصف ضعف عددهم عام 1948، ويوجد من بينهم 16 في المئة ولدوا في فلسطين، ولذلك يوجد ما يكفي من الاشخاص الذين يمكنهم التعرف على الاماكن او اعطاء المعلومات اذا لزم ذلك. ويخصص لكل قرية عدد من الاسهم يوازي مساحة اراضيهم، وبذلك تساهم القرية في هيئة أرض فلسطين بقيمة هذه الأسهم. وحيث ان حدود أرض القرية وعدد سكان اهلها ومكانهم معروف، فان ملكيتهم الجماعية ثابتة وصحيحة. وتبقى مسألة توزيع الاسهم على افرادها، وهذا يبدأ بتخصيص الاسهم حسب ملكية كل حمولة اعتمادا على سجلات جارفيس او وسيلة اخرى معروفة حسب العرف والعادة وحسب الخرائط على سبيل المثال او على اساس جديد يكفل لكل اهالي القرية العيش الآمن حتى لمن لم يملكوا الكثير. فاذا تحددت ملكية الحمولة، توزع على افرادها داخلياً كما يتفقون، او بالوراثة او كما تدل عليه سجلات وكالة الاغاثة. ولا شك في ان تحديد الملكية بالنسبة للفرد الواحد من الجيل الحالي يستغرق وقتاً وجهداً. لكن المهم ان ملكية القرية ثابتة وصحيحة، والى ان يتم ذلك يمكن المطالبة بالأرض وحتى استغلالها من دون تقسيم. وليست هناك صعوبة لوجستية في وضع تصورات مختلفة لمعرفة انسب الطرق للتعامل مع هذه المسألة، ما دامت ملكية القرية الجماعية ثابتة. وموضوع انشاء هذه الهيئة ليس جديدا بمطلقه. فقد انشأ اليهود الصندوق القومي اليهودي JNF في لندن في مطلع القرن لغرض اصعب وهو شراء ارض في بلاد بعيدة وغريبة. وطالب اليهود بحقوقهم في البلاد العربية التي تركوها ليسكنوا ديار الفلسطينيين عام 1948 بانشاء الهيئة العالمية لليهود من بلاد عربية WOJAC عام 1977، كما طالبوا بحقهم في استرجاع ممتلكاتهم وليس بيعها في اوروبا والتعويض عن استغلالها منذ الحرب العالمية الثانية بانشاء "المنظمة اليهودية العالمية لاسترجاع الاملاك" WJRO عام 1992. وهذه الجمعيات الثلاث تتعامل مع حكومة اسرائيل والمنظمات اليهودية والحكومات المختلفة والأممالمتحدة، من دون حرج او اعتراض من حكومة اسرائيل. ونجحت WJRO في استرجاع الكثير من املاكها في اوروبا، ولا تزال تتعقب الدول الأوروبية الواحدة بعد الاخرى. هناك صعوبات في انشاء "هيئة أرض فلسطين". اولها احتمال اعتراض السلطة باعتبارها تمثل الفلسطينيين. ولكن ليس في هذا اي تناقض. لأن الهيئة تمثل حقوق الملكية الخاصة، التي لا يمكن ان يتنازل عنها احد غير صاحبها. وستكون الهيئة قوة ضاغطة معها تفيد المنظمة اذا دافعت عن حقوق اللاجئين. وضاغطة لها اذا قصّرت. ولا تطمح الهيئة الى اي مكسب سياسي، فهذا متروك لطموح الآخرين. وثانيها ان كثيراً من الدول المضيفة، بما فيها السلطة، تعارض انتخابات الهيئة او يكون لها رأي في اختيارهم. بل تعارضها ايضاً بعض الفئات الفلسطينية التي فقدت صلاحيتها. ونقول انه ليس هناك مبرر لهذه المعارضة، لأن هذه القرى نفسها ممثلة امام الوكالة وفي المخيمات، عن طريق عدد من اللجان، يختلف عددها ودورها حسب سياسة الدول المضيفة، ولا يمثل اي منها تهديدا للدول المضيفة. فالهيئة تريد استرجاع الحقوق في أراض خارج هذه الدول. وثالثها ان انشاء الهيئة يحتاج الى مجهود وتنظيم كبيرين يشمل التنقل بين هذه البلاد والحصول على موافقتها وموافقة اللاجئين فيها. كما ان عملية التوثيق والجمع والتحديد عملية مضنية ومكلفة، لكنها ممكنة، وتوجد الآن من الوسائل الفنية ما يجعل هذا في متناول اليد. ولدى الكثيرين مادة تكفي لجمع قدر كبير من المعلومات المهمة. وليس هنا مجال تفصيل الخطوات التنظيمية وبرامج العمل الممكن اتباعها. ويكفي القول ان هناك ضرورة لاجتماع موسع او مؤتمر صغير تناقش فيه هذه الآراء المختلفة، وتنتج عن ذلك لجنة تحضيرية تتولى تنفيذ الخطوات العملية الأولى. هذه الصعاب كلها اهون بكثير من ضياع ارث وتراث 5 ملايين لاجئ فلسطيني. وهو الامر الذي يشغل فكر كل واحد منهم في شتى بلاد الشتات. وحال الغضب والغليان التي يشعرون الآن بها من احتمال ضياع الحقوق او ربما ضياعها فعلاً قد تؤدي الى انفجار غير متوقع عواقبه اكبر بكثير من مخاوف الخائفين. فالأولى ان يسلك هذا التيار الجامح سبيلاً مفيداً يؤدي الى اعادة الحق الى اصحابه. * باحث فلسطيني. إسرائيل 1994 المكان البيان المساحة كم مربع الكثافة الحالية نسبة اليهود شخص/كم مربع المئوية المنطقة 1 كثافة يهودية 1.683 1.934 90 المنطقة 2 مختلطة 1.318 482 66 المنطقة 3 كثافة فلسطينية 17.324 82 67 المجموع 20.325 261 81 إسرئيل بعد عودة لاجئي لبنان الى الجليل الفلسطينون الكثاقة الجديدة نسبة اليهود العائدون شخص/كم مربع المئوية بالآلاف 41 1.959 89 40 512 62 248 96 57 329 278 76 إسرائيل بعد عودة لاجئي غزة الى اللواء الجنوبي الفلسطينون الكثافة الجديدة نسبة اليهود العائدون شخص/كم مربع المئوية بالآلاف 197 2.052 85 30 505 63 452 108 51 679 295 72 جداول تبين الوضع الحالي لتوزيع السكان في اسرائيل وفي حال عودة لاجئي لبنانوغزة ويلاحظ ان مناطق الكثافة اليهودية لا تتأثر كثيراً بذلك وتبقى لليهود غالبية عامة في البلاد، بينما يمكن عودة اللاجئين الى قراهم الأصلية ولا يتأثر الا 170 ألف يهودي يعيشون في الريف على الارض الفلسطينية