تذكرت رئيس وزراء بريطانيا الشهير ونستون تشرشل عندما تسلم مهام منصبه في أخطر وضع كانت تمر به بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية وأنا أتابع مجريات انتخاب العماد اميل لحود قائد الجيش اللبناني رئيساً للبنان خلفاً للرئيس الياس الهراوي. وأعتقد أن العماد لحود سيستعير مقولة تشرشل المعبرة "ليس عندي سوى الدم والدموع والعرق" عندما يتسلم مهام منصبه رسمياً الشهر المقبل ويتسلم معه هموم لبنان الكثيرة في ظل ظروف دقيقة وصعبة يمر بها. فقد أدى الرئيس الهراوي الأمانة وسلمها سليمة معافاة، وسينصفه التاريخ على رغم ما تعرض له من انتقادات وسهام، ولكن هذا لا يمنع من القول أن التركة ثقيلة وأن العماد لحود مطالب بأن يواصل المسيرة لتكريس دولة المؤسسات وإزالة أسباب الإحباط والخلاف بعد أن نجح العهد السابق في نقل لبنان من حجيم الحرب الى نعيم السلام، ومن طريق الدمار والخراب الى طريق الإنماء والإعمار. ويعرف العماد لحود، كما يعرف كل إنسان أن الطريق صعب ومحفوف بالمخاطر، وأن العقبات كثيرة ومتشعبة، فإسرائيل ما زالت تتآمر وتحتل أرضاً غالية من جنوبلبنان، وبعض الفئات ما زالت تحلم بعودة أجواء الفتنة فتتآمر مع اسرائيل أو تتلاقى معها في خط حاقد واحد، والوضع الاقتصادي صعب ويحتاج الى حكمة وعقلانية وتعامل مع واقع لا بد معه من دواء مر كالعلقم وحلول صعبة وموجعة خاصة بالنسبة للديون وعجز الموازنة. ودوائر الدولة نخر معظمها "السوس" وعشعش الفساد في ثناياها. والمواطن العادي مسحوق ومرهق وبائس في مواجهته لوحش الغلاء ومشاكل البطالة والهجرة وعدم حل مشكلة المهجرين بشكل حاسم وغيرها من المشاكل العالقة. صحيح أن العماد لحود ليس ساحراً ولا يملك عصا سحرية تقول لكل ما يريد الناس كن فيكون لكنه يملك كل مقومات النجاح كما يملك الإرادة والعزيمة والقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة وقطع دابر الفساد وتحقيق نقلة نوعية مهمة في الأداء العام والتعامل مع الأحداث والتطورات لعل لبنان ينتقل فيها الى عهد الاستقرار والوحدة الحقيقية المتينة والصامدة في وجه الأعاصير، وعهد المحبة والوفاق الوطني العملي والواقعي وعهد الاطمئنان للحاضر والمستقبل وعهد الأمن والأمان. كما أن العماد لحود صاحب خبرة وتجربة في مجال توحيد الجيش، المؤسسة الوطنية الكبرى، وإعادة بنائه على أسس سليمة ومقومات الوحدة الوطنية والولاء للبنان الواحد كما أنه صاحب سمعة طيبة وكف نظيف وسليل بيت وطني عريق، إضافة الى إيمانه بعروبة لبنان وعلاقاته المميزة مع سورية. والأهم من كل ذلك أن العماد لحود يحظى بحب اللبنانيين واحترامهم له، كما يحظى بإجماع لا مثيل له. مما يرفع سقف الآمال المرجوة منه ويعزز الثقة بدخول لبنان مرحلة استقرار ندعو الله أن تستمر وتصمد في وجه المؤامرات الصهيونية التي ينتظر أن تتصاعد وتيرتها وحدّتها قريباً. وعلى رغم هذا يجب عدم تحميل الرجل ما لا طاقة له به وعدم الاكتفاء بإطلاق تصريحات التأييد والتهنئة بل لا بد من رص الصفوف وتوحيد الجهود وراءه ودعم جهوده وعدم وضع العراقيل والتخلي عن الحزازات، وبناء دعائم العهد المتينة بينه وبين الحكومة الجديدة المتوقع أن يترأسها السيد رفيق الحريري لمواصلة سير الإنماء والإعمار. وكل مواطن، في أي موقع كان، مدعو للمساهمة في انجاح المسيرة ودعم الرئيس الجديد من أجل لبنان الواحد المزدهر.
خلجة من الرائع نزار: وهربت منك وراعني أني إليك هربت في كل زاوية أراك وكل فاصلة كتبت!