لم تعد مدينة الانتاج مجرد صرح إعلامي تصور فيه الأعمال الفنية، او مجموعة من الاستوديوهات تساهم في حل ازمة الاستوديوهات القديمة التي لم تعد صالحة للتصوير. اصبحت مدينة الانتاج الإعلامي قطعة من قلب هوليود تساهم في صناعة العملية الفنية سواء كانت تلفزيونية أم سينمائية. وكان لنجاح تجربة تصوير الفيلم السينمائي "اضحك.. الصورة تطلع حلوة" كاملاً في استوديوهات المدينة دافعاً للمنتجين والمخرجين لتصوير أعمالهم فيها. وأصبحت بالفعل مدينة أحلام بفضل ما حدث فيها من انجازات، ففي الشهور القلية المقبلة تشهد هذه المدينة وضع اللمسات الاخيرة لأهم حدث إعلامي فني وهو تنفيذ مجمعات التصوير الحديثة، فماذا عن هذه المدينة حالياً بعد ثلاث سنوات من افتتاحها؟ رغم الانجازات التي تمت في المدينة الإعلامية والتي تقع في غرب القاهرة وبالتحديد في مدينة 6 اكتوبر، فإن الايام المقبلة سوف تشهد تنفيذ ثلاثة مجمعات: الاول "مجمع مبارك" ويضم 13 استوديو بما فيها من مخازن الديكورات وغرف الفنانين ومطاعم وكافتيريات ومرائب وغرف ملابس وماكياج. وبدأت مراحل التنفيذ منذ ستة أشهر بخطة عمل مقرر ان تنتهي في كانون الثاني يناير المقبل. كما وضعت إدارة المدينة الإعلامية خطة لتنفيذ "مجمع مبارك" الثاني خلال الفترة نفسها، ويتضمن ثمانية استوديوهات، منها ستة بمساحة 6 آلاف متر مربع مخصصة للأعمال الفنية الضخمة من مسلسلات وافلام سينمائية ثم استوديوهات لتصوير البرامج سواء للتلفزيون المصري او القنوات الفضائية العربية التي بدأت تستأجر بعض اماكن من المدينة لتصوير برامجها. وفي خطة الاستوديوهات الاخيرة ان يكون للانتاج السينمائي الافضلية حيث تجهز هذه الاستوديوهات بالاضاءات، ومن هذه الاستوديوهات استوديو للتصوير السينمائي مزود بكومبيوتر جرافيك، واحدث الاجهزة ووحدات المونتاج، ومقرر الانتهاء منه في نيسان ابريل المقبل، ويعتبر أضخم استوديو سينمائي في الشرق الاوسط، واستوديو آخر ينتهي تنفيذه في وقت قريب وتقوم بتنفيذه قطاعات الهندسة في اتحاد الاذاعة والتلفزيون يخصص للقنوات الفضائية ومنتجي القطاع الخاص. وتبلغ تكفلة الاستوديو الواحد ثلاثة ملايين ونصف المليون جنيه، اي بمعدل 20 مليون جنيه للمجمع الثاني تقريباً. هناك سؤال يطرحه البعض، هل العائد من الأعمال الفنية التي تصور في المدينة تغطي تكاليف انشاء هذه الاستوديوهات؟ والاجابة حددتها دراسة الجدوى التي وضعت قبل بدء تنفيذها قائلة انه خلال ثلاثة سنوات من بداية التصوير والانتاج الفني تكون قد استردت الاستوديوهات ما تم انفاقه عليها!. وليس غريباً ان يشهد شهر رمضان من كل عام تصوير اكثر من 20 عملاً فنياً او أكثر تذاع في مصر والقنوات العربية. وفي شهر رمضان الماضي تم تنفيذ أكبر كم من المسلسلات عُرضت في مصر والدول العربية منها "جمهورية زفتى" بطولة ممدوح عبدالعليم وصابرين، تأليف يسري الجندي وإخراج اسماعيل عبدالحافظ ومسلسل "عصر الائمة" بطولة محمد رياض وحمدي غيث وابراهيم يسري وفايزة كمال، إخراج حسام الدين مصطفى، و"التوأم" بطولة ليلى علوي ويوسف شعبان إخراج مجدي ابو عميرة، و"سعد اليتيم" بطولة دلال عبدالعزيز، وجزء كبير من فوازير "جيران الهنا" للنجمة الصاعدة نادين ووائل نور، وبرامج تلفزيونية عدة. ولهذا العام صورت اعمال فنية مثل فيلم "اضحك.. الصورة تطلع حلوة" بطولة أحمد زكي وليلى علوي، إخراج شريف عرفة، ثم صوّر المخرج حسام الدين مصطفى مسلسل "صقر قريش" ويصور المخرج مجدي ابو عميرة مسلسلاً جديداً بطولة يوسف شعبان ومنى زكي، ويصور المخرج أحمد طنطاوي المسلسل الديني "الامام الترمذي" بطولة محمد رياض وفايزة كمال. ولشهر رمضان المقبل تستعد المدينة الإعلامية لاستقبال عشرات المسلسلات الجديدة وفوازير شيريهان "الستات" التي ستقدمها هذا العام لقناة راديو وتلفزيون العرب ART، وفوازيز "ما نستغناش" التي يقدمها التلفزيون المصري للقناة الاولى والتي تقوم ببطولتها نادين!. دولة داخل الدولة وقد كان لظهور القنوات المتخصصة أثره البالغ في سرعة إنشاء استوديوهات لتسجيل البرامج. واشار وزير الاعلام الى ارادة الشركة بزيادة عدد استوديوهات "مجمع مبارك" الى عشرة استوديوهات، وكانت ميزانية الاستوديوهات في البداية ضخمة تم طرحها في مزايدة مع الشركات الاجنبية حتى وصلت الى 7 ملايين ونصف المليون جنيه مع ان الاستوديو الواحد قد يتكلف 13 مليون جنيه، والعمل يجري في تنفيذ "مجمع مبارك" "ج" او الثالث ويضم ثلاثة استديوهات سينمائية احدهم في القرية الاسلامية، وآخر في الفرعونية، وثالث في ساحة المدينة!. واذا قمنا بجولة داخل المدينة سنجدها اشبه بدولة داخل الدولة، فيها، الى جانب الاستوديوهات، قرى وبيوت ريفية ومدن ساحلية واحياء شعبية ومبانٍ قديمة على الطراز الفرعوني والاسلامي وأماكن ترفيهية!. فهناك مدينة الاسكندرية القديمة بما فيها من مقاهٍ وشوارع كانت خصصت لتصوير بعض مشاهد مسلسل "الشارع الجديد" الذي سيتم تصوير الجزء الثاني هناك. وفي هذه المدينة ترام مدينة الاسكندرية القديمة الذي كان نفذ خصيصاً لهذا المسلسل، وميدان المرسي ابو العباس وشواطئ شبيهة بشواطىء الاسكندرية تم تصميمها على منطقة البحيرات ويجري حالياً التفكير في بناء مدينة اشبه بالقاهرة القديمة بكل ميادينها.، ومنها ميدان العتبة وسليمان باشا والتحرير. ومن اهم ملامح مدينة الانتاج الإعلامي الحارات الشعبية بدكاكينها وحاراتها ومحطات الاوتوبيس والورش، ثم القرى الاسلامية والريفية والبدوية والساحلية التي تتضمن بحيرات على مساحة عشرة آلاف متر مربع من المياه بها مضخات للامواج وشاطئان احدهما يمثل شاطئ البحر الاحمر، والثاني الساحل الشمالي، ثم منطقة الشلالات، ومناطق جزر النخيل ومطاعم للزوار!. كما يوجد في المدينة بيت الامة للزعيم سعد زغلول، وهو أشبه ببيت الامة الموجود في حي السيدة زينب تم بناؤه ليصور فيه مسلسل "جمهورية زفتى" وزود هذا البيت بكل ما هو موجود في البيت الاصلي لسعد زغلول من اثاث وديكورات ومكاتب. وللترفيه دوره، ففي المدينة عشرات الاماكن الترفيهية من الدولفين ومنطقة الديناصورات ومغارة علي بابا وألعاب الفيديو جيم ومدن الملاهي. المدينة الإعلامية مدينة مساهمة طرحت اسهمها للمواطنين، ووصل عدد المكتتبين ثلاثة اضعاف العدد المطلوب حتى وصل المبلغ المساهم به من المواطنين الى 130 مليون جنيه بنسبة 10 في المئة من رأسمال الشركة البالغ بليون وثلاثمئة مليون جنيه، وهو ما يؤكد ان المراحل المقبلة لبناء المدينة الإعلامية ستمر بنجاح. وبالفعل فإن إنشاء المدينة الإعلامية اعطى حركة الانتاج التلفزيوني دفعة قوية، وقلل من تكاليف التصوير التي كانت تتم في اماكن ساحلية بعيدة، وأعطى الأعمال الفنية بعداً جديداً لم يكن موجوداً في المسلسلات حيث كان المخرجون طيلة السنوات الماضية يكتفون بتصوير اعمالهم داخل الاستوديوهات، وقد شهد ازدحام الأعمال الفنية في احد شهور السنة التي تسبق شهر رمضان منذ خمس سنوات حرباً شرسة بين النجوم والمخرجين لعدم وجود استوديوهات كافية فاضطر بعضهم للتصوير في الشقق المفروشة، وعندما تم انشاء المدينة الإعلامية انتهى عصر التصوير "المفروش". ومنذ افتتاح الرئيس مبارك للمدينة وحركة الانتاج لم تتوقف وكان اول مسلسل تلفزيوني صور بها هو "البراري والحامول" لإلهام شاهين وسيد زيان. وكان للأعمال التاريخية حظها الوفير بعد ذلك، حيث استفاد مخرجوها من المدن الاسلامية والفرعونية والقبطية التي صممت خصيصاً لهذه الأعمال. وأصبحت المدينة الاعلامية تكفي لتصوير 60 عملاً في العام الواحد قابلة للزيادة خلال السنوات المقبلة. وهناك اتفاقات تعاون بين مخرجين عرب على تصوير أعمالهم العربية فيها. ولم يقتصر الدور على المسلسلات والافلام بل تصور فيها اغنيات الفيديو كليب مثل تجارب لطيفة في ألبومها الجديد "تلومني الدنيا" اذ صورت بعض اغنياته فيها. "النايل سات" خطوة اخرى تعزز نجاح الانتاج الفني وثرائه في المدينة الانتاجية، فبعد انطلاقه في نيسان ابريل الماضي واقامة محطتي استقبال وبث احداهما في مدينة 6 اكتوبر، والاخرى بالقرب من الاسكندرية في منطقة "الحمامات" تأكد ان هذا "القمر" سيساهم في زيادة الأعمال الفنية التي لا بد من انتاجها لتملأ فراغ القنوات الفضائية المصرية وبعض القنوات العربية التي استأجرت مساحات من البث على هذا القمر، والتي تنتج معظم اعمالها من القاهرة مثل محطتي "راديو وتلفزيون العرب" و"تلفزيون الشرق الأوسط" ومحطات اخرى غيرها.