أثارت قضية اغتيال الشرطيين في قوى الأمن الداخلي التابعين لمفرزة سير مدينة صيدا على يد مجهولين كانا يمتطيان دراجة نارية تساؤلات سياسية تمحورت على مدى علاقة حادث الاغتيال بالاتفاق الذي وقع بين رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو برعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون في محاولة لصرف الأنظار عن ردود الفعل اللبنانية والفلسطينية وصولاً الى افتعال أزمة في العلاقة بين لبنان والفلسطينيين المقيمين فوق أرضه في ضوء ما يتردد ان لجهة فلسطينية غير معروفة علاقة مباشرة بالحادث. ومما زاد في طرح التساؤلات ان حادث الاغتيال وقع بعد ساعات من توقيع الاتفاق الفلسطيني - الإسرائيلي، وبالتالي يمكن أن يستهدف ضرب هيبة الدولة في عاصمة الجنوب واثارة حال من الإرباك يستوجب ضبطها فرض تدابير واجراءات جديدة حول المخيمات الفلسطينية بدءاً من الجنوب، خصوصاً أن الحادث لم يكن الأول، وكان سبقه محاولة اغتيال لعريف في الجيش اللبناني من بلدة القرية في شرق صيدا يدعى أديب الياس ديب أثناء وقوفه قبل عشرة أيام في احدى شوارع صيدا في انتظار وصول سيارة لتقله الى منزله. كما وأن الأسلوب الذي اتبعه الجناة في اغتيال الشرطيين لم يكن جديداً إذ استخدم في حوادث اغتيال في بعض قرى شرق صيدا، اضافة الى حادث حصل في أيلول سبتمبر الماضي استهدف صاحبي محلين لبيع المشروبات في بلدتي الرميلة وجدرا الواقعتين على الطريق الساحلي المؤدي الى صيدا. وفي تفاصيل الحادث، ان اثنين من الجناة كانا يمتطيان دراجة نارية اقتربا من المغدورين اللذين كانا يقومان بتنظيم حركة السير في شارع الراهبات في صيدا في الثامنة إلا ربعاً من ليل أول من أمس. ولدى وصول الجناة الى مسافة قريبة من الشرطيين اللذين كان أحدهم جالساً على دراجته والآخر يقوم بتنظيم السير، شهر أحد الجناة الذي كان يقود الدراجة مسدسه في حين شهر الجاني الآخر رشاشه وراحا يطلقان النار عليهما، مما أدى الى مصرع العريف مرشد أبو صالح على الفور، بينما نقل رفيقه العريف نزار العريضي الى مستشفى غسان حمود في صيدا، لكنه ما لبث أن فارق الحياة متأثراً بجروحه أثناء خضوعه لعملية جراحية مستعجلة. وفور وقوع الحادث، حضرت الأجهزة الأمنية الى المكان، وفرضت طوقاً أمنياً وتولى المدعي العام العسكري في الجنوب القاضي خالد حمود مباشرة التحقيق، ثم انتقل الى المستشفى وعاين المغدورين. وفي معلومات "الحياة" نقلاً عن شهود عيان أن الجانيين لم يستخدما سلاحاً كاتماً للصوت، إذ أن المارة الذين صودف وجودهم في مكان الحادث سمعوا دوي اطلاق النار. وأفادت امرأة أنها رأت سيارة فان زيتية اللون من نوع "ميتسوبيتشي" كانت تسير خلف دراجة الجناة مما دفع الى الافتراض أنهما أودعا الدراجة داخل الفان وتواريا عن الأنظار الى جهة يحاول التحقيق تحديدها، خصوصاً أن أحداً من الشهود لم يؤكد الرواية. وفور وقوع الحادث عُقدت اجتماعات أمنية وادارية في السراي الحكومية في صيدا برئاسة محافظ الجنوب فيصل الصايغ الذي كان أبلغ وزير الداخلية ميشال المر بتفاصيل الحادث. واتفق على منع الدراجات النارية من التجول ابتداء من الخامسة مساء حتى السابعة صباحاً اضافة الى تكثيف التدابير الأمنية شملت تسيير دوريات في شوارع المدينة. والتدقيق في هويات الداخلين والخارجين من مخيم عين الحلوة. وعقد ليل أمس، مجلس الأمن الفرعي اجتماعاً في السراي برئاسة المحافظ الصايغ، تم خلاله تبادل للمعلومات الأولية التي توفرت للأجهزة الأمنية في خصوص الحادث.