حذر الرئيس التركي سليمان ديميريل، في خطاب ألقاه أمس أمام البرلمان، من أن تركيا تحتفظ لنفسها "بحق الرد" على سورية التي تتهمها بدعم مقاتلي حزب العمال الكردستاني. وفي رد غير مباشر على تهديدات ديميريل، اكد رئيس الوزراء السوري المهندس محمود الزعبي أمس أن بلاده "عصية على الاقتحام" وتملك من القوة ما يجعلها "مترصدة لكل المخاطر". ولاحظ المراقبون أن وزير الخارجية السوري فاروق الشرع تعجّل في العودة إلى دمشق، ولم يتأكد إذا كان ذلك بسبب التوتر مع تركيا. في غضون ذلك، بدأت امس في اقليم الاسكندرون هاتاي جنوبتركيا المناورات السنوية التي يجريها حلف الاطلسي في شرق البحر المتوسط، على ان تشارك فيها معاً في الايام المقبلة قوات مسلحة يونانية وتركية للمرة الاولى منذ 13 عاماً. وقال ديميريل، في الخطاب الذي ألقاه لمناسبة بدء الدورة البرلمانية الجديدة: "أعلن أمام الأسرة الدولية اننا نحتفظ لأنفسنا بحق الرد على سورية التي لا تتراجع عن موقفها العدائي ازاء تركيا على رغم مبادراتنا السلمية وتحذيراتنا المتكررة". واضاف: "تتبع سورية علناً سياسة معادية لتركيا وتواصل دعم حزب العمال الكردستاني. واُعلن ايضاً امام الاسرة الدولية ان صبرنا يوشك ان ينفد". واستقبل النواب هاتين العبارتين بعاصفة من التصفيق. وكان رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز أبلغ الصحافيين امس قبل خطاب ديميريل ان "كل التدابير اللازمة ستتخذ ازاء سورية اذا دعت الحاجة"، لكنه لم يعطِ ايضاحات أخرى. وفي دمشق، نقلت مصادر رسمية عن رئىس الوزراء المهندس الزعبي قوله في اجتماع مع عدد من المسؤولين والمحافظين وقادة فروع حزب البعث الحاكم: "لم تستطع، لا من قبل ولا من بعد، اي قوة طامعة كانت معادية ام متسلطة ان تجعل من سورية حافظ الاسد بلداً تابعاً او اقتصاداً خاضعاً او مجتمعاً خائفاً او ارادة عاجزة". واضاف ان سورية "بقيت عصية على الاقتحام وشعباً ابياً على الاستسلام وقوة مترصدة لكل المخاطر". ونفى عصمت سيزغين وزير الدفاع التركي في انقرة امس تقارير صحافية افادت بأن تركيا عززت حشودها العسكرية على الحدود السورية بوحدات اضافية تضم 10 آلاف جندي. وقال ان بلاده "تسعى من خلال الوسائل الديبلوماسية الى ثني سورية عن دعم الارهاب". لكنه حذر من أنه في حال فشل المساعي الديبلوماسية فإن تركيا "ستلعب اللعبة وفقاً لقواعدها". واشار سيزغين الى ان مجلس الامن القومي، الذي يضم كبار القادة العسكريين والزعماء المدنيين وتُعتبر قراراته ملزمة للحكومة، بحث في اجتماع عقد اول من امس واستمر ست ساعات في التوتر المتزايد مع سورية. واعتبرت تصريحات سيزغين تأكيداً لتقارير أفادت ان مجلس الامن القومي ناقش خيارات عسكرية، لكنه وافق على اعطاء فرصة اخرى للديبلوماسية بهدف اقناع سورية بأن تنهي دعمها لحزب العمال الكردستاني. وذكرت الصحف التركية امس ان سلسلة عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية يُحتمل فرضها على سورية بحثت خلال الاجتماع. وجاء في بيان للمجلس ان "التطورات السياسية الاجنبية في المنطقة تهم عن كثب الامن الوطني في تركيا، كما ان التدابير التي يجب اتخاذها في هذا الصدد وضعت على بساط البحث"، من دون اعطاء مزيد من التفاصيل. ونفى ناطق باسم هيئة اركان الجيش التركي أمس حشد قوات ومدرعات على امتداد الحدود السورية. وقال ان تعزيز الوجود العسكري في المنطقة يرجع الى مناورات حلف الاطلسي في بلدة الاسكندرونة. وذكرت صحيفة "حرييت" ان وحدات من الجيش التركي انتشرت في بعض "المناطق الاستراتيجية" عند الحدود التركية - السورية، خصوصاً قرب بلدة كيليس الحدودية وفي اقليم "هاتاي". ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية لم تكشف هويتها ان تحركات كبيرة للقوات سُجّلت في بعض قطاعات المنطقة الحدودية. وكان قائد القوات البرية التركية الجنرال اتيلا اتيس حذر الاسبوع الماضي، امام وحدات عسكرية متمركزة قرب الحدود السورية، دمشق من تقديم مساعدة للمقاتلين الاكراد، قائلاً ان "على سورية ان تعلم أن لصبرنا حدوداً". وتنفي سورية هذه الاتهامات، وتتهم بدورها انقرة بحجز مياه نهر الفرات من خلال بناء السدود على النهر. كما تدين سورية التعاون العسكري بين انقرة واسرائيل وتعتبره موجهاً ضد مصالحها.