بدت بوادر فتور في العلاقات المصرية - الاميركية وحملت القاهرة على الديبلوماسية الاميركية بسبب مطالبتها الدول العربية بدفع ثمن توقيع اسرائيل اتفاق واي بلانتيشن واستئناف التعاون الاقليمي والمفاوضات المتعددة الاطراف والتطبيع الثنائي مع اسرائيل، وانتقاد وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت موقف مصر الذي دعا الى انتظار تنفيذ الاتفاق بسبب شكوك مصر وعدم ثقتها في تنفيذ حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتانياهو هذا الاتفاق على خلفية عدم احترام التعهدات والالتزامات والوعود. وبعث وزير الخارجية السيد عمرو موسى برسالة الى أولبرايت تؤكد الموقف المصري، سواء من الاتفاق او التعاون الاقليمي او المفاوضات المتعددة، عُلم انه شدد فيها على ان "مصر لا تقبل المزايدة في قضية استراتيجية السلام في الشرق الاوسط بالنسبة إليها"، وشدد على "التزام مصر مواقفها وعدم قبولها أي ضغوط". وكان موسى تلقى امس تقريراً من السفير المصري في واشنطن احمد ماهر عرض فيه ما دار في اجتماعه وعدد من السفراء العرب في العاصمة الاميركية مع مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط مارتن انديك الذي عبر خلاله عن "انزعاج" من الموقف العربي "ازاء الاتفاق واستحقاقاته على الجانب العربي". ووصف مسؤول مصري رفيع المستوى لپ"الحياة" مطالب الديبلوماسية الاميركية بأنها "بمثابة وضع العربة أمام الحصان"، مؤكداً ان بلاده "ليست ضد التعاون الاقليمي من حيث المبدأ لكن الامور يجب ان تسير بمعقولية". وكانت "الحياة" انفردت بنشر قائمة مطالب اولبرايت من مصر يوم 12 من الشهر الجاري في اعقاب جولتها في المنطقة وقبل التوصل الى هذا الاتفاق. وأكد المسؤول المصري ان "الدفع مقدماً ثبت فشله ... نتانياهو لم يحترم الاتفاقات والتعهدات السابقة، وانتهك اتفاق واي بلانتيشن نفسه قبل ان يجف مداده بإعلانه ان موعد نهاية الفترة الانتقالية غير ملزم بالشروع في البناء في أراض موضع تفاوض وبعزمه تجميد تنفيذ الاتفاق لأسباب داخلية ... كل ذلك أسباب تؤكد الشكوك وعدم الثقة وتجعل التعاطي الأمثل هو الانتظار". وأبدى استغراباً من انتقاد الموقف المصري، وقال: "مسؤولون اميركيون وأوروبيون أعربوا لنا غير مرة عن عدم ثقتهم في نتانياهو، فماذا تبدل حتى نغير موقفنا؟". وتساءل: "كيف نُتهم بعدم تشجيع السلام ومصر أجلت التعاطي مع بعض موضوعاتها ومنها احتلال اسرائيل قرية ام الرشراش في آذار/ مارس 1949 واقيم عليها ميناء إيلات بعد شهر واحد من توقيع اتفاق رودس للهدنة من اجل تسيير عملية السلام على المسارات الفلسطينية والسورية واللبنانية؟". واوضح أن "مجرد توقيع اتفاق لا يعني تقدماً، والاتفاق الجديد سبق ان وقعه رئيس وزراء اسرائيل الراحل اسحق رابين، وتم تبادل رسائل في شأن مضمونه"، وقال: "لا يمكن بيع السلعة نفسها أكثر من مرة وفق قوانين السوق ... ولن نشتري الترام". ولفت الى ان بلاده "تتعاطى مع التقدم في عملية السلام بمنطق الحق مقابل الحق والالتزام مقابل الالتزام وخطوة مقابل خطوة". وشدد على الموقف العربي الذي يربط التطبيع بالتقدم في عملية السلام، "وان كل خطوة سيقابلها خطوة"، وتساءل: "لماذا الاستعجال في التطبيع واستئناف التعاون الاقليمي؟ نحن لا ندعو الى الانتظار لثلاث سنوات بل لثلاثة اشهر 12 اسبوعاً هي مدة التنفيذ. نحن انتظرنا 28 شهراً منذ وصول نتانياهو الى السلطة وتجميد عملية السلام"، مشدداً على ان "الموقف العربي في صالح عملية السلام بل ويدعم الموقف الاميركي الراعي الاساسي لعملية السلام". في غضون ذلك، وصف السفير الاميركي في القاهرة دانيال كيرتزر الاراضي الفلسطينية بأنها "أراضٍ محتلة"، واعتبر المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية لتنفيذ الاتفاق الأخير "أصعب من مفاوضات واي بلانتيشن"، وعزا ذلك - في تصريحات لوكالة انباء الشرق الاوسط المصرية - الى ان الاطراف الآن "في قلب المشكلة ... ماذا سيحدث للاراضي المحتلة؟ وهل ستعلن الدولة الفلسطينية؟ وماذا سيحدث للمستوطنات الاسرائيلية؟ وماذا سيحدث لوضع القدس؟ هذا هو جوهر القضية المهم للغاية لقد دخلنا هذه المرحلة الآن". من جهة أخرى أ ف ب، انتقدت صحيفة "البعث" السورية الرسمية دعوة وزيرة الخارجية الاميركية الدول العربية "لتطبيع" علاقاتها مع اسرائيل. وكتبت الصحيفة: "لعل ما يثير الاستغراب أكثر فأكثر مطالبة اولبرايت العرب بالعودة الى سياسة التطبيع مع اسرائيل ناسفة بذلك الموقف العربي الذي تمثل بمقررات قمة القاهرة قبل عامين وبعدها مقررات وزراء الخارجية العرب، والاهم من ذلك مقررات القمة الاسلامية الاخيرة في طهران". واضافت: "بالتأكيد دعوة اولبرايت، بما تضمنت من تهديدات مبطنة، لم تكن موفقة وليست في محلها على الاطلاق".