واصل الناخبون السوريون الإدلاء بأصواتهم امس لانتخاب أعضاء مجلس الشعب وسط مقاطعة قوى المعارضة في الداخل والخارج وإجراءات أمنية مشددة، وذلك بالتزامن مع مقتل ثلاثة مدنيين في دير الزور. وأظهرت اللقطات التلفزيونية الناخبين وقد اصطفوا أمام مراكز الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولى. في غضون ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل ثلاثة مدنيين امس بنيران القوات النظامية في محافظة دير الزور، وأوضح أنهم كانوا متوارين عن الأنظار ولقوا حتفهم إثر كمين نصبته لهم القوات النظامية بالتعاون مع موالين للنظام. وأكد شهود عيان وجود انتشار أمني كبير من الجيش والشرطة، وأوضح شاهد من دمشق أنه تم نشر أكثر من مئة نقطة تفتيش في مناطق داخل العاصمة وبالقرب من مراكز الاقتراع. وكان انفجاران قد هزا العاصمة وريف دمشق السبت. ووفقا لوكالة الأنباء السورية "سانا"، يحق لأكثر من 14 مليونا الإدلاء بأصواتهم لاختيار 250 نائبا من بين 7195 مرشحا بينهم 710 سيدات، في 12152 مركزا انتخابيا في مختلف أنحاء سوريا. وأضافت أن 200 وسيلة إعلامية تقوم بتغطية الانتخابات التي تجري في ظل الدستور الجديد للبلاد الذي أقر في شباط/فبراير الماضي. وينتخب مجلس الشعب كل أربع سنوات بشكل مباشر ويبلغ عدد أعضائه 250 عضوا بينهم 127 عضوا يمثلون العمال والفلاحين و123 يمثلون باقي فئات الشعب في 15 دائرة انتخابية. وأضافت سانا: "وتشارك الأحزاب والكتل والقوى السياسية والمستقلون ترشيحا واقتراعا في الانتخاب بقوائم وتحالفات حزبية وسياسية ومستقلة وبشكل فردي تحت إشراف قضائي مستقل يضمن النزاهة والحرية والديمقراطية للناخبين في اختيار ممثليهم لمجلس الشعب القادم وفقا لقانون الانتخابات العامة في وقت تشهد فيه البلاد إصلاحات حقيقية وجوهرية شملت مختلف مناحي حياة المجتمع السوري توجت بإقرار دستور جديد للبلاد". وشهدت عملية التصويت إقبالا متواضعا وسط مقاطعة قوى المعارضة في الداخل والخارج وإجراءات أمنية مشددة. وقال خالد، حسبما عرف عن اسمه، إنه شارك في هذه العملية الانتخابية حرصا منه على المشاركة في "عمل وطني"، كما وصفه. وأضاف خالد: "أريد المشاركة في الانتخابات رغبة مني في أن يكون هناك سلم أهلي". من جانبه أكد عمر أنه سينتخب "لا أحد"، وأضاف "أعتقد أن نتائج الانتخابات في جزئها الأكبر تبدو معروفة، فالمنافسة الديمقراطية الحقيقية أعتقد أننا لم نصل إليها بعد". وتابع عمر "أنا أجد صعوبة في الحصول على أي من البرامج الانتخابية للمرشحين، فالمرشحون وضعوا شعارات ولم يضعوا برامج انتخابية، وهذا لا يشجعني على اختيار أي منهم". وبالمقابل ترى نورا أن مقاطعة الانتخابات واجب على كل سوري يريد التغيير، وقالت:"أتيت إلى مركز الانتخابات لأتأكد بنفسي من ضعف إقبال الناس على المشاركة. أنا مع التغيير السلمي وضد العنف". ناخبة سورية تتجه إلى مركز اقتراع وسط «إغراءات» وكلاء المرشحين (ا ف ب) وتحدث بعض الأشخاص عن ممارسة عدد من وكلاء المرشحين لنوع من الإحراج والضغط المعنوي على الناخبين عندما يأتون لزيارة المراكز ويطلبون منهم انتخاب مرشحيهم، ملمحين إلى إمكانية "تكريم" الناخب الذي يختار مرشحيهم دون أن يوضحوا ما هو المقصود بكلمة "التكريم". وتحدث بعض الطلاب الجامعيين عن أن بعض المرشحين يقدمون مساعدات مالية للطلاب الذين يختارونهم، وأشاروا إلى أن هذه المساعدات تتراوح بين ألف إلى خمسة آلاف ليرة سورية (الدولار يساوي اقل من 70 ليرة سورية). وتؤكد السلطات السورية أنها وضعت كل المستلزمات التي تحقق سير العملية الانتخابية "بشفافية وديمقراطية"، وتضيف أن لجنة الانتخابات لجنة قضائية مستقلة. وكانت بعض أطياف المعارضة في الداخل أعلنت مقاطعتها للانتخابات على خلفية الأزمة الراهنة فيما شاركت قوى من معارضة الداخل بمرشحين عنها في هذه الانتخابات خاصة الأحزاب السياسية المرخصة حديثا وهي تسعة أحزاب. ويرى قدري جميل الأمين العام لحزب الإرادة الشعبية السوري إنه من "الممكن أن نصل إلى نظام تعددي خطوة خطوة وليس من الضرورة أن نصل له بشكل فوري"، مشددا على أن "النظام الانتخابي الحالي غير عادل ولا يعطي المتنافسين في الانتخابات النيابية الحظوظ نفسها". وأشار جميل إلى أن هذا القانون "يعطي الأفضلية إلى المدعومين من الدولة"، معتبرا أن "غير المدعوم من جهات الدولة حظوظه قليلة في النجاح"، حسب تصريحه لوسائل إعلامية. من جانبه دعا المجلس الوطني السوري المعارض السوريين الى الإضراب والتظاهر أمس في الوقت الذي تجري فيه الانتخابات التشريعية في البلاد، واصفا هذه الانتخابات بأنها "مسرحية تستهين بدماء آلاف الشهداء". وقال المجلس في بيان "إننا ندعو السوريين للإضراب او التظاهر في ساعات الانتخاب للتعبير عن رفضهم لهذه المسرحية". واضاف البيان "بصفاقة قل نظيرها، يدعو النظام السوري لاجراء انتخابات لمجلس الشعب على وقع الرصاص والقذائف من كل نوع وجرائم الابادة والعقوبات الجماعية". واعتبر البيان ان اجراء هذه الانتخابات "يستهين بدماء آلاف الشهداء السوريين" ويدل على "استهتار نظام الاسد بالمبادرة الدولية العربية". واضاف البيان "لقد أقسم ملايين السوريين منذ أكثر من سنة أنهم يريدون إسقاط النظام القاتل وهم بالتأكيد ينظرون بكثير من الاستخفاف لدعوتهم لتجديد شرعية النظام عبر انتخابات هزلية". وفتحت مراكز الاقتراع ابوابها امس في سوريا عند الساعة السابعة صباحا (4,00 تغ) لاجراء اول انتخابات "تعددية" منذ خمسة عقود والتي يتم تنظيمها في ظل اجواء من العنف ووصفتها المعارضة ب"المهزلة".