العلاقة اللبنانية - السورية نموذج لجدلية اللقاء والافتراق. وقد أضفت حرب لبنان الطويلة وسلامه البادئ مع "الطائف" على العلاقة بعض الحذر والشكوك، كما أناطت بمؤسسات البلدين مهمات تتعدى السياسة والأمن إلى الاقتصاد والاجتماع لوضع العلاقة في مشهد الوضوح والحرية. في "الضفة" السورية التقت "الحياة" شخصيات في مجالات متنوعة لتجيب عن السؤال: "ما تأثير العلاقة اللبنانية - السورية في المجتمع السوري اليوم؟ وكيف تقوّم هذه العلاقة من موقعك المهني والفكري؟". الاستطلاع أعدته في دمشق الزميلة هالا محمد. جدلية في العمق عندما تصطدم في الواقع. لكن المثير انها الاقل جدلية في الممارسة اذ انها تخلو من الجانب التأثيري لخصامها المفرط مع الحوار. كل طرف يتمترس خلف مواقفه المسبقة خائفاً من الحوار. المعارض ينطلق من معارضته والمؤيد يبارك سلفاً كل شيء. وبين هذا وذاك لا يضيع البناء بل ربما تزرع بذور للفرقة، لان الاختلاف صار قاعدة للخصام وليس محرضاً للتفكير البنّاء في الاتجاهين… ذلك لان كل طرف يملك ما يدعم فيه بناء "العلاقات المميزة". هذه الاثارة تكاد تكون مدهشة لدى تلمس مدى الاختلاف الواقع في "النظامين" تحت سقف "العلاقات المميزة". ولعل الاعلام مرآة تعكس القدرة الفائقة على استيعاب نظامي تفكير وممارسة بين "اعلام رسمي ملتزم" و"اعلام خاص مستقل". لكن المقلق ان هذه المرآة تضيع التفاصيل الخاصة لكل مجتمع ول"الشعب الواحد" عبر تركيزها على العناوين العريضة التي لا يختلف أي اثنين في هذا "الشعب الواحد" على صحتها وصوابيتها وضرورة البناء عليها. المواقف المسبقة لپ"الفريق" اللبناني لا تريد ان ترى ان هناك هامشاً واسعاً وجدلاً اصيلاً يقوم به "الاعلام الملتزم". ولانه، بپ"لغة" مختلفة وصادر عن "الشقيق" تحديداً، لا يريد اللبناني رؤيته، ولا حتى ادراك وجوده رغبة في التعويض والتفوق والتميز على "السوري". كما ان "الشقيق الآخر" لا يتعب نفسه احياناً في ملامسة مدى غنى "الالتزام العميق" في الخاص من "الاعلام المستقل"، لان السوري اعتاد ان يجده امراً مفروغاً منه. ما يستدعي الدرس والاعجاب تلك القدرة على "تحمل" اسلوبين متنافرين بل عدائيين سياسياً وايديولوجياً وواقعياً. في لبنان: المبادرة الخاصة موجودة في كل اشكال الحياة. دور محدود للدولة. لا اقتصاد مركزي التخطيط. ودور كبير للقطاع الخاص والاستثمارات الاجنبية. وجدل اقرب ما يكون الى الديموقراطية. و"عادة" ابداء الرأي تجاه اي شيء. في سورية: المبادرة الخاصة بدأت تصير من مفردات الحياة الاقتصادية ولو بتردد وحياء. عقود طويلة من الاقتصاد المركزي التخطيط مع دور اوسع للقطاع الحكومي. شك من مآرب الاستثمارات الاجنبية والعمل في "قطاعات استراتيجية". قدرة فاقة على الانتاج. وإرثٌ قديم من المناقشة البناءة. … انه تنوع يُغني اي علاقة ثنائية تقوم على وحدة في التاريخ والجغرافيا ويربطها مصير واحد، لكن الاهم ان تكون قواعد للبناء… بايمام ومن دون خوف. * صحافي سور