مرت فترة على موسيقى البوب البريطانية، يسميها الكثيرون مرحلة الاجترار، تلك التي سيطر فيها نغم واحد من الموسيقى، من أصوات متشابهة، وآلات متشابهة، غالباً هي القيثارة. يوحي عدد من الكتاب بأن الموسيقى الشعبية تلفظ انفاساً أخيرة. عدد كبير من الفرق الناشئة تستخدم القيثارة في جمود. وكأن الهدف انتاج أنغام كنهاية في حد ذاتها وليس كنقطة انطلاق، ما أدى الى نوع من الجمود والتكرار. هناك حالياً اتجاهان: مجموعات شبابية تقلد الفرق البريطانية العتيدة، من أمثال البيتلز وترافيك وذي هوو. وهناك الذين يتشبهون بالفرق الاميركية. هؤلاء ينتجون أعمالاً عادية تخلو من تحدّ او مغامرة. هذه الظاهرة تأكدت بانفجار موسيقى الرقص في الثمانينات، حيث أبرز أتجاه الديسكو عدداً من الفرق الشهيرة حالياً مثل راديو هيد، وبلور، ومانيك ستريت. بعض الفرق توقف عند تكرار معين. إما لأنها تفقد الثقة بما تنتج، أو لا تسعى الى تغيير اسلوب معين حتى لاتفقد مركزها. ويوجه النقاد اللوم الى بعض المسؤولين عن الانتاج الموسيقي في شركات التسجيل الذين يهمهم النجاح الوقتي السريع. الاغاني التي تلقى اهتماماً في اسطوانات صغيرة تفقد تأثيرها في سرعة لانها مملة ولا جديد فيها. وعندما ظهرت فرقة مانيك ستريت في بداية التسعينات توقع الكثيرون قوة دافعة قد تغير وجه موسيقى الروك اند رول. لكنها لم تحقق التوقعات، اذ ظلت تسلك الطريق الوسط الهادئ. في مقابل هذا نجد فرقة حديثة العهد هي "ماسيف أتاك" هجوم كاسح التي تقوم حاليا بجولة فنية كبرى، تنهيها في لندن منتصف هذا الشهر المقبل اكتوبر. الفرقة يقال عنها، خصوصاً بعد صدور ألبومها الثالث الجديد، أنها تحاول تجديد موسيقى البوب، وأنها أهم مجموعة تظهر منذ فترة طويلة، ولأنغامها أصداء في موسيقى العديد من النجوم مثل مادونا وديفيد بوي. أعضاء "ماسيف" الثلاثة الرئيسيون تجمعوا من فرق اخرى انحلت في مدينة بريستول الانكليزية. لم يكن هدفهم تشكيل فرقة في البداية. فاجتمعوا حول آلات التسجيل ومكبرات الصوت التي تستخدم في النوادي. كانت بداية محاولاتهم تسجيل مقتطفات أنغام سابقة لاستخدامها في ناد ليلي يعملون فيه. أهم المتطلبات في هذه العملية هي أذن صاغية وخيال جامح. بعد نجاح عملية الاقتباس هذه، عمد ديل ناجا، واندرو فولز، وشارا نيلسون إلى اعلان أنفسهم مجموعة واحدة على الرغم من انهم لم يكونوا متفقين على اتجاه الفرقة، فانتجوا اسطوانة صغيرة "تعاطف غير تام" تميزت الى جانب كلمات رقيقة بانغام من آلات مختلفة: بيانو، وتريات، والكترونيات تتجاذب العزف كأنها في صراع او تناقض. وفي الوقت الذي كان المهتمون يحاولون العثور على تسمية لهذا النوع من الموسيقى، انتقلت الاسطوانة الى الدرجة الاولى في قائمة الاسطوانات الناجحة. ولم تمض فترة قصيرة حتى أصدرت الفرقة ألبومها الاول "الخطوط الزرقاء" التي تعتبر من أهم اسطوانات التسعينات. بعد ذلك امحت القواعد والخطوط بالنسبة للفرقة. فتشجع اعضاؤها على المغامرة في اعادة تكوين أنغام تجمع بين الايقاع الراقص الخفيف والموسيقى الحالمة الطويلة المقاطع، حيث يمكن للصوت أن ينطلق مغنياً أو منشداً. هذا النوع يسمونه "تريب-هوب" على غرار اسلوب موسيقي كانت له علاقة باستخدام المخدرات الكيماوية في الستينات. يعتبر ديل نجا 31 عاماً المحرك الرئيسي للفرقة، فهو الملحن وكاتب الكلمات. ولأنه يكره استوديوهات التسجيل فان الاسطوانة الجديدة "ميزانان" تسودها مسحة من التوتر مع تماسك في الفقرات. ويقول الملحن ان الاسطوانة تدور حول "البارانويا والانفعالات المتضاربة...انها تطرح اسئلة عدة، لكنها لا تقدم أجوبة كثيرة"