خلال هذا العام شهدت المحافظات السورية نشاطاً جديداً من نوعه، إذ طافت مجموعات من الشباب والشابات شوارع المدن لجمع تبرعات لمنظمة الهلال الأحمر السوري. وهذه الظاهرة أرادت لفت النظر الى منظمة تأسست العام 1945 في سورية، وتملك مجموعة نشاطات اجتماعية وانسانية وطبية معترف بها من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ العام 1946. ومع ان الكثيرين يستفيدون من خدمات هذه المنظمة الطبية عبر المستوصفات التابعة لها، فإن نشاطها الاجتماعي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة ليكون قاعدة مهمة لأعمالها الانسانية. وكمثال واضح على هذا الأمر رعايتها لحفل كبير أحيته الفنانة جوليا بطرس على مدرج مسرح بصرى في بداية شهر أيلول الماضي، وقامت المنظمة بكل الترتيبات الخاصة به كما أشرفت على تنظيمه وخصص ريعه لأعمالها الخيرية. ان النشاطات الشائعة للهلال الأحمر تعتمد في عمقها على شكل تربوي خصوصاً أنها تسعى الى اكتساب متطوعين جدد لأعمالها، معتمدة على العناصر الشابة في تنفيذ الكثير من المهمات الخاصة بها سواء اتخذت شكلا انسانياً أو اجتماعياً. لذلك أسست لجنة للشباب بدأت عملها في أربع محافظات هي دمشق والسويداء والرقة وحمص، حيث تقوم بضم الشباب ابتداء من 16 عاماً وتدربهم على المهمات الاعتيادية لها مثل الاسعافات الأولية، ثم تضعهم في برامج مختلفة تشمل: 1- زيارة دور الأيتام والمشاركة في رعايتهم، فتقوم عناصر لجنة الشباب بدرس احتياجاتهم الاجتماعية والحياتية، ثم تعمل لمساعدتهم في تجاوز المحنة التي فرضهما فقدان أحد الأبوين أو كليهما. ويتخذ العمل معهم اتجاهين: الأول عملي إذ يتم تقديم العون لهم في دروسهم أو منحهم هبات مالية تأتي عبر لجنة الشباب بشكل يخلو من الاحراج. والثاني تقديم رعاية اجتماعية لهم من خلال بعض الحفلات أو الاهتمام الخاص لأعضاء اللجنة بكل طفل على حده. 2- نشاطات داخل دور المسنين تبدأ من الرعاية الشخصية وتنتهي بالحفلات العامة وخلق مناسبات يشارك فيها الشباب حياة المسن. وفي هذا الاطار فإن لجنة الشباب تؤدي دوراً ما زال غائباً في مجتمعنا نتيجة عدم دخول موضوع دور المسنين في الثقافة العامة، فغالباً ما يشعر المسن بالغربة نتيجة ابتعاده عن محيطه الاجتماعي على رغم الخدمات المقدمة له، ولذلك فإن ظهور نشاطات شابة في محيطة تعيده عملياً الى أجواء أسرية واجتماعية يفتقدها. 3- حملات التوعية الصحية خصوصاً للأمراض التي تسبب رعباً عند المواطن مثل السرطان أو الايدز، فلجنة الشباب تشارك وزارة الصحة في الحملات الوطنية الخاصة بتلك الأمراض، كما تصدر المنظمة نشرات خاصة يتم توزيعها على المنازل أو المحال التجارية. إن مجمل الأعمال السابقة، التي تظهر وفق خطة تسعى الى دعم الخدمات التي يقدمها الهلال الأحمر، تشكل ظاهرة مزدوجة: يبدو وجهها الأول كلون اجتماعي مدني يقدم خدمات متنوعة للناس، والثاني تربوي يتجه نحو الشباب ويساعدهم في الانخراط داخل المجتمع بأسلوب حضاري متميز. فالمنظمة التي تبدو في أهدافها كتشكيل يساعد الادارات الطبية في زمن الحرب أو أثناء الكوارث، تسعى الى دعم هذا الهدف بأشكال متطورة بحيث تجعل فئات المجتمع مسؤولة عن السلامة العامة والرعاية الاجتماعية، وتقدم بالتالي تأهيلاً مستمراً لأجيال الشباب كي يقوموا بهذه الأعمال التطوعية.