عشية الذكرى السنوية ال37 ل «يوم الأرض» الذي استشهد فيه ستة من فلسطينيي ال 1948 برصاص الشرطة الإسرائيلية دفاعاً عن الأرض والمسكن وضد سلب ما تبقى لديهم من أرضٍ، أكد تقريران جديدان، واحد فلسطيني وآخر إسرائيلي، أن الاحتلال الإسرائيلي بات يتحكم ب85 في المئة من أرض فلسطين التاريخية بعد أن سلب مئات آلاف الدونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع) من أراضي عام 1967 ليقيم عليها أكثر من 500 مستوطنة. وأوردت صحيفة «هآرتس» في عنوانها الرئيس أمس اعتراف «الإدارة المدنية» في جيش الاحتلال بأنه منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، صادرت إسرائيل حوالى نصف الأراضي المعرّفة «أراضي دولة» لتقيم عليها المستوطنات، بينما سُمح للفلسطينيين باستغلال 0.7 في المئة منها، أي فقط 8600 دونم من مجموع مليون و300 ألف دونم، وهي المساحة الإجمالية ل «أراضي الدولة». وطبقاً للوثائق التي اضطرت «الإدارة المدنية» إلى تقديمها لمحكمة إسرائيلية بطلب من جمعيات حقوقية، فإن الجزء الأصغر من المساحة الإجمالية ل «أراضي الدولة» مسجل في الطابو على اسم المملكة الأردنية الهاشمية التي كانت الضفة جزءاً منها حتى عام 1967، بينما استولت إسرائيل على الجزء الأكبر، أي الأراضي غير المستغلة، وعرّفتها «أراضي دولة» تتصرف فيها على هواها. ووسّعت إسرائيل سيطرتها على هذه الأراضي بعد أن منعت المحكمة العليا الجيش من السيطرة على أراض بذرائع عسكرية تبين لاحقاً أن الغرض الحقيقي منها هو إقامة مستوطنات، ما حدا بسلطات الاحتلال إلى الإعلان عن مساحات شاسعة من أراضي دولة لمواصلة المشروع الاستيطاني من دون عائق قانوني. ووفق الوثائق ذاتها، فإن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يتحكم ب671 ألف دونم من مجموع هذه الأراضي (مليون و300 ألف) بعد أن خصص 400 ألف دونم (30 في المئة) ل «النقابة اليهودية» التي أقامت على غالبية هذه المساحة مئات المستوطنات. وخصص 103 آلاف دونم (7 في المئة) للشركات الخليوية والمجالس المحلية والإقليمية والمباني العامة (للمستوطنات). وتم تخصيص 160 ألف دونم (12 في المئة) للمكاتب الحكومية، مثل شركات الكهرباء والمياه والاتصالات الإسرائيلية، في مقابل 8600 دونم فقط للفلسطينيين، حوالى 80 في المئة منها في محافظة جنين شمال الضفة. وجاء في إفادة ممثل «الإدارة المدنية» أمام المحكمة أن المستوى السياسي، ممثلاً بوزير الدفاع، هو الذي يقرر أي أراضٍ يستولي عليها الجيش لتصبح «أراضي دولة». التقرير الفلسطيني وأفاد مكتب «الإحصاء الفلسطيني» في تقرير نشره أمس أن حوالى 11 مليوناً و800 ألف إنسان يعيشون اليوم فوق أراضي «فلسطين التاريخية» البالغة مساحتها حوالى 27 ألف كيلومتر مربع، 51 في المئة منهم يهود يسيطرون على أكثر من 85 في المئة من هذه المساحة، في مقابل 49 في المئة فلسطينيون محشورون في أقل من 15 في المئة من هذه الأرض، «ما يقود إلى الاستنتاج بأن الفرد الفلسطيني يتمتع بأقل من ربع المساحة التي يستحوذ عليها الفرد الإسرائيلي من الأرض». ويتطابق الإحصاء مع ما أوردته دائرة الإحصاء الإسرائيلية بأن عدد اليهود في إسرائيل (بما في ذلك مستوطنات في أراضي عام 1967)، تخطى في الأيام الأخيرة الرقم 6 مليون من مجموع 8 مليون مواطن، بينما بلغ عدد العرب (داخل حدود 1967) مليوناً ونصف المليون (بمن فيهم أكثر من 300 ألف في القدس والجولان المحتلين). ويشكل اليهود في إسرائيل والمستوطنات في الضفة والقدس أكبر تجمع لليهود في العالم يليه تجمع اليهود في الولاياتالمتحدة (5.5 مليون). وأشار الإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد «المواقع العسكرية والاستيطانية» في الضفة مع نهاية العام الماضي بلغ 482 موقعاً، وأن نسبة المستوطنين باتت تشكل 21 في المئة من سكان الضفة المحتلة، إذ بلغ عددهم مع نهاية عام 2011 حوالى 537 ألفاً. وأردف أن نصف المستوطنين يقيمون في محافظة القدسالمحتلة، منهم 200 ألف في القدس ذاتها. وتشكل نسبة المستعمرين إلى الفلسطينيين في الضفة حوالى 21 في المئة، أما في محافظة القدس، فإن نسبة المستعمرين تبلغ حوالى 68 في المئة. وتابع الإحصاء أن سلطات الاحتلال تصادق شهرياً على بناء ما يزيد على 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، وأن عام 2012 شهد هجمة شرسة على الأراضي في فلسطين طاولت أكثر من 24 ألف دونم بالمصادرة أو التجريف أو الحرق وأكثر من 13 ألف شجرة مثمرة تم تدميرها. وأعلنت سلطات الاحتلال المصادقة على إقامة أكثر من 36 ألف وحدة سكنية تركزت في المستعمرات في محيط القدس. وأوردت «مؤسسة المقدسي» أنه بين الأعوام 2000 و2012 تم هدم حوالى 1124 مبنى في القدسالشرقيةالمحتلة، ما تسبب في تشريد ما يقارب من 4966 فلسطينياً. وأضافت أن إجمالي الخسائر التي تكبدها الفلسطينيون نتيجة عمليات الهدم لمبانيهم في القدس بلغ حوالى ثلاثة ملايين دولار، وهي لا تشمل مبالغ المخالفات المالية الطائلة التي تفرض على ما يسمى ب «مخالفات البناء». ونقلت المؤسسة عن بيانات مؤسسات حقوقية إسرائيلية أن سلطات الاحتلال قامت منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967 بهدم حوالى 25 ألف مسكن، وأن وتيرة عمليات «الهدم الذاتي» للمنازل منذ عام 2000 ارتفعت من خلال قيام سلطات الاحتلال، وعبر المحاكم، بإرغام 303 مواطنين على هدم منازلهم بأيديهم بداعي البناء من دون ترخيص. وتابعت أنه في الوقت الذي يشكل الفلسطينيون 30 في المئة من السكان في القدس، فإنهم يدفعون 40 في المئة من قيمة الضرائب التي تجبيها بلدية الاحتلال، لكن الأخيرة لا تنفق على الخدمات التي تقدمها للفلسطينيين سوى 0.8 في المئة. وفي ما يتعلق بجدار الفصل الذي أقامته إسرائيل في قلب الأراضي الفلسطينية بهدف الضم والتوسع، أشار التقرير إلى أن الجدار يحرم أكثر من 50 ألف من حمَلة الهوية المقدسية من الإقامة في مدينة القدس. وطبقاً ل «معهد أريج للأبحاث التطبيقية»، فإن طول الجدار سيبلغ حوالى 780 كيلومتراً، تم الانتهاء من 61 في المئة منه. وتشير التقديرات إلى أنه وفق مسار الجدار، فإن مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار والخط الأخضر بلغت حوالى 680 كيلومتراً مربعاً عام 2012، غالبيتها أراض زراعية، ومراعٍ ومناطق مفتوحة، أي ما نسبته حوالى 12 في المئة من مساحة الضفة، والباقي مستغلة كمستعمرات وقواعد عسكرية، و89 كيلومتراً مربعاً غابات، إضافة إلى 20 كيلومتراً للمباني الفلسطينية. ويعزل الجدار نهائياً حوالى 37 تجمعاً يسكنها ما يزيد على 300 ألف نسمة، غالبيتها في القدس، بواقع 24 تجمعاً يسكنها ما يزيد على ربع مليون نسمة. يضاف إلى ذلك أن الجدار يحاصر 173 تجمعاً سكانياً يقطنها ما يزيد على 850 ألف نسمة، وتعتبر مدينة قلقيلية أحد الأمثلة الشاهدة على ذلك. وطبقاً للتقرير الفلسطيني، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية نهاية آذار (مارس) من العام الماضي 4900 أسير، بينهم 12 أسيرة و235 طفلاً أسيراً و167 أسيراً إدارياً وحوالى 300 أسير مريض، و14 نائباً و3 وزراء سابقين، بإضافة إلى وجود 105 أسرى معتقلين قبل اتفاق أوسلو، أمضى 76 منهم أكثر من 20 عاماً خلف القضبان، وبينهم 25 أسيراً قضوا ما يزيد عن 25 عاماً في الأسر.