أكدت السلطة الفلسطينية أمس أنها لن تستجيب لمناورات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الهادفة إلى اختلاق الذرائع من أجل التهرب من تنفيذ اتفاق واي ريفر. ورد كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات على تصريحات الناطق باسم الخارجية الأميركية جيمس روبن الذي طالب السلطة بايضاحات تتعلق بخطتها الأمنية، معبراً عن الاستغراب من التناقضات في تصريحاته وتعارضها مع اعلان الإدارة الأميركية أول من أمس ان الفلسطينيين اوفوا بجميع التزاماتهم الواردة في اتفاق واي ريفر على نحو مُرضٍ وكامل ومقبول. في غضون ذلك، أرجأ نتانياهو للمرة الثالثة خلال يومين عقد اجتماع مقرر لحكومته للمصادقة على اتفاق واي ريفر، مطالباً السلطة الفلسطينية بتعهد خطي وجدول زمني لاعتقال 30 شخصاً تشتبه إسرائيل في تورطهم بعمليات قتل إسرائيليين، فيما تقول السلطة إنها أوفت بجميع التزاماتها كما وردت في نص الاتفاق، مشيرة إلى عدم وجود أي نص يطالب السلطة باعتقال هؤلاء. وحسب هذا الاتفاق، فإن على "الطرف الفلسطيني أن يعتقل الأفراد المشتبه في قيامهم بأعمال عنف أو ارهاب بهدف اجراء تحقيق اضافي وملاحقة الاشخاص المتورطين في أعمال عنف وارهاب وعقابهم". وجاء في بيان صادر عن المكتب الصحافي للحكومة الإسرائيلية ان المطلوبين الثلاثين مسؤولون عن قتل نحو 100 إسرائيلي في تفجيرات قنابل واطلاق نيران وعمليات خطف أخرى، مشيراً إلى أن بينهم خمسة مطلوبين للشروع في القتل، و12 شخصاً يعملون حالياً في صفوف الشرطة الفلسطينية. وأفاد البيان أن العديد من المشتبه بهم احتجزتهم قوات الأمن الفلسطينية في وقت سابق، لكن اطلقوا لاحقاً. ويقول المسؤولون الإسرائيليون أيضاً إن إسرائيل حصلت على تعهدات شفهية باعتقال عشرة من بين المشتبه فيهم، لكن نتانياهو يسعى الآن إلى الحصول على هذا التعهد كتابة لتقديمه إلى مجلس وزرائه. وصرح ناطق باسم السلطة الفلسطينية أمس بأن ما يتذرع به رئيس الحكومة الإسرائيلية عن عدم اكتمال الخطة الأمنية الفلسطينية، ليس سوى محاولة للتملص من تنفيذ اتفاق "واي ريفر"، وتطبيق التبادلية المنصوص عليها في الاتفاق في ما يتعلق بالالتزامات الأمنية التي تعهد بها الجانبان. وللتغطية كذلك على قيام الحكومة الإسرائيلية باجراءات أحادية الجانب، كما جرى في الاستيطان في القدس والتهرب من احترام مواعيد التنفيذ. وأكد الناطق الرسمي الفلسطيني أن الخطة الأمنية الفلسطينية متكاملة ويعرف الجانب الأميركي هذا تماماً، والسلطة أوفت بجميع التزاماتها كاملة بما ينطبق مع اتفاق "واي ريفر" وينسجم مع المصالح الوطنية الفلسطينية العليا والقانون الفلسطيني وحقوق الإنسان ومبدأ التبادلية التي اتفق عليها. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات، في إشارة قاطعة إلى رفض الفلسطينيين الاستجابة لمناورات رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن نتانياهو يحاول احراج السلطة والتحريض عليها عندما يقول "إذا لم تفعل كذا وكذا، لن تحصل على كذا". وأضاف: "لكننا نقول له اننا لا نتلقى التعليمات منه، ونطالبه بنشر النص الانكليزي الأصلي للاتفاق، ليكتشف الشعب الإسرائيلي حجم التشويه والأكاذيب التي يدعيها نتانياهو". وطالب الإدارة الأميركية بالتدخل فوراً لوضع حد لهذه التصرفات، معتبراً ان عدم تدخل الإدارة الآن يعني "اننا سندخل مجدداً في دوامة المسائل الاجرائية وبذلك يكون الاتفاق فقد صدقيته". وكان أعضاء في الكنيست الإسرائيلية البرلمان اتهموا حكومة نتانياهو بخداعهم وإهانة ذكائهم من خلال تشويه النص الأصلي للاتفاق، عبر الترجمة العبرية التي عرضتها الحكومة. واتهم هؤلاء الحكومة خصوصاً بالسعي إلى اعطائهم معلومات خاطئة، تختلف في نقاط عدة عن النسخة الأصلية من الاتفاق باللغة الانكليزية. وقال النائب دان ميريدور عن تكتل "ليكود" إن الحكومة تتصرف بطريقة احتيالية بادعائها أنها حصلت في مذكرة واي ريفر على أمور لم تحصل عليها في الحقيقة. واعتبر الترجمة العبرية التي قدمتها الحكومة "خادعة". كذلك قال حاييم رامون، من حزب "العمال" المعارض، "انهم أعطونا وثيقة تعتبر إهانة لذكائنا"، فيما رأى يوسي بيلين، أحد مهندسي اتفاق أوسلو العام 1993، ان الترجمة الإسرائيلية "تدعي ان المجلس الوطني الفلسطيني سيجتمع لإلغاء الميثاق الفلسطيني، في حين أن النص الانكليزي ليس بهذا الوضوح". وأشار أيضاً إلى أن النص العبري يتحدث عن خفض عدد الشرطة الفلسطينية، في حين ان النص الأصلي يكتفي بالقول إن الفلسطينيين سيطلعون الإسرائيليين على أعداد الشرطة الفلسطينية. ودعا نواب إسرائيليون أمس رئيس الحكومة، وسكرتيرها داني نافيه، عقد جلسة مشتركة معهم للبحث في هذه المسألة، والوقوف على حقيقة النص الرسمي للاتفاق. وأعلن بعد ظهر أمس عن تدخل أميركي لحل العقدة الأخيرة أمام تنفيذ الاتفاق. وذكرت الاذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية في هذا الصدد ان وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت اتصلت هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي. لكنها نقلت عنه تمسكه بموقفه واشتراطه عقد المجلس الوزاري بعد الحصول على التعهد الخطي من السلطة، لأنه لا يستطيع ان يعرض على حكومته اتفاقاً منقوصاً. ويبدو أن مسلسل التعقيدات أمام تنفيذ الاتفاق لن يتوقف على تجاوز عقدة التعهد الخطي، إذ كرر عريقات أمس أن الجانب الإسرائيلي يظهر مماطلة أخرى في تنفيذ الشق المتعلق بفتح المطار. وقال: "إنهم يقايضون الآن فتح المطار بموافقة الجانب الفلسطيني على شطب الممر الآمن الشمالي الذي يربط غزة برام الله". وأكد العميد فايز زيدان مسؤول ملف المطار في السلطة الفلسطينية بدوره ان الاجتماع الذي عقدته لجنة المطار أول من أمس لم ينتج عنه أي التزام إسرائيلي بموعد افتتاح المطار الذي كان مقرراً أن يبدأ تشغيله اليوم حسب الاتفاق.