نقل وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع الى الرئيس المصري حسني مبارك امس رسالة من الرئيس حافظ الأسد اكد فيها استعداد سورية لپ"حوار من دون شروط" مع تركيا من اجل تسوية الازمة بين دمشق وأنقرة. وأكد الشرع ان سورية تريد "حلاً نهائياً لأي مشكلة مع تركيا، مشيراً الى المشكلة الامنية" ورفض بلاده "التهديد". وفيما حذر الرئيس التركي سليمان ديميريل من ان الدول التي تساند سورية "ستواجه العواقب" نفت مصادر سورية ما نشرته امس ثلاث صحف في تركيا من ان انفجارات حصلت اول من امس في مخازن للذخيرة ومحطات لتوليد الطاقة ومحطات وقود ومعسكرات تابعة لحزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله اوجلان تقع قرب الحدود السورية - التركية. راجع ص 6 وكانت صحف تركية نقلت عن "مصادر في الاستخبارات" ان عدداً من المناطق الاستراتيجية السورية قرب الحدود مع تركيا شهد سلسلة من الانفجارات، فيما اعتبره مراقبون اشارة جديدة الى عزم انقرة الاستمرار في التصعيد. وقال وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين في مؤتمر صحافي عقده امس في البحرين ان الولاياتالمتحدة تتطلع بصدق الى عدم حصول اي مواجهة بسبب الأزمة بين سورية وتركيا، لافتاً الى ان واشنطن تؤيد جهود الرئيس حسني مبارك لتسوية الأزمة. وأجرى الرئيس مبارك امس اتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي عقب استقباله في القاهرة وزير الخارجية السوري الذي سلمه رسالة من الرئيس الأسد تتعلق بالأزمة. وعلمت "الحياة" ان الرئيس الأسد اكد في الرسالة استعداد سورية لپ"فتح حوار سياسي مع تركيا ولكن من دون شروط مسبقة"، ودعا الى "طرح كل طرف مواقفه في الحوار". ووصف مصدر مصري رد سورية على الاقتراحات المصرية لإنهاء الازمة بأنه "ايجابي" يمهد الطريق امام احتواء التوتر وحل الأزمة. وعُلم ان الشرع حمل الى مبارك ملفاً "تضمن" مخاوف سورية رداً على الملف الذي سلمه ديميريل الى مبارك خلال زيارة الرئيس المصري لأنقرة الأربعاء الماضي. وصرح موسى الذي حضر لقاء مبارك والشرع، ويعد لزيارة انقرة انه "تم بحث المشكلة من كل النواحي بهدف التقدم نحو نزع فتيل التوتر"، وعبّر عن أمله بأن "تكلل المساعي المبذولة بالنجاح". ووصف الشرع الازمة مع تركيا بأنها "مفتعلة" و"مصدر قلق للجميع"، وشكر لمبارك جهوده المستمرة لايجاد حل و"اعادة الامور الى طبيعتها بين سورية وتركيا كبلدين جارين بعيداً عن التصعيد والتهديد". وشدد على "رفض سورية التهديد"، وقال: "أكدنا رغبتنا الصادقة في ايجاد حلول ديبلوماسية لحل المشاكل العالقة وفي مقدمها المشكلة الأمنية". وعن اتهام تركيا لبلاده بإيواء حزب العمال الكردستاني رفض الشرع الخوض في التفاصيل، وقال: "اشقاؤنا في مصر هم الذين سيتابعون نقل وجهة نظرنا للجانب التركي، ونحن واثقون بأنهم سينقلونها بدقة وأمانة". واستدرك: "ان هذه الهواجس التي سمعنا عنها لم تكن في محلها، ونعتقد ان اموراً داخلية تركية ادت الى عكسها على المستوى الخارجي بالنسبة الى الجارة سورية". وأعرب عن أمله بأن "تثمر الجهود في ازالة كل ما يشوب العلاقات بين سورية وتركيا بما فيها القضية محل السؤال". وتابع ان "سورية تريد حلاً نهائياً لأي مشكلة تواجه العلاقات السورية - التركية". وقال: "هناك مشاكل داخلية وبعد اسرائيلي، وأشياء من قبل بعض المسؤولين الأتراك الذين لا يريدون ايجاد مناخ طبيعي وحسن جوار". وعلمت "الحياة" ان مبارك حمّل الشرع رسالة الى الرئيس الاسد شدد فيها على اهمية عدم التصعيد الاعلامي بين سورية والاردن وتهدئة الاجواء بين البلدين ونبّه الى "خطورة حرب اعلامية بين البلدين الشقيقين تصب في رصيد اطراف اخرى". وطمأن مبارك سورية، استناداً الى اتصالات مصرية - اردنية، ان الاردن "لن يكون طرفاً في حرب على سورية، ولم ينضم الى اي تحالفات تؤدي الى الاضرار بموقع سورية". وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" في دمشق ان الشرع نقل امس الى القاهرة "رداً سورياً" على الملف الذي حمله الرئيس ديميريل الى الرئيس المصري حسني مبارك الاسبوع الماضي، وان "القيادة السورية عقدت اجتماعات لصوغ الموقف رداً على الاتهامات التركية". واشارت الى ان الموقف السوري يتضمن "افكاراً تتعلق باستئناف اجتماعات اللجان الثنائية في المجالات الامنية والسياسية والمائية، وتخفيف وتيرة العلاقات العسكرية التركية - الاسرائيلية التي تهدد الامن السوري والقومي، وحل المشاكل الثنائية من دون تدخل اي طرف ثالث مع التزام الامن المتبادل وحسن الجوار". وينوي وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم زيارة عدد من عواصم الشرق الاوسط لشرح موقف انقرة. واستبق ديميريل جولة الوزير بتحذير للدول العربية من مساندة دمشق. وقال في تصريح نشرته صحيفة "ميليت" امس: "رسالتي واضحة. انها مشكلة بين بلدين، واي دولة ترى في ذلك فرصة لاتخاد سياسات معادية لتركيا ستواجه العواقب". في الوقت ذاته قال رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز في لهجة تحذير: "إذا لم تتخذ سورية خطوة الى وراء ستتقدم تركيا خطوة الى امام". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن يلماز قوله لرجال اعمال في اسطنبول ليل الجمعة ان "سورية لا تستطيع الاستمرار وكأن شيئاً لم يكن لأننا سنذهب الى النهاية". واضاف في تصريحات نقلتها وكالة "الاناضول" ان تركيا "جرّبت الطرق الديبلوماسية كافة منذ 15 سنة ولن تستطيع ابداء المرونة وليست قادرة على التحمل اكثر، واذا كانت سورية تعتبر موقفنا خدعة سيكون عليها تحمل المضاعفات".