أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية الياس الهراوي في رسالة الى "اللبنانيين الاحباء" عشية انتهاء ولايته الدستورية اليوم، انه يغادر الرئاسة "مرتاح الضمير"، داعياً الى دعم خلفه الرئيس اميل لحود الذي سيتسلم مهامه اليوم. وقال "عاهدت الله وعاهدتكم على انتشال لبنان من الضياع. انا فخور بما أنجزنا جميعاً ومعاً، وآسف لما لم استطع انجازه. دعوتكم الى الوحدة والتوافق، فمنكم من لبّى، ومنكم من تخلف، وانا سعيد بأن أرى اكثر المتخلفين يلحقون بركاب الدولة". وشكر "المجالس النيابية التي حملت معي وزر هذه الحقبة من تاريخنا، والحكومات المتعاقبة التي تعاونت معي، وكل المسؤولين في مؤسسات الدولة واداراتها وأجهزتها واللبنانيين جميعاً لتجاوبهم ومبادراتهم لانجاح مسيرة الأمن والنهوض". واضاف "عليكم راهنت ولكم عملت. غداً أعود الى صفوف المواطنين واضعاً نفسي دوماً في خدمة وطني. أعود مرتاح الضمير، وملء قلبي تعمر الثقة بأصالة اللبنانيين وبكبر لبنان. غصة واحدة بقيت تحزّ في نفسي هي غصة الارض المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي، وغصة الأهل المكتوين بالاحتلال الاسرائيلي والاعتداءات الاسرائىلية. صدّقوني لم نترك باباً الا طرقناه. ورفعنا قضيتنا الى أعلى المحافل الدولية والى كل العالم. لكن الموجع اننا نحمل قوة الحق في عصر مأخوذ بحق القوة. والتاريخ يسجل اننا كنا الأوفى لقضيتنا المشروعة والكرامة العربية، وأنا واثق بانتصارنا. فكونوا صفاً واحداً وراء الرئيس العماد إميل لحود من اجل متابعة الطريق الى استعادة سيادتنا حتى آخر شبر من حدودنا المعترف بها دولياً". وختم "كان قدري ان أتسلّم وطناً من الماضي، واسلم وطناً يمشي الى المستقبل، وأتسلم وطناً كان كثيرون يكفرون ببقائه، واسلم وطنا عاد الى نفسه والى اشقائه والعالم، وأتسلّم وطناً دولته منهارة ومبعثرة واسلم وطناً دولته واحدة. بين التشكي أو الانتقاد، اخترت المبادرة والقرار. وأؤكد ان الانتقال من عقلية الحرب الى عقلية السلام الوطني يكتمل بعمل الجميع على بناء ثقافة السلام الوطني فلا تقبلوا الا بتطبيق الدستور والقوانين. فيا أيها اللبنانيون، يا من حملت عنكم لأحمل اليكم الهناء، معكم سأبقى من اجل لبنان". وتلقى الهراوي امس مزيداً من برقيات التهنئة بعيد الاستقلال، ونقل اليه السفير الفرنسي في لبنان دانيال جوانو رسالة من الرئيس جاك شيراك لمناسبة انتهاء ولايته، جاء فيها "في وقت تغادرون رئاسة الجمهورية يسرني ان اهنئكم بالانجازات التي حققتموها خلال ولايتكم. تبوأتم سدة المسؤولية في ظروف مأسوية حين كان القتال الذي مزق لبنان خلال خمسة عشر عاماً لا يزال مستفحلاً، لكنكم جهدتم مع الحكومات المتوالية على استرجاع المؤسسات واعادة بناء الاقتصاد. واليوم يعيش لبنان حقبة الوفاق الوطني والديموقراطية وعاد يؤدي دوره على الساحتين الاقليمية والدولية. انني مرتاح ايضاً الى نمو العلاقات بين فرنساولبنان وأدت زيارتاكم الرسميتان لفرنسا عامي 1991 و1995، وزيارتاي لبيروت عامي 1996 و1998، الى اعطاء الدفع السياسي لتعاوننا والى تحقيق مشاريع مهمة". والتقى رئيس الجمهورية الوزير وليد جنبلاط الذي اصطحب ابنته داليا، واكتفى بالقول "انها زيارة وداعية للرئيس الهراوي". ثم زار بعد الظهر الرئيس لحود في مقر اقامته في الحمام العسكري، مترجماً بذلك ما كان أعلنه عن استعداده للتعاون مع العهد الجديد. وكان جنبلاط شدد، في كلمة في الباروك اثناء زيارة عضو الهيئة الروحية الدرزية الشيخ أبو حسن عارف حلاوي، على "وحدة الصف والكلمة والابتعاد عن اثارة الحساسيات الطائفية والعائلية من اجل التفرغ لمواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة المقبلة، على ما يبدو، على خضات كبيرة". وطالب بعودة المهجرين "لتحصين العيش المشترك، وبإحقاق الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وصولاً الى نظام غير طائفي". وأعلن ان تحفظه عن انتخاب لحود "تحفظ بالمعنى الديموقراطي لا اكثر" مكرراً المطالبة بابتعاد الجيش عن السياسة "وهذا ما ورد في أمر اليوم للعسكريين". وانتقد "الزحف الديني الى اليرزة الذي يسيء الى العمامة البيضاء التي تمثل العقل والحكمة". وقال "انا على استعداد لفتح صفحة جديدة مع العماد لحود، والتعاون معه اذا كان هو يريد التعاون مع الشرفاء من الدروز بعيداً من سياسة التقسيم التي اتبعها غيره داخل الصف الدرزي وغيره". الى ذلك، اعلن رئيس الحكومة رفيق الحريري ان الاستشارات النيابية التي سيجريها لحود لتسمية رئيس الحكومة الجديدة ستبدأ بعد غد الخميس. وأوضح في دردشة مع الصحافيين في السرايا الكبيرة انه سيزور غداً الاربعاء القصر الجمهوري للقاء الرئيس الجديد. ونقل نواب زاروا الحريري عنه امس ارتياحه التام الى الاجواء السائدة خصوصاً ان الامور تسير وفق اللازم. وتوقع بعضهم ان يسمى الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة. وأشار البعض الآخر الى ان "الوزراء الجدد سيتمتعون بالكفاية ونظافة الكف ولا تكون عليهم ملاحظات، وان الحكومة ستكون مختلفة عن سابقاتها". ورأى البعض الثالث انها "ستكون امتحاناً للعهد". وأمس جال النائبان الاميركيان من اصل لبنان راي لحود ونك رحال، اللذان سيحضران اليوم جلسة القسم، على الرئيس لحود والرئيس الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. ولاحظا "تقدماً مذهلاً شهده لبنان في السنوات الثلاث الاخيرة"، مشيرين الى ثلاثة امور اسهمت فيه هي زيارات وزيري الخارجية والتجارة الاميركيين مادلين أولبرايت ووليم دايلي والبابا يوحنا بولس الثاني للبنان، وكشفا عن زيارة قريبة لوزيرة الخدمات الاجتماعية الاميركية اللبنانية الاصل دونا شلالا له قريباً. ووصفا المشاركة في جلسة القسم بأنها "تعكس مزيداً من التأكيد على العلاقات الجيدة بين لبنان والولايات المتحدة"، لافتين الى ان لدى الكونغرس "نية طيبة حيال لبنان خصوصاً في عهد الرئيس لحود الذي كانت له دوماً علاقات جيدة مع ادارتنا وبلادنا، وتعتمد على ذلك لتقديم المزيد من الدعم". وفي المواقف، اعلن النائب محمد عبدالحميد بيضون بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير لوضعه في نتائج مؤتمر "حركة أمل" وخصوصاً انطلاقها الى خارج الطائفة الشيعية، "اننا نتشارك في التفاؤل بالعهد المقبل الذي نأمل منه ان يخفف من الممارسات الطائفية وينطلق الى ممارسة سياسة وطنية"، مشيداً بالرئيس لحود. ولمناسبة يوم الاستقلال أقامت السفارة اللبنانية في جنوب أفريقيا احتفالاً حاشداً حضره الى القائم بأعمالها شربل اسطفان، وزير الخارجية ألفرد نزو ورئيس الجالية اللبنانية جون حداد ورئيس الرسالة المارونية الاب مروان تابت. ونوّه اسطفان بانجازات عهد الهراوي، معبّراً عن ثقته بتحقيق آمال اللبنانيين في عهد لحود. كذلك أقام السفير اللبناني في عمان وليم حبيب استقبالاً للمناسبة حضره جمع من الشخصيات الاردنية وتقدّمه الامير رعد بن زيد كبير أمناء العرش