سعت القاهرة الى احتواء غضب الزعيم الليبي معمر القذافي على خلفية رفض وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في الجامعة العربية في ايلول سبتمبر الماضي تعليق الحظر الجوي المفروض على ليبيا. وأوفد الرئيس حسني مبارك وزير خارجيته السيد عمرو موسى في مهمة عاجلة الى ليبيا أول من أمس أحاطها المسؤولون المصريون بتكتم شديد، في حين كشفت عنها السلطات الليبية. وجاءت مهمة موسى الى طرابلس في أعقاب تأكيد الرئيس مبارك أخيراً دعمه لليبيا في موقفها بخصوص الضمانات التي تطالب بها قبيل السماح لليبيين المشتبه فيهما في قضية لوكربي بالمثول أمام محكمة اسكتلندية في هولندا وفق قرار مجلس الأمن الرقم 1192. والتقى القذافي في مدينة سرت، مسقط رأسه، وزير الخارجية المصري فور وصوله. وذكرت وسائل الإعلام الليبية ان اللقاء هدف الى التشاور حول الوضع في منطقة البحيرات العظمى بوصف القذافي رئيساً ل "تجمع دول الساحل والصحراء". لكن موسى قال في تصريحات صحافية أمس في القاهرة، إن المحادثات تناولت تطورات قضية لوكربي في ضوء نتائج محادثات الوفد القانوني الليبي في نيويورك مع مسؤولين في الأممالمتحدة بخصوص "الضمانات" التي تطالب بها طرابلس قبل تسليم مواطنيها للمحاكمة في هولندا. وقال موسى ان الخلاف الحالي بين ليبيا والدول الغربية بخصوص المحاكمة يتمحور حول نقطتين اساسيتين، رافضاً الخوض في التفاصيل. لكنه اكد ان العقوبات ستُرفع عن ليبيا فور وصول المشتبه فيهما الى لاهاي. وعن حال الاستياء الليبي من الدول العربية وتهديدها بالانسحاب من الجامعة، قال: "شعرت باستياء الاخوة الليبيين واوضحت لهم ان المناقشات التي دارت في اجتماعات مجلس الجامعة تمت في ظروف مغايرة لتلك التي سادت قمة واغادوغو الافريقية في حزيران يونيو الماضي، خصوصاً ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا وافقتا على المحاكمة في دولة ثالثة، وعلينا دعم هذا التحرك والضمانات التي تطالب بها ليبيا". وكانت ليبيا وجهت انتقادات للدول العربية بسبب رفض وزراء الخارجية في اجتماع مجلس الجامعة الأخير تبني مشروع قرار ليبي يدعو الى إنهاء الحظر الجوي المفروض على ليبيا منذ نيسان ابريل 1992 من جانب واحد، على غرار الخطوات التي اتخذتها منظمة الوحدة الافريقية منذ ايلول سبتمبر الماضي. وعُلم ان موسى استقل طائرة في رحلة مباشرة الى ليبيا بعد حصوله على اذن من لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، وأنه حمل الى الزعيم الليبي أفكاراً مصرية من شأنها التقريب بين وجهتي النظر الليبية والغربية بغية ايجاد "حل ديبلوماسي وقانوني" لأزمة لوكربي. والتقى موسى قبل أيام مندوبة ليبيا "المقيمة" لدى الجامعة العربية السفيرة سلمى راشد وبحثا في الاعداد للزيارة والمواضيع التي سيتم بحثها. على صعيد آخر، لم تتلق وزارة الخارجية المصرية أي ترشيح من ليبيا لشغل منصب منسق العلاقات المصرية - الليبية سفير خلفاً للسفير سيد قذاف الدم - ابن عم القذافي - الذي شغر منصبه بعد توليه أمانة لجنة "شعبية" محافظة مدينة سرت.