خففت تركيا امس من حدة لهجتها التصعيدية مع سورية. واستبعد وزير الدفاع التركي عصمت سيزغين قيام بلاده بعمليات عسكرية ضد الأراضي السورية فيما اعادت انقرة سفيرها جينك دواتيبي الى دمشق. وجاء ذلك في وقت أبدت الادارة الاميركية معارضتها لأي عمليات على الحدود التركية - السورية، مشيرة الى انها تحض الدولتين على الحوار لحل خلافاتهما الناجمة عن اتهام انقرةدمشق بايواء زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان ودعم مقاتليه الذين يشنون حرباً انفصالية في جنوب شرقي تركيا. وأبلغ مسؤول في الادارة الاميركية "الحياة" امس انها "تسعى الى ايجاد تفاهم بين الطرفين"، تعبيراً عن رفضها لأي توتر على الحدود بين البلدين. ورأى المسؤول الذي فضل عدم نشر اسمه ان "التصعيد التركي لم يتجاوز مرحلة الكلام"، تعليقاً على التقارير عن تعزيزات تركية قوبلت بانتشار سوري على الجانب الآخر. وقال ان واشنطن تتابع باهتمام الوضع لأن التدهور لا يخدم الاستقرار في المنطقة. واستبعدت مصادر اخرى في واشنطن ان يبلغ التوتر مرحلة المواجهة. في غضون ذلك، أعلنت سورية أنها "تدرس باهتمام" التصريحات الرسمية التي صدرت في الأيام الأخيرة من جانب المسؤولين الأتراك، ما اعتبر توجهاً سورياً نحو تخفيف التوتر بين دمشق وأنقرة في ضوء معارضة واشنطن أي عمل عسكري تقوم به تركيا ضد سورية. وفي أول رد رسمي على تصريحات كبار المسؤولين الأتراك، قال مصدر سوري مسؤول إن "سورية تدرس باهتمام جميع التصريحات الرسمية التي صدرت عن كبار المسؤولين في تركيا خلال الأيام والساعات الأخيرة حول العلاقات الثنائية بين سورية وتركيا". وكانت تصريحات لقائد القوات المسلحة التركية الجنرال حسين كيفريك اوغلو عن "حرب غير معلنة" مع سورية، اثارت قلق المراقبين خصوصاً انها ترافقت مع لهجة تصعيدية مماثلة من جانب سائر المسؤولين وفي مقدمهم الرئيس سليمان ديميريل خلال احتفال مساء اول من امس في البرلمان بمناسبة افتتاح دورته السنوية. وانعكست هذه الاجواء على وسائل الاعلام السورية التي اجمعت على التأكيد ان "اسرائيل تقف وراء التهديدات التركية لسورية". وأكدت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم في سورية ان المسؤولين الأتراك "يصرون على خلق مشاكل غير موجودة بالأصل" وذلك "نتيجة تفاهم وتنسيق بين انقرة وتل أبيب وفق بروتوكول التحالف بينهما". وفندت الاذاعة السورية أمس المزاعم التركية بشأن دعم حزب العمال الكردستاني مرددة ما اوردته الصحف السورية عن ان "لا علاقة لدمشق بما يجري على الساحة التركية الداخلية من صراعات"، مؤكدة قدرة سورية على الدفاع عن نفسها، داعية الى حوار جدي لحل اي مشاكل يمكن ان توجد بين البلدين. وفي وقت نقلت صحيفة "حرييت" الواسعة الانتشار في تركيا عن "مصادر عسكرية رفيعة المستوى" ان العسكريين الاتراك "فقدوا الأمل في وقف سورية دعمها لحزب العمال الكردستاني" وهم "يحضرون خططاً لعملية مطاردة لمقاتليه عبر الحدود"، قالت مصادر اعلامية اخرى في تركيا ان قلق المؤسسة العسكرية في انقرة بلغ ذروته نتيجة الظهور المفاجئ لمقاتلي "العمال الكردستاني" في اقليم هاتاي. وأضافت المصادر نفسها ان القلق ترافق مع رغبة انقرة في "اجهاض حملة دعائية ينحصر حزب العمال الكردستاني للقيام بها في اوروبا والولايات المتحدة في مواجهة الانتكاسات التي مني بها مقاتلوه اخيراً على ايدي العسكريين الأتراك". غير ان مراقبين في انقرة لاحظوا امس تصريحاً لقائد سلاح الجو التركي الجنرال الهان كيليج قال فيه ان الازمة "لا تزال تحت ادارة المسؤولين المدنيين ولا تزال قابلة للمعالجة"، مؤكداً "ان احداً لا يريد الحرب". وترافق ذلك مع تأكيد وزير الدفاع ان "التدخل امر غير مطروح"، مضيفاً: "كنا نعتقد ولا نزال، ان الحل ممكن عبر القنوات الديبلوماسية. ولكن هناك حدود للصبر والتحمل... وإذا استمروا في الاضرار بنا بهذا الشكل فمن الطبيعي ان تستنفد الديبلوماسية وسائلها وتحل محلها وسائل اخرى"