بعد جلسة القسم، انتقل الرئيس إميل لحود الى قصر بعبدا ليتسلم مهامه من سلفه الرئيس الياس الهراوي. فوصل اليه في الاولى الا عشر دقائق، واستقبله مدير المراسم في الرئاسة السفير مارون حيمري، وعزفت الموسىقى النشيد اللبناني، واستعرض لحود كتيبة من الحرس الجمهوري، يرافقه قائد لواء الحرس الجمهوري العقيد مصطفى حمدان. وعند مدخل القصر استقبل الهراوي لحود وتعانقا ثم دخلا تحت السيوف التي رفعتها ثلة من الحرس الجمهوري الى صالون 22 تشرين الثاني نوفمبر. وبعد استراحة قصيرة، ارتجل الهراوي الكلمة الآتية: "السيد الرئيس استعملتم هذه الكلمة عندما خاطبتم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهذا القرار اتخذ في مجلس الوزراء لنتخلص من الالقاب العثمانية. ويعود اليك العودة عنه او الاستمرار فيه. ليس المجال لإطالة الكلام على ما حققناه وحققتموه اذ كنا رفيقين من اول الدرب وكنا في حال محنة وأذكر اول جلسة كنت واياكم وتسلمتم المرسوم بتعيينكم على وريقة بيضاء ولم يكن لدينا آلة كاتبة. السيد الرئيس: ما وعدتم به اثلج قلوب المواطنين الاعزاء. نعم ليس لديكم العصا السحرية لكن لديكم الارادة. تفضلتم بها في خطابكم ملبية لطموحات المواطنين اللبنانيين. وبموجب المادة ال53 من الدستور التي تخولكم تعليق الاوسمة للبنانيين اتمنى ان استعملها وأمنحكم الوسام الاكبر الذي يستحقه رئيس الجمهورية لأنني لم اتمتع بهذه النعمة. اعطيت علبة واستعملتها في ما بعد. قدركم الله بما تتسلموه اليوم، بعد ثمانية وعشرين عاماً نسي اللبنانيون كيف يكون التسليم والتسلم. اليوم هو منعة ودعم للبنان، وهما ما سيعطيانكم القوة، انتم والمسؤولون الذين سيحيطون بكم. وثمة غصة اترك بها الرئاسة، ليس لأنني لم اعد رئيساً، بل لأنني كنت اتمنى عودة كل المهجرين وتحرير الجنوب والجولان". وختم "بكل فخر واعتزاز اهنئكم بمقعد الرئاسة. قدركم الله ونحن الى جانبكم لتحمل هذه المسؤولية الشاقة وقدركم على تحمل الشعب وطلباته". ثم علق الهراوي وسام الاستحقاق اللبناني من الرتبة الاستثنائية على صدر لحود وتعانقا ثم جلسا لالتقاط الصور التذكارية. بعد ذلك عقد لحود والهراوي اجتماعاً في مكتب رئيس الجمهورية استمر قرابة ربع ساعة، ثم توجها تحت السيوف المرفوعة الى مدخل القصر حيث صافح لحود سلفه مودعاً، ثم ركب الهراوي سيارته الخاصة الى منزله في اليرزة، حيث كان في استقباله الوزراء فارس بويز وشوقي فاخوري وميشال إده والياس حنا. أما لحود، ففي اول عمل قام به بعد تسلمه مهامه، شكر، في بيان، الرئيس رفيق الحريري وحكومته، وطلب منها الاستمرار في تصريف الاعمال ريثما تشكل حكومة جديدة. وتلقى برقيات عدة من رؤساء عدد من الدول كان اولهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي جدد تهنئته له وتمنياته بالنجاح. وأضاف "أعي تماماً وفرة التحديات التي تواجهكم في بداية عهدكم وخصوصاً ما يتعلق بإعادة بناء الدولة والمؤسسات والاصلاح الاداري واشراك اللبنانيين كافة في الحياة العامة ومتابعة عملية اعادة البناء الاقتصادية التي بدأت سابقاً". وأضاف "لإتمام هذه المهمة على اكمل وجه، انتم تتمتعون بثقة الشعب اللبناني واحترامه ونحن نعلم مزاياكم الشخصية العالية من خلال بنائكم الجيش اللبناني". وأشار الى ان الرسالة التي وجهها الى "مواطنيكم يوم انتخابكم، رسمت في وضوح خطوط عملكم الاساسية". وأكد "اخلاص فرنسا الدائم لعلاقات الصداقة التي تربطها بوطنكم وستدعمكم ابداً لأن نجاحكم يعني نجاح لبنان". وأوضح ان "فرنسا مستمرة في تعليق اهمية اساسية على استقلال الجمهورية اللبنانية وسيادتها وسلامة اراضيها". وجدد دعوته لحود الى "زيارة دولة لفرنسا مطلع العام المقبل"، متمنياً ان "تكون اقامتكم في باريس مناسبة لإعطاء التعاون المشترك بين بلدينا دفعاً جديداً في شكل يتناسب وطموحاتنا المشتركة الهادفة الى اقامة علاقات فرنسية - لبنانية تكون بمثابة مرجع للشرق ومثالاً له". وتلقى لحود برقية من الرئيس السوري حافظ الاسد قال فيها "اعبر لكم عن تهاني القلبية بالثقة التي اولاكم اياها المجلس النيابي بعدما نلتم ثقة الشعب بغالبية ساحقة في استطلاعات الرأي، لما عرفه عنكم ولمسه فيكم الجميع من صفات حميدة خلال حياتكم الخاصة وتوليكم قيادة الجيش. وانني على يقين انكم بالارادة الوطنية وبتعاون المخلصين معكم ستحققون الآمال المعقودة على عهدكم في رئاسة الجمهورية، ليكون عهد انجازات جديدة وتعزيز للوحدة الوطنية ونضال لتحرير الارض اللبنانية التي تحتلها اسرائيل، وترسيخ لعلاقات الاخوة بين بلدينا. واذ اتمنى لكم موفور الصحة والسعادة والتوفيق في مسؤولياتكم المقبلة، اؤكد ان سورية ستظل الشقيقة الوفية للبنان الحريصة على ترسيخ الاخوة والتعاون والتنسيق والعمل لما فيه خير شعبنا في البلدين الشقيقين واستعادة الاراضي المحتلة". إلى ذلك لوحظ ان حركة السير في معظم المدن اللبنانية كانت خفيفة لانشغال المواطنين بمتابعة جلسة القسم اضافة الى احيائهم احتفالات شعبية في المناسبة واطلاق اسهم نارية وخصوصاً في مسقط لحود بلدة بعبدات. ومن الذين تابعوا وقائع الجلسة تلفزيونياً البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في الصرح البطريرك مع زواره ومنهم رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون الذي وصف خطاب لحود ب"المهم جداً خصوصاً لجهة بناء دولة القانون والعدالة". وأبدى اعجابه "ببعض مما سمعه فيه وعدم اعجابه بالبعض الآخر"