ربما تكون الحملة الدعائية التي "شنها" الدكتور عارف دليلة هي الاقل كلفة من الناحية المادية والاكثر جدية في التعامل مع العملية الانتخابية مما يجعله يتفق في هذا الشأن مع الصناعي رياض سيف. ولم يدفع الى الآن سوى 190 دولاراً هي كلفة اجور طبع 25 الف بيان انتخابي في مقابل ارتفاع كلفة حملات بعض المرشحين الى نصف مليون دولار اميركي صرفت اساساً على تعليق نحو 30 الف لافتة في دمشق وولائم وحلويات ومضافات وحملات اعلانية في الصحف يتركز معظمها على ذكر اسم المرشح وليس بيانه ومشروعه. ويمكن استثناء الصناعي سيف الذي قلّد الطريقة الكويتية وحوّل مضافته الى "ديوانية سورية" خصص امسياتها لمناقشة بعض المواضيع الاقتصادية مثل الموارد البشرية والموارد المادية والصناعة. ويربط عدد من الناخبين بين سيف ودليلة وكأن الثاني هو "الوجه الاكاديمي للاول". وفيما رشح الصناعي سيف نفسه بعد فوزه في الدورين السابقين، قرر عميد كلية الاقتصاد ترشيح نفسه عن دائرة دمشق ليضاف اسمه الى اكثر من سبعة الاف مرشح هم اجمالي عدد المرشحين، بمن فيهم مرشحو الاحزاب السياسية المنضوية تحت لواء "الجبهة الوطنية التقدمية". ولم يصدر الى الان رقم رسمي عن اجمالي العدد بعد انسحاب المرشحين الذين لم تخترهم احزابهم الى الانتخابات، علماً ان النظام يلزم اي مرشح حزبي بالانسحاب في حال لم يتم اختياره. وسيف ودليلة هما اثنان من المرشحين المستقلين الذين يتنافسون على 13 مقعداً مخصصة للمستقلين في دائرة دمشق التي حجز ممثلو احزاب "الجبهة الوطنية" 16 من مقاعدها من اصل 250 مقعداً هي مقاعد مجلس الشعب البرلمان السوري. وعنون الصناعي بيانه بكلام الرئيس حافظ الاسد :"لا شيء اهم وابقى من ارادة الانسان في التغيير وصولاً الى اهداف الامة"، ليتحدث عن التغييرات الدولية التي حصلت في العام 1990 وانتهاء "الحرب الباردة وسيطرة اقتصاد السوق" وصولاً الى "عصر العولمة الذي تتلاشى فيه الحدود الجمركية". ولا يختلف بيانه كثيراً عن الافكار التي كان يطرحها في الدورين التشريعيين الاخيريين، خصوصاً مايتعلق بپ"قصور بعض الانظمة والقوانين عن توفير البيئة المناسبة للاستثمار" و"ازالة العقبات امام القطاع العام وليس الخصخصة" و"مساهمة القطاع الخاص في التخفيف من معاناة المعاقين رغم الاهتمام الذي لاقوه بعد قيام الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس الاسد"، وانتهاء بمطالبة سيف بپ"نزاهة القضاء وقدسيتيه لانه لا مجال للتساهل فيها". ويشكل المحور الاخير نقطة انطلاق للدكتور دليلة الذي يقول في احدى لافتاته :"الاصلاح التشريعي والاقتصادي المهمة الملحة لمجلس الشعب المقبل"، فيما يقول في ثانية "ان حرية التعبير والنشر حق مصان في الدستور" وفي ثالثة :"سورية بيت مشترك لجميع المواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات". وكان وافق على تعليق مئة لافتة في الشوارع "كي يعرفني الناس ولانني لا املك عشرين مليون ليرة سورية 400 الف دولار كي اعلق اكثر" مع انه بدأ بيانه الانتخابي "مستغنياً بمخاطبة العقل عن نشر الصور واللافتات ونحر الاضاحي" كما فعل آخرون. ويعمل الدكتور دليلة خبيراً اقتصادياً مستقلاً بعد انتهاء عمله كعميد لكلية الاقتصاد ومدرس فيها وموظف في وزارة التموين. والتزاماً منه بالقانون سلم ثلاث نسخ من بيانه الانتخابي ذي النقاط العشر الى محافظة دمشق قبل ان يطبع 25 الف نسخة منه. وينطلق فيه من "اصلاح النظام الانتخابي" و"الارتقاء بالوظيفة التشريعية" للبرلمان. ثم يطالب باجراء "اصلاح السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية" للمساهمة في "اعادة الكثير من الموارد المهجّرة" وب "اصلاح القطاع العام والقطاع الخاص واقتصاد السوق" لان "سوقنا لا تعرف المنافسة الخلاقة". ويختتم بيانه بالدعوة الى "العمل على تحقيق التضامن العربي الواسع الفعال على اساس من الالتزام بالدفاع عن القضايا المصيرية المشتركة للامة العربية كالامن القومي" من دون ان ينسى ان يطالب ب "وقف جميع اشكال التطبيع مع اسرائىل دعماً لمطلب السلام العادل والشامل الذي لا تفريط فيه بأي حق من الحقوق العربية" بحيث يعكس دليلة في ذلك الموقف الرسمي الشعبي للسوريين من موضوع السلام مع اسرائىل