قال المهندس وائل كنعان، المدير العام ل "شركة القدس للاستثمار والإعمار"، ان الشركة تعرفت على عدد من المشاريع وأنها تقوم الآن بالأعمال اللازمة لتنفيذها. وأضاف في حديث أجرته معه "الحياة" ان الشركة التي تأسست برؤوس أموال فلسطينية وعربية العام الماضي ستبدأ العمل قريباً لتحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها. وأوضح كنعان ان الهدف الرئيسي للشركة الاستثمار في مجال الأراضي والعقارات في القدس على خلفية اجتماعية وانسانية تمكن الفلسطينيين من أبناء القدس من البقاء في مدينتهم في سكن لائق ومناسب، ولكن من دون أن يكون لها طابع سياسي. وقال ان هذا الهدف "ليس سهلاً" في ضوء سياسة تهويد القدس التي تنتهجها الحكومات الاسرائيلية والعقبات التي تضعها اسرائيل أمام الفلسطينيين الراغبين في بناء منازل لهم ولعائلاتهم، وأشار الى أن اسرائيل لها حق مصادرة أي أرض غير مستثمرة، وبذلك تصبح كل أرض غير مستثمرة مهددة بالاستيلاء عليها، مما يجعل من بناء المساكن والعقارات أمراً ضرورياً لانقاذها من المصادرة. فضلاً عن أن ترك الأرض غير مستغلة يرتب على صاحبها دفع ضريبة تسمى ضريبة عدم استغلال الأراضي. وإذا طالت المدة تم الاستيلاء عليها، وإذا كانت قطعة الأرض خارج التنظيم وحاول صاحبها تنظيمها فإنه يتعين عليه عند ذلك دفع ضريبة باهظة. وذكر كنعان ان العقبات لا تنتهي عند هذا الحد، اذ أن الراغب في البناء سيفاجأ بأن أجور الترخيص قد تصل الى 100 ألف دولار وذلك عدا المعاملات والاجراءات الأخرى. فالحصول على المخطط التنظيمي يكلف نحو 15 ألف دولار والحصول على الرخصة يحتاج الى 10 آلاف دولار، اضافة الى المعوقات البيروقراطية الأخرى. ويحتاج تشييد بناية الى موافقة من وزارة الداخلية أيضاً مما يجعل انجاز معاملة ترخيص بالبناء تستغرق نحو عامين في أقل تقدير. وأوضح أن البناء مسموح في القدس الجديدة الواقعة خارج أسوار المدينة القديمة والتي يعتبر البناء فيها من المحرمات فلا يسمح فيها إلا بأعمال الترميم. وقال كنعان ان نسبة البناء المسموح بها في أي قطعة أرض في القدس تراوح بين 50 و70 في المئة، وهي نسبة منخفضة جداً لو تمت مقارنتها بأسعار الأراضي الباهظة، أما البناء التجاري فترتفع النسبة فيه الى 10 في المئة. غير أن نسبة الضريبة ترتفع مع ارتفاع النسبة المستغلة مما يجعل عدم البناء أوفر وأفضل بالنسبة لعدد كبير من أصحاب الأراضي. واستعرض وضع المدينة المقدسة من حيث مساحتها ومساحة الأراضي التي يسمح البناء عليها، فقال ان مساحة القدس قبل احتلالها من قبل اسرائيل عام 1967 لم تكن تزيد على ستة آلاف دونم. غير أنها أصبحت بفضل التقسيمات الادارية الاسرائيلية بعد احتلالها وبعد مصادرة جزء كبير من أراضيها بوصفها أملاكاً للغائبين نحو 70.5 ألف دونم، مشيراً الى أن من لا يحمل هوية القدس تعتبر أمواله المنقولة وغير المنقولة أملاك غائبين. وأوضح ان ما تبقى من أراضي القدس موزعة على النحو التالي: نحو 34 في المئة من هذه المساحة مصادرة بحجة المصلحة العامة وهي مساحة أقيمت عليها 15 مستوطنة. هناك ما يعادل 28 ألف دونم، أي ما نسبته 40 في المئة من المساحة المشار اليها يمنع البناء عليها بحجة أنها أراض خضراء. وقال كنعان ان السلطات الاسرائيلية بدأت اقامة مستوطنة أبو غنيم على هذه الأرض تحديداً. هناك 18 ألف دونم يمكن البناء عليها، غير أن السلطات الاسرائيلية صادرت منها نحو 6 آلاف دونم، أي ما نسبته 30 في المئة منها لتقيم عليها مستوطنات. كما صادرت السلطات الاسرائيلية نحو 1500 دونم، أي ما نسبته 8 في المئة لاقامة مستوطنات جديدة عليها. وهناك ما نسبته 43 في المئة يمنع البناء عليها لأن السلطات الاسرائيلية تريد إعادة تقسيمها. كما ان هناك مناطق سكنية يمكن للفلسطينيين البناء عليها تقدر بنحو ثلاثة آلاف دونم. أي أن للفلسطينيين أن يقيموا بيوتاً على ما نسبته 4 في المئة من مجمل مساحة القدس البالغة أكثر من 70 ألف دونم. وفي ما يتعلق بأراضي الوقف في مدينة القدس، قال انه يشكل ما نسبته 80 أو 90 في المئة من مساحتها. غير أنه من المحظور بيعها أو شراؤها، مما يجعلها عرضة للمصادرة وهو ما حدث بالنسبة لكثير من هذه الأراضي. وأكد ان الشركة تسعى الى الاستثمار في الأراضي المسموح بالبناء عليها وكذلك في الأراضي أو البنايات الوقفية. وذكر كنعان "ان الشركة تحاول مساعدة أهالي القدس من خلال مشاركتهم في البناء على أراضيهم، فمنهم الأرض ومنا تكاليف البناء، وذلك على أساس استثمار البناء المقام لمدة محددة ثم ارجاع البناء الى صاحبه بعد أن يكون قد در ربحاً على الشركة. ويأتي الدور بعد ذلك على صاحب الأرض لاستثمارها"، مشيراً الى أن الأمر نفسه ينطبق على أراضي الوقف الذري أو الاسلامي أو أراضي الكنيسة المسيحية بمختلف طوائفها. وقال ان الشركة تمكنت على رغم كل هذه العقبات من أن تتعرف على عدد من المشاريع لمباشرة العمل الاستثماري، فيها مكرراً ان الهدف من نشاط الشركة الاستثماري المحافظة على ما تبقى من أرض القدس ومساعدة أهلها على الصمود فيها. وكانت "شركة القدس للاستثمار والإعمار" أشهرت في عمان في تموز يوليو من العام الماضي، بعدما سجلت في وقت سابق في فيرجن آيلاندز البريطانية باعتبارها شركة اوفشور برأسمال مقداره 100 مليون دولار.