قررت القيادة التركية في اجتماع حضره كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين امس ان يُطلب من الجيش والحكومة "اعداد استراتيجية مشتركة تتضمن اجراءات ديبلوماسية واقتصادية وعسكرية لاجبار سورية على التراجع عن دعمها حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله اوجلان. وأفادت تقارير ان المجتمعين اكدوا ان تركيا لن تتراجع ولا تنوي الانتظار طويلاً. وأكدت وسائل الاعلام التركية ان القوات التركية ستجري مناورات على امتداد الحدود مع سورية، في حين كشف مسؤولون اميركيون ان واشنطن تراجعت عن اجراء مناورات بحرية اميركية - اسرائيلية - تركية متوقعة العام المقبل، وباتت تشترط، بسبب التوتر في المنطقة، ان تنضم الى هذه المناورات دول اخرى. في غضون ذلك انتقل وزير الخارجية الايراني كمال خرازي امس من دمشق الى انقرة حيث قابل الرئيس سليمان ديميريل وأجرى محادثات مع نظيره التركي اسماعيل جيم في اطار التحرك الايراني لنزع فتيل الازمة بين سورية وتركيا. وكان عرض في دمشق مبادرة تتضمن خطة للتهدئة وتمهد لقمة سورية - ايرانية - تركية في طهران. ونقلت وسائل الاعلام التركية عن مصادر عسكرية، ان القوات التركية ستجري مناورات على امتداد الحدود مع سورية تستخدم فيها اسلحة حديثة وقوات خاصة، بعد انتهاء مناورات حلف الاطلسي في 15 الشهر الجاري. واشارت الى ان الضغوط ستتصاعد بسرعة متزايدة، اذ سيدعو مجلس الأمن القومي التركي الحكومة الى اعطاء الاشارة باللجوء الى الخيار العسكري مع سورية وهي خطوة تقتضي الحصول على تفويض صريح من البرلمان في حال لم تلبِ سورية المطالب التركية. وقررت الحكومة التركية إيفاد وزير الخارجية اسماعيل جيم ومسؤولين آخرين في جولات على عواصم عربية وأوروبية لشرح موقف تركيا. وأفادت وكالة "الاناضول" للأنباء امس ان وزير الخارجية وجّه رسائل الى نظرائه العرب اتهم فيها سورية بپ"تأليب الدول العربية على تركيا" عبر "معلومات خاطئة"، لا سيما عن التعاون العسكري بين أنقرة واسرائيل. ونقلت الوكالة عن مسؤول في الخارجية ان جيم اتهم سورية بتأمين "تسهيلات شتى لحزب العمال الكردستاني الانفصالي". وأعلن وزير الخارجية الايراني عقب لقائه جيم في انقرة ان "المهم هو ايجاد حل سلمي للأزمة لأن العالم الاسلامي يرغب في ذلك". وأضاف: "بتنا مطلعين في شكل كامل على الوضع، فهذه قضية مهمة وصعبة". وعبّر عن امله بپ"التوصل الى حل"، مشيراً الى ان الوقت لا يزال مبكراً للتفاؤل. ويُعتقد ان خرازي تسلم ملفاً يتضمن المطالب التركية، مماثلاً لذلك الذي سلّم الى الرئيس حسني مبارك. وافادت تقارير ان خرازي ابلغ ان تركيا تريد تسوية الازمة قبل ان تتصاعد الى صدام مسلح، لكنها تصر على مطلبها "ان توقف سورية دعمها حزب العمال الكردستاني وتكف عن ايوائها زعيمه". واكد وزير الدفاع التركي عصمت سيزغين في كلمة ألقاها في لقاء حول الامن العالمي عقد في مدينة انطاليا، تصميم تركيا على مكافحة الارهاب والتصدي للبلدان التي تدعمه". لكنه اضاف: "حتى بالنسبة الى سورية التي تؤوي ارهابيي حزب العمال، نريد معالجة هذه المشكلة معها عبر الحوار". وحضر اجتماع القيادة التركية الذي عُقد برئاسة ديميريل امس "لمراجعة قضايا السياسة الخارجية" رئيس الوزراء مسعود يلماظ ووزيرا الدفاع والخارجية ورئيس الاركان العامة الجنرال حسين كيفريك اوغلو ورئيس جهاز الامن سينكال اتساغون بالاضافة الى مسؤولين آخرين رفيعي المستوى. وكان خرازي غادر دمشق صباح امس متوجهاً الى انقرة في اطار جهود الوساطة التي يقوم بها بين سورية وتركيا. وقالت مصادر ديبلوماسية ل "الحياة" ان الوزير سلّم المسؤولين السوريين الخميس "مبادرة تتضمن خطة للحوار والتهدئة بين الطرفين تقوم على اساس استئناف اجتماعات اللجان الثنائية واجتماعات المجلس الوزاري الثلاثي - التركي - الايراني الخاص بشمال العراق، للبحث في كل القضايا خصوصاً الامنية والسياسية، وصولاً الى عقد قمة ثلاثية في طهران". واشارت مصادر ديبلوماسية ايرانية الى "احتمال" عودة خرازي الى دمشق ل "الاستماع الى موقف سورية من المبادرة بعد درسها بعمق". وكشفت المصادر الديبلوماسية ان "اجتماعاً قصيراً" عقد امس بين السفير التركي في دمشق جينغ دوعاتبه وخرازي. المناورات الثلاثية في واشنطن كشف مسؤولون اميركيون ان جولة ثانية من المناورات البحرية المشتركة في شرق البحر المتوسط، التي تشارك فيها قوات من الولاياتالمتحدة واسرائيل وتركيا، لن تجري الا في وقت لاحق من عام 1999. وافادوا ان الجانب الاميركي يشترط لمشاركته في هذه المناورات، بخلاف مناورات "حورية البحر الموثوقة" التي نفذت مطلع كانون الثاني يناير الماضي وشملت ايضاً عمليات تفتيش وانقاذ انسانية، ان تشارك فيها بلدان اخرى في المنطقة. واوضح مسؤول اميركي مطلع على التخطيط لهذه المناورات ان الولاياتالمتحدة تريد ان تتجنب الجو المثير للجدل والتوترات التي اثارتها المناورات السابقة. وقال المسؤول ل "الحياة": "سنؤكد هذه المرة للاتراك والاسرائيليين منذ البداية انهم اذا ارادوا اجراء المناورات مرة اخرى، نتوقع ان تشارك فيها بلدان اخرى في شرق المتوسط، وسيشمل هذا بالتأكيد مصر واليونان والاردن". ولم تجرِ واشنطن بعد أي اتصال رسمي بالقاهرة او اثينا او عمان لمعرفة هل تشارك في المناورات. لكن المسؤول اكد ان هناك "مؤشرات الى ان الاردن يريد ان يشارك هذه المرة، لكن الامر كله لا يمكن ان يفصل عن الاحداث في المنطقة" وشدد على ان الولاياتالمتحدة لن توافق على اجراء اي مناورات ذات طبيعة عسكرية عدوانية تتمسك بأن تبقى المناورات "عملية تفتيش وانقاذ انسانية".