قالت وزارة الطاقة الاميركية ان السعودية كانت أكبر موردي النفط الى السوق الاميركية في آب اغسطس الماضي، وعززت بذلك موقعها على رأس قائمة موردي النفط الاجانب الى السوق الاميركية، التي شهدت ايضاً زيادة استهلاكها من النفط العراقي. وأشارت مصادر نفطية اميركية الى ان ذلك يتوافق مع استمرار رغبة شركات التكرير الاميركية في شراء النفط العربي الخفيف. واظهرت احصاءات معدلة ان الواردات الاميركية من النفط الخام في آب الماضي كانت اكثر من التوقعات السابقة بنحو ثمانية ملايين برميل، وجاء معظم الزيادة من السعودية والعراقوالكويت التي صدرت مجتمعة 76.35 مليون برميل الى السوق الاميركية أي نحو 27 في المئة من النفط الخام التي تستورده شركات التكرير الاميركية. وكانت الكمية اكبر مما استوردته الولاياتالمتحدة في تموز يوليو الماضي عندما شكل ما صدرته الدول العربية الثلاث ربع النفط المصدّر الى الولاياتالمتحدة. وتدل الاحصاءات التي نشرتها "إدارة معلومات الطاقة" في وزارة الطاقة الاميركية، على ان الولاياتالمتحدة استوردت 283.435 مليون برميل من النفط في آب، بينما كانت التقديرات السابقة تشير الى ان الكمية تدور حول 275.442 مليون برميل. وبلغت الصادرات السعودية الى الولاياتالمتحدة في آب 45.5 مليون برميل، والعراق 22.1 مليون برميل والكويت نحو 8.5 مليون برميل. ومنذ عام كانت السعودية تتنافس مع فنزويلا على المرتبة الأولى بين مصدّري النفط الاجانب الى الولاياتالمتحدة. لكن السعودية كانت السباقة السنة الجارية، اذ لم تتجاوز الصادرات الفنزويلية الى الولاياتالمتحدة 41.8 مليون برميل، ما عزز موقع السعودية على رأس المصدرين الاجانب معظم أشهر السنة الجارية. وكان على رأس مصدري النفط الآخرين، الى الولاياتالمتحدةكندا 38.7 مليون برميل والمكسيك 53.3 مليون برميل. وعلى رغم ان مقداراً كبيراً من النفط العراقي يصل الى الولاياتالمتحدة، لم يُبع من هذا النفط مباشرة الى الشركات الاميركية، بموجب "تفاهم النفط مقابل الغذاء" مع الاممالمتحدة، الا القليل، ومن أصل 56 عقداً تم منحها في دورة نصف العام السابق من التفاهم، أي بين حزيران يونيو الماضي الى تشرين الثاني نوفمبر الجاري تلقى التجار الروس أكبر حصة من هذه العقود 13 عقداً لقاء 35 في المئة من الپ321 مليون برميل التي تغطيها العقود الپ56. وتم منح الشركات الاميركية تسعة ملايين برميل ذهب معظمها الى مصفاة "كوستال اويل" في أوروبا التي بُنيت خصوصاً لتكرير النفط العراقي. لكن من المحتمل ان تكون شركات اميركية كبيرة مثل "شيفرون" و"اكسون" وشركات عملاقة مثل "بي.بي" البريطانية و"شل" أكبر زبائن النفط العراقي على حد قول موريس لورنز أحد المشرفين على مبيعات النفط العراقي. وقال لورنز، في ندوة علمية عقدت في مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورجتاون في واشنطن: "ان العراق يسعر منذ فترة نفط البصرة الخفيف أقل من سعر الخام الآتي من مصادر خليجية اخرى". وكان الفرق بين السعرين العراقي والخليجي كبيراً. بحيث أصبح بالامكان إعادة بيع العقود الى الشركات الاميركية. وأعرب لورنز عن اعتقاده ان معظم العقود الروسية كان يُباع ببساطة مرة اخرى الى الشركات الاميركية. وقال لورنز: "ان من المستحيل التخلص من جاذبية النفط العراقي تماماً، لكن هذه الجاذبية ازدادت منذ حزيران يونيو الماضي مع ارتفاع كمية النفط التي ضخها العراق ومع تراجع اسعار النفط في الاسواق الدولية. وفي تقدير لورنز ان هذا الاجراء يكلف العراق بين 100 و150 مليون دولار من العائدات سنوياً. وقال: "ان العراق يستطيع ان يكون مرناً في تسعير نفطه لأن الشروط التي وضعتها الاممالمتحدة تنص على وجوب بيع النفط العراقي بسعر السوق المنصفة العادلة". وأضاف لورنز: "إن الاممالمتحدة تحصل على ما يفترض فيها ان تحصل عليه" من تنفيذ تفاهم النفط، لكنه لا يستطيع الاختلاف مع الشكوك في ان النفط العراقي يذهب على نحو متعمد الى المتعاملين الروس لتمكين المسؤولين العراقيين من إصدار فواتير مرتين وملء جيوبهم. وتعكس جاذبية النفط الخام العراقي تفضيل شركات التكرير الاميركية بترول الخليج على غيره من الانواع. ويشتري النفط العراقي عدد كبير من الشركات نفسها التي كانت تشتري الخام العراقي قبل حرب الخليج. وقال لورنز، الذي كان مسؤولاً في احدى هذه الشركات، اكسون ان السوق ستمتص أي زيادة في انتاج العراق بعد رفع العقوبات المفروضة عليه، خصوصاً ان العراق ينتج حالياً نحو ثلثي ما كان ينتجه قبل الحرب، ولن يستطيع زيادة طاقته الانتاجية بنسبة كبيرة الا بعد مرور فترة زمنية لا بأس بها. لكن عصام الجلبي وزير النفط العراقي بين 1987 و1990، قال في الندوة نفسها التي تحدث فيها لورنز، "ان انتاج العراق الحالي يجب ان يخفض فوراً لأن التقارير الواردة خلال الاسابيع القليلة الماضية تشير الى ان نوعية الخام العراقي المصدر تردت بسبب قيام العراقيين بحقن حقولهم بزيت الوقود بغية زيادة الانتاج". وأضاف الجلبي: "ان سياسة زيادة الانتاج، من دون انتظار وصول قطع الغيار اللازمة تفتقر الى الحكمة وتعني ان الحؤول دون الاضرار بآبار النفط على نحو كبير وربما دائم". ورأى ألديس ليفنتالز، نائب رئيس شركة "موبيل أويل" المسؤول عن التخطيط الاستراتيجي فيها، صادرات العراق النفطية بأنها "أكبر طاقة مفاجئة لا يمكن التهكن بها". وقال ان شركته تستخدم وسائل غير مباشرة لتقويم ما يحدث في العراق، بما في ذلك تحليل نوعية المزيج الذي يصدره، لكي تكتشف الممارسات الادارية في القطاع النفطي العراقي، لتعذر الحصول على معلومات كاملة عن ما يحدث". وأضاف: "ان نتائج هذا النوع من النشاط ليست ايجابية جداً". ويذكر ان العراق صدّر 514 ألف برميل يومياً الى الولاياتالمتحدة عام 1990، عندما كانت الولاياتالمتحدة تستورد 1.2 مليون برميل يومياً من السعودية، و79 ألف برميل يومياً من الكويت، و22 ألف برميل من قطر، من أصل ما استوردته من الخام الذي بلغ عام 1990 نحو 5.9 مليون برميل يومياً. وبحلول 1991 ارتفعت الصادرات السعودية من الخام الى 1.7 مليون برميل يومياً للمساهمة في تعويض ما فقدته السوق الاميركية من النفط العراقيوالكويتي. ولم يتجاوز ما صدره العراق من الخام الى الولاياتالمتحدة أبداً تلك الكمية التي صدرها عام 1990. ويذكر ان شركات التكرير تحبذ أيضاً الخام الايراني، لكن القانون الاميركي يحظر على الشركات الاميركية شراء النفط الايراني بسبب صدور القانون الذي يفرض عقوبات على ايران وليبيا، ما يحد أيضاً من استيراد النفط الليبي. لكن الخام العراقي لا يخضع لأي عقوبات اميركية، وبدأ يظهر في السوق الاميركية منذ اواخر 1996، وصار متوسط ما يذهب منه الى هذه السوق 89 ألف برميل يومياً عام 1997. وازدادت الكمية الى 135 ألف برميل يومياً في النصف الأول من عام 1998 الجاري.