يستمد المعرض المتجول ل"مختارات من الفن التشكيلي السعودي" - الذي بدأ جولته الواسعة في عواصم العالم بعرضه الذي اقيم اخيراً في القاهرة مركز الهناجر للفنون اهميته الأبرز من اشتماله على خصوصيات الفن التشكيلي السعودي الحديث، حيث يبرز مجموعة علائق متباينة تجمع ما ضمه المعرض من لوحات واعمال اكثر من 39 فناناً معاصراً في مختلف مجالات التشكيل، من نحت وتجسيم وتشكيل وتركيب، بغيرها من مدارس التشكيل على المستوى العربي والعالمي. ايضاً نستطيع التأكيد على ان هذا المعرض الذي قدم اكثر من 50 عملاً قد استطاع تقديم التعريف الكامل لما تحياه المملكة العربية السعودية اليوم من نهضة فنية هائلة في مجال التشكيل المعاصر او الحديث، محققاً بذلك الاهداف الثمانية التي اقيم من اجلها، وهي الاهداف التي كانت على النحو التالي: تقديم اعمال الفنانين السعوديين بأسلوب فني معاصر، من خلال أعمال التي أنجزتها مجموعة من الفنانين والفنانات، وهي تهدف الى إبراز هوية الفن السعودي بصفة خاصة، التعريف بأعمال الفنانين السعوديين وتوصيلها الى آفاق رحبة، التعريف باتجاهاتهم وأساليبهم الفنية امام الرأي العام المحلي والعالمي، إبراز كيفية معالجة الفنان السعودي من خلال اعماله الفنية لأهم وابرز الظواهر والمعالم التراثية والاجتماعية والتاريخية والانسانية بأسلوب فني معاصر، إثبات ان هذه الاعمال الفنية صورة حضارية للمملكة في كل الميادين عبر الخطوط والألوان، التعريف بأن الفن لغة حضارية لبناء جسور المودة والألفة والمحبة بين الشعوب، ومساهمة في ترجمة مشاعر الانسانية، ومعالجة قضاياها بأسلوب شامل وبناء لأجل السلام وسعادة الانسان في كل مكان. هذه الشروط جميعها تحققت في اكثر من خمسين عملاً تشكيلياً لأكثر من 35 فناناً - بينهم 8 فنانات - وتنوعت في المعرض الاساليب والمدارس والاتجاهات الفنية، وإن ابتعدت جميع الاعمال عن التجسيد الفوتوغرافي للجسد البشري، كما صورته فنون عصر النهضة في اوروبا. فالفنان عبدالله الشيخ يشترك في المعرض في عملين تصويريين، الاول: عنوانه "رؤية معاصرة"، والثاني: بعنوان "اماكن في الذاكرة" وقد تعامل من خلالهما مع تيمة التجريد التعبيري، ففي العمل الاول ترتاح العين برهافة مع اللون الأخضر ذي الدرجات اللونية المتعددة، لتصعد بنا هذه المتوالية اللونية الى اعلى يمين اللوحة وتزهر في العين بعض نخلات تشمخ امام دائرة شمسية حمراء مؤطرة بدائرة سوداء اللون. كل هذه الجرعة اللونية تنهض وراءها خلفية صفراء مخضرة، وهو ما صنع نسيجاً متماسكاً ومريحاً للعين في الوقت ذاته. اما الرسامة شادية عالم فتقدم عملين يستنفران في المشاهد مدارك جدية، ربما لم تكن مطروقة قبلاً، فاللوحة الاولى والتي تجيئ بعنوان "آلجونة" تستعصم بالتجسيد المموه للتشريح الإنساني الاكاديمي، ومن ثم تلجأ الفنانة الى طمس معالم الابعاد المعروفة تشكيلياً، وهو ما يلقيها - للوهلة الاولى - تحت سطوة خطوط "بيكاسو" الشهيرة، لكن ذلك يتبدد مع انسيابية الجسد المستريح للمرأة في اللوحة، خاصة اتكاءتها المتعبة على كتفها الايمن، وإضمامة أصابع اليدين في قلق واضح وصريح. ويبقى للعين عدم اكتمال ملامح الوجه من جانبها الأيسر كنوع من أقنعة الاختفاء المتعمد، والذي يؤكده غطاء رأسها المرتفع في صراحة لا نملك لها تكذيباً ولا نفياً، ويهرب بها ايضا من الوقوع في التجسيد الاكاديمي الصريح. علي الطخيس أيضاً واحد من الفنانين الخمسة الذين شاركوا في معرض مختارات من الفن التشكيلي السعودي بمجسماتهم النحتية، وهم: حلوة العطوي ونبيل نجدي وسعد السمعري وزهير مليباري وعلي الطخيس الذي يشارك بعمل واحد بعنوان "الفراغ" والذي نحت في شكل بيضاوي غير مكتمل تتوسطه دائرة غير مكتملة هندسياً. ويظل لشروخ الحجر الرمادي ايقاع زمني متفاوت، تفلت منه العين مرة، لتقع في حبائله مرات ومرات، في فراغ دائم ومستمر يؤكده عنوان العمل وهو: "الفراغ". رؤى تشكيلية اخرى ضمها معرض "مختارات من الفن التشكيلي السعودي" لكل من الفنانين والفنانات: فؤاد مغربل، د. محمد الرصيص، عبدالله حماس، طه صبان، عبدالحليم رضوى، مهدي الجريبي، محمد السليم، ناصر الموسي، صالح خطاب، اعتدال عطيوي، فهدة بنت سعود، بكر شيخون، عبدالرحمن السليمان، محمد سيام، عثمان الخزيم، نايل ملا، مفرح عسيري، فاطمة وارس، خالد قاروت، رضا وارس، ابراهيم الزيكان، خالد العبدان، هدى العمر، عبدالعزيز الناجم، خالد الصوينع، فهد الحجيلان، محمد العمير، صالح النقيدان، حميدة السنان، بدرية الناصر، سمير الدهام، وأخيراً فهد الربيق